الأثر النفسي والاجتماعي للأزمة في المجتمع السوري

تتواصل الأزمة السورية في عامها السابع، وقد مرّ على المجتمع السوري جملة تحولات متعددة في بنيته الاجتماعية، فقد جاءت الأزمة كالصاعقة ولم تكن هناك استعدادات، فالمجتمع السوري تربى على نوع من العادات والتقاليد والنظم الاجتماعية، وبعد دخول العنصر الخارجي البشري إليه قام بتفكيك البنية الاجتماعية، وعمل على إيجاد فرز عنصري طائفي قام بتفكيك وحدة المجتمع وأسس لمجتمع قبلي همجي في بنيته الجديدة، وهذا خلق في كثير من المناطق أرضية خصبة لاستقبال هذا الغزو الثقافي العنصري، فاستقبل الناس في بعض المناطق الغزاة الجدد وتعايشوا مع الواقع الجديد، فأخذ هؤلاء الغزاة يعملون على سلخ المجتمع عن ثقافته الأصلية وإيجاد ثقافة جديدة تلائم هؤلاء الغرباء.

 لقد تركت الأزمة أثراً نفسّياً واجتماعياً في المجتمع، فعملت على تفكيكه وسلخه عن ثقافته وبنيته الأصلية، وقد عانت الأسرة السورية من التهجير وترك المسكن، وفقدان أحد أبنائها واستشهاد الآخر، كما عانت من الخطف والابتزاز، وانتقلت الأسرة السورية إلى واقع مرير لم تكن تعتاده من قبل، فقد ترك الغزو الثقافي المدعوم من الخارج ندوباً عميقة في نفسية المواطن السوري الذي فوجئ بثقافة جديدة لم يعتد عليها من قبل، ولكن المواطن السوري استطاع من خلال إرادته القوية وشجاعته النادرة التأقلم مع الواقع الجديد، وتحمّل المصاعب وناضل في سبيل التغلب على هذا الغزو الأرعن، فاليوم استطاع المواطن السوري الخروج من عمق الأزمة منتصراً على مفرزاتها ومكوناتها الخارجية، بفضل وعيه الوطني وشعوره القومي بوحدة أرضه وشعبه، فلم تستطع الأزمة رغم الصعوبات التي عاناها المواطن من قهر صموده والنيل من عزيمته وإرادته رغم وجود أصحاب نفوس ضعيفة ومريضة مشت مع مفرزات الأزمة وسايرتها وتأقلمت معها، ولكن على قلتها بقي المجتمع متماسكاً بحدوده الوطنية والقومية، فالتربية الوطنية والقومية التي تربى عليها المواطن السوري واللحمة الاجتماعية منعتا الأزمة من التغلغل والتغلب على الثقافة الأصلية للمجتمع، فإرادة الشعب وصموده واستقراره كفيلة بالتغلب على المصاعب والتحدي والغزو الخارجي وتبقى العزة والكرامة له.  

العدد 1105 - 01/5/2024