الأم.. عيد يومي

الأم هذه القديسة التي نشتاق إليها في سكينتنا، بقربها وبعدها في ليلنا الممزوج بالتعب، ألا تستحق أن نكتبها في صفحات قلوبنا ونضعها في عرش محبتنا؟ هل يجب أن ننتظر عيد الأم لنتذكر كم زرعت حباً وفرحاً ليزهر مستقبلنا بضحكاتٍ مستمرة؟! هل ننتظر ذلك الشهر الذي حفظه التاريخ ليكون فقط ذلك العيد هو عيدها؟

لا، سيكون كل يوم عيدك يا أمي، وسأشعل الشموع كل يوم لأذوب في قلبك ولتكوني نوراً يضيء روحي من جديد. لماذا لا نعرف قيمة الأشياء حتى يذكّرنا بها تاريخ ويوم معين؟ وكيف لا نكتشف هذه الثروة اللامعة حتى نفقدها؟ من سهرت وربت وبكت وتحملت قسوة الأيام لنكبر ونصبح مثلما اشتاقت إلينا ونحن كبار وعشقتنا ونحن أطفال. اليوم الأم السورية تتحمل عبئاً كبيراً وصار الهم والحزن يحاصرها من كل الجهات وبتنا نسمع كلمة (أم الشهيد) ما أروعها من كلمة! وما أقساها من معنى! أم فقدت جميع أولادها وقالت: أفديك يا وطني! أقدمهم قرباناً لك ولنصرك! هذا المعنى الأكبر للأمومة بهذه المعاناة تتجلى وتكبر، فلنحتفل بها في كل يوم، وتلك الأم التي فقدت زوجها في الحرب الكونية على سورية، وعندها أربعة أبناء حملت الدموع والغصة في قلبها وطار الفرح منها لتمنحه لأطفالها الصغار وترعاهم من بعده، وتؤمّن كل احتياجاتهم وتحميهم من برد الدنيا ومن خوف محدق بهم، وأم تنتظر عودة ابنها من الخطف وابن اشتاق إلى حضن والدته.

وطفلة تكتب رسالة لأمها المتوفاة.

وصبية تبعد آلاف الأميال عن عيون أمها الحنون التي تجتمع فيها كل قوة الدنيا وتكتبها قصيدة على مسامع الناس.

من منا لا يشتاق إلى والدته الطيبة وأكلاتها ذات الطعم المميز؟ كل فرد فينا يرى أن مذاق طعام والدته هو الأحلى.

أما الشعراء فتغنوا بها، والأصوات نادت باسمها..

كل المدارس أبوابها مغلقة إلا مدرسة الأم، أبوابها مفتوحة يزينها الياسمين، هي أفنت عمرها لتربي أولادها وأهملت نفسها وأدركت أن كل ما تحمل من عطاءٍ وقوة وحنان يجب أن تعطيه لأولادها. هذه الياسمينة الشامية تجمع كل الأحبة حولها والكل يتطيب بها ويأخذ من جمالها ويبدع.

فهل فكرنا يوماً بأن نتبادل الأدوار؟!

يا ست الحبايب!

نقف جميعاً لك ونصلي من أجلك في كل يوم هو عيدك، لا ننتظر ذلك التاريخ لنحتفل، قررت أن تكون كل الأوقات والدقائق والأيام هي عيدك.

(أمي) تلك الحروف الثلاثة هي حروف من ألماس.

ساعدوا أمهاتكم واحتفلوا بهنّ في كل الأيام.

العدد 1104 - 24/4/2024