الأمان والسلام أغلى هدية لأمهات سورية

 أول ترنيمة للروح والذاكرة…

وأول احتضان في رحم الوفاء…

أول لمسة دفء تُدثّر الجسد…

وأول الحروف… والأبجديات:(ماما)

أمي.. يا سنديانة تتغلغل جذورها عميقاً في كياني.. لتهبني الحياة والحب والإيثار..

هي ذي الأم التي تختصر الحياة بكل أبعادها ابتسامة ولمسة تهديها للكون أزهاراً تتفتّح فوق براعمها نضرةً، تغدو مستقبلاً ألقاً وأجيالاً تُعدّها زاداً للوطن.

للسنة السادسة، ينأى عيد الأم بنفسه عن أمهات سورية، فوشاح الحزن مخيّم يغطيها، وأمهاتها غارقات في لُجج الأنين.. فعلى مشارف عيدهن كل عام هدية مُفخخة تُلهب قلوبهن.. تكوي مآقيهن دموع الحزن وصبر الانتظار…للسنة السادسة، يحلُّ عيد الأم في سورية وقد أُنهِكَت أمهاتها الثكالى، والأرامل والمفجوعات بشتى أنواع الفجائع والمحن..

فأيُّ عيد لأم تفتقد اليوم من يُعينها على أعباء أسرة وأطفال فقدوا الأب في حرب لا ناقة لهم فيها ولا بعير.. حرب تُغذيها الأموال والمخططات على جميع الجبهات ومن جميع الأطراف، والخاسر الوحيد فيها هو الشعب والوطن الذي كاد أن يغدو فقيداً..؟

أيُّ عيد لأم تذروها رياح النزوح أشلاء متناثرة أمام قسوة حياة المخيّمات وذُلّها، ووطأة القدر المتربّص بأبنائها حينما صار الصغار وقوداً لغضب الطبيعة وفتك المرض… والكبار منهم كسباً لدول شاخت مجتمعاتها..؟

أمهات سورية في عيدهن اليوم، يتقاسمن حزناً عشّش في الروح.. وقهراً استوطن القلوب، وآهات تحرق بلظاها مساحات الكون على أبناء ذهبوا ضحية الغدر والخيانة والولاءات المشبوهة..

أمهات سورية، في عيدهن اليوم لا يرغبن بهدية سوى الأمان والسلام.. وعودة من هاجروا أو هُجّروا.. كي تُشرق شمس الأمومة في بلد المحبة والياسمين..

العدد 1105 - 01/5/2024