أيها السوري.. من هي الضحية الكبرى؟

 من هو الذي يتحمّل عبء تعويض الأطفال عن تردي التعليم في المدارس بسبب اكتظاظ الصفوف بعد تعطّل الكثير من المدارس بسبب الأعمال القتالية؟

من هو أكثر من تنتابه الكوابيس، لابتعاد أولاده عنه سواء مهاجرين، أم على خطوط القتال؟

من هو من باع حليّه الذهبية، وأفضل متاعه كي يؤمّن زوّادة طعام لابنه العسكري عندما يأتي إلى المنزل في إجازة؟

يا أصحاب الكراسي المخملية من المتعنتين إزاء تقديم تنازلات منطقية تتيح تسوية سياسية للأزمة السورية، أمهاتنا باتت تنام حُبلى بالقهر، عيونهن حُبلى بالدموع، حناجرهن تَلِدُ غصّاتٍ وغصات.. ارحموهنَّ، لا ذنب لهنَّ فأوقفوا عذابهنَّ.. ارحموا الأم السورية.. كانت تحمل أولادها في أحشائها، واليوم تحملهم في عيونها، أحلامها، زفراتها وتنهيداتها.. إن حسّ الأمومة يصنع المعجزات.

ذات مساء شاهدتُ عصفوراً صغيراً سقط من عشه، دنوت منه فهاجمتني أمه، ونجحت في إخافتي وابعادي.. كرة صغيرة من الريش بحجم قبضة طفل أخافتني وأبعدتني بصراخها وانقضاضها على وجهي ورأسي.. واليوم الأم السورية تواجه ما يفوق جميع قدراتها على الاحتمال ورغم ذلك مازالت تناضل.. كثيراً ما رأيتُ أمهاتٍ يعملن بائعات متجولات يجلسن بكل هدوء وأمامهن سلع بسيطة، الأمهات اللواتي يعملن أكثر من أولئك اللواتي يتسولن بعد أن هجّرتهن الحرب وسلبتهن المُعيل.. تلك هي الأم السورية.

ولكن لا تصيبني المناسبات والأعياد بـ(العوَر) فكل يوم بالنسبة لي هو مناسبة للحفاظ على الموضوعية.. يجب على الأمهات المهملات أو السلبيات التعلّم من الأمهات العظيمات.. نعم، فليست كل أم هي أم صالحة مُصلحة في المجتمع.. فأولئك المجرمون الذين تملأ ملفات أفعالهم الشنيعة أدراج المحاكم ورفوفها وطاولاتها أليس لديهم أمهات!!.؟ أولئك الذين يُزنِّرون أنفسهم بالجحيم ثم يطلقونه على الأبرياء وعلى أنفسهم، أليس لديهم أمهات!!.؟

خلاصة القول.. أنثى لم تكن أمّاً صالحة هي أنثى لم تكتمل أنوثتها.

العدد 1105 - 01/5/2024