الرئيس الأسد لصحيفة إكسبرسن السويدية: خطورة الإرهاب تنبع من دعم توفره دول وزعماء بشكل أساسي في الغرب

أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن خطورة الإرهاب في منطقتنا تنبع من المظلة السياسية التي يوفرها له عدد من الدول والزعماء والمسؤولين وبشكل أساسي في الغرب، ومن عدم وجود منظمة دولية فعالة يمكن أن تمنع بلداً من استخدام الإرهابيين كعملاء ووكلاء ليدمروا بلدا آخر.

ولفت الرئيس الأسد في مقابلة مع صحيفة (إكسبرسن) السويدية إلى أن الإرهاب في منطقتنا والعالم يستند إلى الايديولوجيا الوهابية.. وتنشر (النور) مقاطع هامة منها.

حول خطورة الوضع بعد اجتياح داعش مخيم اليرموك والنصرة مدينة إدلب قال السيد الرئيس:

طالما تتحدث عن الإرهاب.. فهو دائماً خطر.. في أي زمان أو مكان وفي أي حالة كان. هذا ما يمكن قوله دائماً عن الإرهاب، وهذا لا يرتبط مباشرة بالمثال الذي ذكرته.. لأن ما ذكرته يشكل أحد تجليات الإرهاب فقط. إنها عملية طويلة بدأت قبل سنوات.. حتى قبل بداية الأزمة في سورية. الإرهاب خطر لأنه لا يعرف حدوداً ولا قيوداً.. ويمكن أن يضرب في أي مكان. الإرهاب ليس قضية محلية ولا حتى إقليمية، إنها مشكلة عالمية. ولهذا السبب نقول إن الإرهاب خطير دائماً.. هذه المرة تنبع خطورته من تمتعه بمظلة سياسية يوفرها عدد من الدول والزعماء والمسؤولين.. بشكل أساسي في الغرب. العديد من أولئك المسؤولين لم يروا الواقع على حقيقته في البداية. لقد بات الأمر أكثر خطورة الآن بسبب غياب القانون الدولي وعدم وجود منظمة دولية فعالة يمكن أن تحمي بلداً من بلد آخر يستخدم الإرهابيين كعملاء ووكلاء ليدمروا بلدا آخر. هذا ما يحدث في سورية. ولهذا أقول.. نعم الوضع خطر.. لكن في الوقت نفسه.. فهو قابل للعكس. وطالما كان قابلاً للعكس.. فإن الأوان لم يفت للتعامل معه.. سيكون الأمر أكثر خطورة بمرور الوقت عندما يشحن الإرهابيون قلوب الناس وعقولهم.

وحول إذا غيّرت تركيا وقطر والسعودية الأجندة الخاصة بهما تجاه سورية، قال الرئيس الأسد:

أولاً.. هذه ليست دولاً مستقلة.. وبالتالي فهي لا تمتلك أجندة خاصة بها. في بعض الأحيان يكون لهم سلوكهم ضيق الأفق أو الانتقامي أو المبني على الكراهية والذي يستخدم في أجندة الآخرين. ولنكن صريحين هنا.. ففي بعض الأحيان كان ذلك يصب في أجندة الولايات المتحدة. وبذلك لا نستطيع القول إن لديهم أجندتهم الخاصة بهم.. لكنهم لم يتغيروا. ما زالوا يدعمون الإرهابيين أنفسهم.. لأن هذا السلوك لا يتعلق بالأزمة في سورية.. لقد دعموا الإرهابيين في أفغانستان.. من خلال دعمهم للأيديولوجيا الوهابية والتطرف الذي أفضى إلى الإرهاب مؤخراً في أوربا. لقد قدموا هذا الدعم لعقود.. وهم الآن يدعمون الأيديولوجيا نفسها والفصائل نفسها لكن تحت مسميات مختلفة في سورية. إذاً.. لم يتغير شيء لأن هذا سلوكهم الطبيعي.

وحول لقاء الوفد الرسمي السوري وجزء من المعارضة مؤخراً في موسكو، وما تمخض عن ذلك الاجتماع من نتائج فعلية، قال السيد الرئيس:

في الواقع نعم.. نستطيع أن نقول ذلك، لأن هذا الاجتماع كان المرة الأولى التي يتم فيها التوصل إلى اتفاق.. لأنه كما تعرف كانت هناك عدة حوارات من قبل.. اتفاق على بعض المبادئ التي يمكن أن تشكل أساساً للحوار القادم بين السوريين. لم ننته من ذلك بعد.. لأن جدول أعمال ذلك الاجتماع كان شاملاً جداً، وبالتالي فإن أربعة أيام لم تكن كافية في الواقع.. استمرت الاجتماعات أربعة أيام.. لكن دام الحوار بين الحكومة وممثلي المعارضة يومين. لم يكن ذلك كافياً لإنهاء جدول الأعمال.. لكن عندما يكون هناك اختراق.. حتى ولو كان جزئياً.. فإنه يعني أن الاجتماع القادم سيكون واعداً من حيث التوصل إلى اتفاق تام حول مبادئ الحوار الذي سينتهي إلى حل للصراع في سورية.

وعن رأيه بما يخطط له ستافان دي ميستورا لعقد سلسلة من المشاورات التي ستبدأ في أيار أو حزيران لتقييم فرص إيجاد أرضية مشتركة بين الدول الرئيسية المهتمة بالصراع، قال:

في الواقع.. أنا أتفق مع دي ميستورا حول هذه النقطة، لأننا إذا أردنا أن ننظر إلى الصراع في سورية على أنه مجرد صراع داخلي بين فصائل سورية.. فإن ذلك غير واقعي ولا موضوعي. في الواقع.. فإن المشكلة ليست معقدة جداً.. لكنها أصبحت معقدة بسبب التدخل الخارجي.. وأي خطة تريد أن تنفذها في سورية اليوم من أجل حل المشكلة.. وهذا ما واجهته خطة دي ميستورا في حلب.. ستفشل بسبب التدخل الخارجي. هذا ما حدث في حلب.. عندما طلب الأتراك من الفصائل أو الإرهابيين الذين يدعمونهم أو يرعونهم أن يرفضوا التعاون مع دي ميستورا. وهكذا أعتقد أنه يعلم أنه ما لم يتمكن من إقناع هذه البلدان بالتوقف عن دعم الإرهابيين وترك السوريين ليحلوا مشكلتهم.. فإنه لن ينجح.

وحول نظرته إلى سياسة السويد كبلد وحيد في أوربا يمنح حق الإقامة الدائمة للأشخاص الذين يهربون من الحرب في سورية، قال السيد الرئيس:

أعتقد أن هذا موضع تقدير في سائر أنحاء العالم وليس فقط في بلدنا.. هذا الموقف الإنساني الذي تتخذه السويد محط تقدير فيما يتعلق بمختلف الصراعات بما في ذلك الصراع في سورية. إذا من الجيد أن يمنح الناس مأوى.. لكن إذا سألت السوريين الذين هربوا من سورية.. (ماذا تريدون؟) فإنهم سيقولون لك إنهم لا يريدون أن يهربوا من سورية بسبب الحرب.. إنهم يريدون إنهاء تلك الحرب. هذا هو هدفهم.. وهذا هو هدفنا. بالتالي.. أعتقد أن من الجيد أن تمنح الناس المأوى.. لكن الأفضل هو أن تساعدهم على العودة إلى بلادهم. كيف؟ أعتقد أن السويد بلد مهم في الاتحاد الأوربي. يمكنه أن يلعب دوراً محورياً في رفع العقوبات، لأن العديد من السوريين الذين ذهبوا إلى السويد أو إلى أي بلد آخر لم يذهبوا بسبب الأعمال الإرهابية فقط.. لقد ذهبوا بسبب الحصار أيضاً لأنهم فقدوا مصادر رزقهم.. ولأنهم يريدون الحصول على أساسيات حياتهم اليومية كان عليهم مغادرة سورية بسبب الحصار.. إذاً.. رفع الحصار الذي أثّر على كل سوري.. وفي الوقت نفسه منع أي بلد أوربي من منح الإرهابيين مظلة تحت أسماء مختلفة.. سواء سموها معارضة سلمية.. أو معارضة معتدلة. لقد بات من الواضح اليوم.. ولقد تم إثبات ذلك.. أن هذه المعارضة التي كانوا يدعمونها هي نفسها كـ (جبهة النصرة) والقاعدة.. والإخوان المسلمين.

الأمر الثالث الذي يمكن أن يقوموا به هو أن يضغطوا على الدول التي تدعم الإرهابيين وتمنع أي خطط للسلام في سورية.. أقصد كتلك الخطة التي ذكرتها.. والتي طرحها السيد دي ميستورا. إنهم يمنعون تنفيذ ذلك في سورية.. وبشكل أساسي السعودية.. وقطر وتركيا. بالتالي أعتقد أن هذه أفضل مساعدة إنسانية وسياسية يمكن أن تقدمها السويد للشعب السوري.

وعن رؤيته لمستقبل سورية قال الرئيس الأسد:

رغم كل الألم والدمار وإراقة الدماء.. علينا أن ننظر إلى البقعة البيضاء في لوحة مظلمة. هذه الأزمة ستجعل كل سوري يعيد التفكير بنقاط الضعف التي كانت لدينا. في مجتمعنا.. على سبيل المثال.. فإن العديد من المتعصبين لم يروا الخيط الرفيع الفاصل بين كون المرء متعصباً وكونه متطرفاً. كثيرون لم يروا الخط الرفيع الفاصل بين التطرف والإرهاب. ولذلك.. فإن هذه الأزمة ستدفع المجتمع بأسره للتحول نحو الاعتدال.. رغم أني أتحدث عن مجتمع معتدل.. لكن في كل مجتمع معتدل هناك زوايا وجيوب متعصبة. وهكذا.. أعتقد أن هذا سيدفع المجتمع لتقدير ما كان لدينا على مدى تاريخنا من حيث الاعتدال والاندماج كألوان مختلفة في الطيف السوري الواحد. من هذا المنظور.. أعتقد أن هذه ناحية إيجابية لبناء المجتمع. إن إعادة بناء البلد ليست مشكلة.. فأي بلد يمكن إعادة بنائه لاحقا.. لكن التحدي الرئيسي هو كيفية تنقية الجيل القادم الذي شهد هذه البشاعات من ركام ما رأوه نفسياً وأخلاقياً. هذا هو التحدي في رأيي. وأنا لست متشائماً. أعني إذا تمكنا من التخلص من الإرهابيين فأنا لست متشائماً حيال مستقبل سورية.

 

العدد 1105 - 01/5/2024