الشباب المتطوّع.. طاقة للتغيير والعطاء

يتميّز الشباب عامة بميلهم الدائم للانتماء إلى مجموعات إنسانية تقاربهم بالرؤى والتطلعات، أو تكون بحاجة إلى جهودهم المتنوعة والفعّالة باعتبارهم طاقة إنسانية تتميّز بالحساسية والحماسة والجرأة والمثالية المترفعة عن المصالح الذاتية والانتماءات الضيّقة. 

وتُعتبر المبادرات الشبابية أحد أهم روافد العمل المدني الذي تحتاجه المجتمعات قاطبة سواء في السلم أو الحرب، ذلك أن أيّ دولة في العالم لا يمكنها منفردة التصدي لكل مسؤولياتها تجاه مواطنيها، فكيف إذا كانت في حالة حرب عبثية جرفت في طريقها كل شيء..؟

وعلى مدى سنوات الحرب السورية التي ما زالت نارها مضطرمة ومتأججة لا تجد للخمود طريقاً، أثبت معظم الشباب السوري بمختلف أعمارهم وأطيافهم وانتماءاتهم أنهم على مستوى عالٍ من المسؤولية الإنسانية والشخصية التي أهّلتهم للقيام بواجباتهم على مختلف الأصعدة، فقد قادوا العديد من الأنشطة الاجتماعية الطوعية التي تطلبتها الظروف الراهنة، سواء في منظمات رسمية أو أهلية أو على شكل مبادرات فردية وجماعية، وذلك في مختلف الميادين والاتجاهات المادية والمعنوية، وقد تمثّل بعضها بتقديم المعونات، أو الخبرات التي اكتسبوها من خلال دراستهم أو مهنهم، أو حتى هواياتهم واهتماماتهم، فكانت مبادراتهم تلك بمثابة نهر وهب المحتاجين بعض مائه العذب وسط لهيب حرب عبثية مجنونة.

وقد أخذت تلك المبادرات أشكالاً متنوعة صحية أو اجتماعية أو ثقافية أو… الخ، وذلك بغية نشر الوعي المجتمعي بالقضايا المطروحة من جهة، وتقديم المساعدة اللازمة للشرائح والفئات المحتاجة والمُستهدفة. إذ كانت هناك مبادرات عملية لتمكين قدرات المرأة ودعمها في مختلف الميادين، كي تكون قادرة على القيام بالمهام الجسام التي دفعتها الحرب لحمل عبئها منفردة في غالب الأحيان. كما كانت هناك مبادرات سعت باتجاه تقليص نسب التسرّب المدرسي، لاسيما للأطفال القادمين من مناطق ساخنة أجبرتهم الحرب فيها على هجر مدارسهم وبيوتهم، فقد قام الشباب بتدريس الأطفال سواء في مراكز الإيواء أو في مناطق إقامتهم، أو حتى أماكن وجودهم في الشوارع. إضافة إلى مبادرات فنية(موسيقية، رسم ونحت، غناء.. الخ) وذلك بهدف جذب الأطفال لاتجاهات تبعدهم ما أمكن عن التشرّد والتسوّل وما شابه.

وانطلاقاً مما ذُكر، نجد أنه من الضروري جداً تسليط الضوء على تلك المبادرات إعلامياً واجتماعياً وسياسياً، دعماً لجهود الشباب مادياً ومعنوياً باعتبارهم طاقة خلاّقة للتغيير والعطاء، من أجل الاستمرار في الدرب الذي اختطوه لأنفسهم وللمجتمع. 

 

العدد 1107 - 22/5/2024