شباط وآذار في تراث الفلاحين السوريين

يتغنى السوريون بتراثهم الجميل الموروث من حضاراتهم الإنسانية التي نقلت للعالم مفردات التمدن والعلم، ومنها شهر شباط الذي يفتتح بأول أيامه (السعودات)، التي تبدأ بسعد الذبح (الدابح) من ا شباط وينتهي 13 شباط، وقد سمي بهذا الاسم لشدة برده وزمهريره، ومن الأمثال التي يرددها السوريون في مختلف أنحاء بلاد الشام: (سعد دبح.. لا باب انفتح، ولا كلب نبح!).

يليه سعد بلع (من 13 شباط إلى 25 شباط) تشتد فيه الأمطار وتبتلع الأرض مياهها ويقال فيه المثل: (سعد بلع طاب الماء وانبلع). يأتي بعد ذلك سعد السعود (من 26 شباط إلى 10 آذار) وهو كناية عن سعادة الناس وفرحها بقدوم الربيع وحلول الدفء ويقال فيه المثل: (إذا طلع سعد السعود لانت الجلود وذاب كل جمود بتجري المي بالعود وبيدفى كل مبرود وبيخضر كل عود).

ثم يأتي سعد الخبايا (من10 آذار إلى22 آذار) ويخرج فيه الناس من بيوتهم، والزواحف من أوكارها والحيوانات من مخابئها بعد البيات الشتوي الطويل ويتغنى به السوريين بالمثل: (بتطلع من أوكارها الحيايا وبترقص الصبايا).

أما المستقرضات فهي الأيام الثلاثة الأخيرة من شباط- حسب التقويم الشرقي- وتسمى العجاز أو العجوز لأنها تأتي في عجز الشتاء. تليها الشيوخ أو الحسوم وهي الأيام الأربعة الأولى في آذار، ويقال إن شباط يقترض من آذار هذه الأيام التي يشتد فيها المطر
والبرد وتهطل الثلوج، وتشير الخبرة التقليدية إلى أن أيام العجاز هي الأفضل للزراعة، إذ يثمر الشجر بغزارة وتثبت ثماره، أما في الأيام الشيوخ فإن الشجر يزهر ولا يثمر مهما امتد به العمر،
وأخيراً تأتي ما يسمى بـ جمرة السخنة، وهي أطول فترة في السنة تمتد من بداية آذار إلى أوائل تشرين الأول، ويسود فيها الدفء، وتظهر أولى إشاراتها عندما يخرج دود الربيع بوبره البني المخملي المنقط بالأصفر من غلالاته الشفافة اللامعة ليتجول في أشعة الشمس في إشارة إلى بداية الربيع.

مازال السوريون يحسبون السعودات والعجاز وفق التقويم الشرقي الذي يعتمدونه لتقويمهم الزراعي، ولا تخلو أيام الحسومات من الجلسات الشعبية الجميلة والأحاديث والأمثال التي تعبر عنها.

وويعتبر شهري شباط وآذار من الأشهر الذي تكثر فيها قصص السوريين وحكاياهم الشعبية لما يحمله من طقس غير مستقر ومزاجي, كل سنة زراعية والسوريوت بألف خير وصحة وعجائزنا بصحة جيدة.

العدد 1107 - 22/5/2024