المرأة والرجل… إشكالية أزلية لا تحلّها إلاّ قوانين مدنية

 منذ أن تهاوى عرش عشتار، اغتُصبت مكانة المرأة بقوة عضلات الذكور وتشريعات الأديان التي تسيّدها الرجل منفرداً، منذ ذاك التاريخ، والعلاقة بين الطرفين مقيّدة بإشكاليات بقدر ما هي مُعقّدة، يمكن لحياتهما أن تكون بسيطة يُظللها الحب والاحترام، لو حاول كلٌّ منهما الخروج من شرنقة مفاهيم واهية وتشريعات مُجحفة بحقهما معاً.

فرغم وصول البشرية إلى كل حضاراتها ومنجزاتها العلمية، ما زالت مجتمعاتنا العربية والإسلامية ترزح تحت وطأة قوانين وتشريعات بالية تُعزز قوامة الرجل وسيادته المُطلقة على المرأة، حتى لو كان أقلُّ منها كفاءة ومكانة، مثلما تُعزز أنوثة المرأة على حساب إنسانيتها وعقلها وعلمها ووجودها الفاعل في الحياة، مما أبقى تلك المجتمعات في حالة من الخواء الفكري والروحي الذي أقصاها عن ركب الحضارة بكل علومها وتشريعاتها المعتمدة على الجنسين معاً كأساس ضروري للتقدم والعطاء.

وللإنصاف، فإن المرأة غالباً ما تكون مُتشبثة بما يعزز أنوثتها أكثر مما يجعلها إنسانة، بكل ما لهذه الكلمة من حقوق وواجبات ومعانٍ ترتقي بفكرها ووعيها لتكون شريكة حقيقية وفاعلة على المستوى الشخصي والعام،
وهذا ما يُبقي الرجل مُتشبثاً أكثر بسلطته التي منحته إياها القيم الدينية والاجتماعية والسياسية، وتلك المرأة/ الأنثى المؤمنة بقوامته، والتي لا تكتمل حياتها أو تستقيم إلاّ بإعالته وحمايته لها.
وهناك نموذج المرأة المتأرجحة ما بين الحداثة والتقليدية، إذ تُريحها التقليدية في بعض المواقع وتُعفيها جزئياً من بعض مسؤولياتها، لكنها في الوقت ذاته ترفض سلطة وسيادة الرجل في سعيها للعلم أو العمل،
هذا النموذج من النساء لا شكّ أنه يُعيق ويُعرقل مسيرة المرأة التي تعي حقوقها ومكانتها وإنسانيتها، كما يجعل الرجل متأرجحاً ما بين تقليدية تُعفيه من مسؤولياته الأسرية، وشخصية قوية تكون شريكة حقيقية له، مُدعّماً بقوة الموروث الذي جعله حاكماً مُطلق السلطات.

نتيجة ما سبق، يعيش الرجل ازدواجية مريضة، تؤثّر بالمطلق على حياته وعلاقته بالمرأة مما يخلق إشكاليات مختلفة توّلد صراعاً وتوتراً دائماً بين الجنسين، لا يمكن حلّه أو تعافيه، إلاّ بسيادة القوانين الوضعية- مدنية، علمانية- التي تساوي بين الجنسين في الحقوق والواجبات.

 

العدد 1105 - 01/5/2024