الشعب التركي يصفع أردوغان والسوريون يهزمون الإرهابيين في الحسكة

كما كان متوقعاً، خسر أردوغان انفراده بالسلطة، وخذل الناخبون الأتراك طموح أردوغان (السلطاني)، ووضعوا حداً لعربدته السياسية، وحجّموا من تماديه في مساندة الإرهاب التكفيري في غزوه لسورية، وحدّوا من آماله بالجلوس على العرش الإقليمي بالتعاون مع شركائه الخليجيين.

لن نمضي بعيداً في تفاؤلنا بتغيير نوعي في السياسة التركية تجاه الأزمة السورية، لكن ما جرى يوم الأحد في 7 حزيران 2015 بعد إعلان النتائج شبه النهائية للانتخابات البرلمانية التركية، سيكون له تداعيات على الصعيد الداخلي التركي، وأيضاً على الصعيد الإقليمي، وخاصة على تورط أردوغان في الأزمة السورية، وسعيه الدؤوب لهدم كيان سورية دولةً، ومجتمعاً، ودوراً سياسياً محورياً.

أردوغان غدا مضطراً لمساومة القوميين الحاصلين على 81 مقعداً، أو حزب الشعوب الكردي الذي حصل على 79 مقعداً، كي يتمكن من تشكيل الحكومة، فمقاعده البالغة 258 لا تسمح له بالانفراد في تشكيل هذه الحكومة.

القوميون لا يوافقون على سياسات أردوغان الداخلية، وخاصة تجاه الأكراد، أما الحزب الكردي فقد أعلن مسبقاً عدم دخوله في أي ائتلاف مع أردوغان، وهكذا سيجد أردوغان نفسه مجبراً، إما على تغيير سياساته الداخلية والخارجية، أو الاحتكام إلى انتخابات نيابية مسبقة، ربما ستكون نتائجها أشد قسوة على حزبه، وسياساته.. أما احتمال تحالفه مع حزب الشعب الحاصل على 132 مقعداً، فيعدّ بنظر الكثيرين مستحيلاً.

أردوغان لن يكون الخاسر الوحيد بسبب مساندته للإرهاب التكفيري، ومسؤوليته عن سفك دم السوريين، فجميع من ساهم في رسم المخطط الإمبريالي الصهيوني للسيطرة على الشرق الأوسط، وساعد في تنفيذه عبر الفوضى، ودعم الإرهاب الإقصائي في سورية والعراق وليبيا واليمن ومصر، سيلقى المصير ذاته، فالشعوب ربما تسكت يوماً، لكنها لن تسكت أبداً.

السوريون الذين دفعوا ثمن عربدة أردوغان وشركائه الإمبرياليين والخليجيين من دمائهم واستقرار بلادهم، ماضون في تصدّيهم للغزو البربري رغم معاناتهم المعيشية والاجتماعية، وها هم يردون الإرهابيين على أعقابهم في مدينة الحسكة، لكن سعيهم إلى التوافق على مصير بلادهم عبر الحل السلمي، ورسم مستقبلها الديمقراطي.. العلماني، سيجعل من هذا التصدي أشد تصميماً، وأكثر قدرة على هزيمة الغزاة.

المعارضون الوطنيون الذي وقفوا ضد إرهاب داعش وشركائها، والذين أبدوا قلقهم على مصير بلادهم بعد اشتداد الغزو الإرهابي، عليهم أن يدركوا أن بقاء سورية، دولة ومجتمعاً متآلفاً منسجماً، هو الضمانة لأي معارضة أو موالاة، لأن البديل سيكون أسود.. أسود.

فلتّتحد جهود السوريين، وليكن المسعى لحل الأزمة السورية سلمياً- شعاراً للجميع دون شروط تعجيزية، ودون إقصاء ودون تطرف، فبقاء سورية ووحدة ترابها، وانسجام مكوناتها الاجتماعية فوق أي اعتبار آخر.

العدد 1107 - 22/5/2024