الاتجار بالبشر جريمة دولية

تُعدُّ الجريمة المُنظمة من أكبر التحديات التي تتصدى لها المنظمات الدولية والتشريعات الداخلية للدول، إذ تُعتبر هذه الظاهرة الإجرامية الساعية إلى الربح المادي، من أخطر سمات السلوك الإجرامي المعاصر.

وقد عَرّفت المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة، الجماعة الإجرامية بأنها: (جماعة ذات هيكل تنظيمي، مؤلفة من ثلاثة أشخاص أو أكثر، موجودة لفترة من الزمن، وتعمل بصورة متضافرة بهدف ارتكاب واحدة أو أكثر، من الجرائم الخطيرة والأفعال المجرمة من أجل الحصول بشكل مباشر أو غير مباشر على منفعة مالية أو منفعة مادية أخرى.

ويرأس المنظمة شخص منوط به إعداد استراتيجية العمل، ومراقبة تنفيذ الجرائم، وجمع الأرباح المادية الناتجة عنها. ومن أمثلة الجريمة المنظمة: الاتجار في المخدرات، الهجرة غير الشرعية، غسيل الأموال، الاتجار في الأعضاء البشرية، خطف النساء والأطفال لاستغلالهم في السخرة والدعارة.

وتقوم فكرة الاتجار بين البشر على مفهوم أساسي، هو استغلال حاجة فئات معينة من الأفراد أو ضعفها لاستخدامهم بعد النقل من مكان إلى آخر، وهو ذلك العنصر الذي يُميّزه عن نشاط الهجرة غير الشرعية، التي ينتهي السلوك بها عند حد تهريب الأفراد من دولة إلى أخرى.

ونظراً للدور السلبي ممتد التأثير الذي تلعبه الجريمة المنظمة في إجهاض المبادرات الرامية إلى تنمية الشعوب ورقيها، فقد كان لزاماً تضافر الجهود سواء على المستوى الدولي والتجمعات الإقليمية، أم على مستوى الدول فرادى، للتصدي لمكافحة تلك الجريمة بشتى صورها.

أما بالنسبة لجريمة نزع الأعضاء، فلا بدّ أنها من الجرائم الخطيرة التي تؤثّر سلباً على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية للدولة بأسرها. فإلى جانب التأثير الصحي والنفسي يظهر جانب خيانة الأمانة التي سلّمها المريض لطبيبه، وخروج الهيئات الطبية ذات الرسالة السامية عن رسالتها إلى السلوك الإجرامي بغية الربح.

لذا كان لزاماً على المجتمع الدولي وكل دولة بصورة فردية مكافحة تلك الجريمة غير الأخلاقية من خلال سنّ التشريعات المُحَرِّمة لهذا السلوك، وفرض العقوبات المشددة، وتضافر كل الجهات المعنية بالجريمة ومكافحتها، سواء التنفيذية منها أو الاجتماعية والقضائية، للحفاظ على سلامة جسد أبناء الوطن وصحتهم التي يُبنى عليها حاضرهم ومستقبلهم.

أخيراً: إن جريمة الاتجار بالبشر والأعضاء من الجرائم الخطيرة التي تدل على الانحطاط الإنساني، ولأنها ترتبط بأنظمة العبودية التي لازمت تاريخ تطور المجتمعات البشرية والتصقت بنظم الرأسمالية، فمن الواجب العمل على محاربتها بكل الوسائل والسبل.

العدد 1107 - 22/5/2024