مشعوذون بهيئة علماء

البرمجة اللغوية العصبية، العلاج بالطاقة، التنمية البشرية، فن صناعة النجاح، سمات القائد، أو كيف تصبح مديراً أو قائداً أو رئيساً في خمسة أيام بدون معلم… وغيرها الكثير من العناوين التي بدأت تتسلل إلى أجهزة الإعلام وقاعات المحاضرات والندوات والمؤتمرات وورشات العمل في القطاعين العام والخاص والمشترك، في الجامعات والمعاهد، الشركات والمعامل، كلها أُصيبت بعدوى استقدام مدربين في التنمية البشرية وصناعة القائد واستثمار الوقت وغيرها من المواضيع التي تصرف عليها الملايين.

هل كل هذه المؤتمرات واللقاءات هي ركض خلف وهم؟

هل كل هذه الوسائل الإعلامية والمنابر والجامعات والشركات الخاصة والبنوك وغيرها من المؤسسات والجهات العامة والخاصة مخدوعة بالكلام الكثير الذي يردده ممتهنون لهذه المهنة التي أصبح المتسلقون عليها أكثر من الهم على القلب، كما كل المهن التي تنتعش سوقها؟

وقبلها انتشرت وما زالت تنتشر عيادات التداوي بالأعشاب والنباتات وكثرت دكاكين بيع هذه الأدوية الطبيعية وأُنشئت شركات ووكالات لها داخل البلاد وخارجها.

اللافت في الأمر ضمن هذا السياق هو موضوع الألقاب العلمية التي تُلقى جزافاً على أشخاص غير مؤهلين لهذه الألقاب ولم يحصلوا عليها، كلقب دكتور الذي يحتاج إلى سنوات طويلة من الدراسة والجهد، أو لقب مدرب عالمي لشخص لا يتقن أي لغة أجنبية ويحمل شهادات بكل اللغات؟

يخرج عليك خبير بتحليل حركات الجسد فيقدم قراءة لحركات زعيم سياسي بما يلائم تماماً سياسة المحطة التي تستضيفه مثلاً، الأمر يشبه دجالي الأبراج والتوقعات الفلكية الذين لا يقل رواجهم عن رواج مشعوذي العلاج بالطاقة أو التنمية البشرية أو صناعة النجاح وغيرها، فكل محور سياسي أو كل جماعة لها فلكيوها وخبراء التنمية الإدارية الخاصون بها ومحللو حركات الجسد وقراء الكف.. الخ.

إنها شعوذة بغطاء علمي أكاديمي تستعمل أسماء مشاهير الباحثين في هذا المجال من الذين أصبحت كتبهم تترجم إلى عشرات اللغات وتباع بأسعار خيالية، فيقوم هذا العالم أو الطبيب بنسخ صفحات من كتب ستيفن كوفي ويوسف البدر ود. ريتشارد جيربر وباحثين كُثُر أضافوا إلى هذا العلم ما أضافوه، وتقديمه على أنه من بنات أفكاره أو أبحاثه دون أن ينسى الاستشهاد بعدة سطور من هؤلاء للإيهام بمصداقية علمية وفكرية، لتنهال عليه الدعوات إلى البرامج التلفزيونية والندوات واللقاءات، ويتزاحم مرضى يبحثون عن أي أمل بالشفاء على مراكزهم وعياداتهم.

لا يمكن إنكار حقيقة وجود علم العلاج بالطاقة وتجاربه وأهميته، إذ أصبحت كتب أعلامه تُدَرَّس في بعض الجامعات والأكاديميات الطبية، لكن لا بد من ضبط الموضوع وتنظيمه من قبل الجهات المعنية بالصحة والتعليم العالي ومانحي تراخيص العمل لهؤلاء بناء على شهادات ملونة مزركشة بأختام نافرة، حتى لا يصبح هذا الحقل العلمي المبشر بعلاج أمراض مستعصية على الطب العادي للآن كأمراض السرطان والإيدز وغيرها مشاعاً لعاطلين عن العمل ومشعوذين وممتهني الكلام والثرثرة الفارغة وناهبي المرضى الفقراء.

 

العدد 1105 - 01/5/2024