فرنسا.. خطوة إلى الأمام.. خطوتان إلى الوراء!

قوبلت المساعدة الروسية (عاصفة السوخوي) لسورية، بانتقاد وحملة مسعورة من قبل أمريكا وبعض دول الخليج وأوربا، وخاصة من قبل فرنسا.

وإثر أحداث الجمعة الدامية في باريس التي أدهشت الشعب الفرنسي وصدمت الحكومة الفرنسية المتعجرفة في الصميم، مما جعلها لا تتراجع فقط عن انتقاد روسيا، بل وتسعى إلى التنسيق معها عسكرياً. لا يمكن لأي عاقل أو محلل سياسي إثر إسقاط الطائرة الروسية وتفجير بيروت وأحداث باريس أن يتصور أن تبقى مواقف الدول وحكوماتها على ما كانت عليه.. إلا أن موقف الحكومة الفرنسية ورئيسها على وجه الخصوص هولاند من الأزمة السورية، بني على أساس (تجاري) خلافاً لأخلاقيات الثورة الفرنسية في الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ولم أقل مصالح، لأن جميع الدول لها مصالح وتبني علاقاتها ومواقفها وسياساتها على أساس مصالحها.

أما الموقف (التجاري) الفرنسي، فكان صفقات لا تصب استراتيجياً في مصلحة الشعب الفرنسي، فهي بنت علاقاتها مع بعض (المعارضات السورية) مقابل صفقات تجارية مع السعودية وقطر، وأصبحت تاجراً لبيع المواقف والتصريحات، واحتل هولاند صدارة الإعلام البروبوغندي تجاه أي حل للأزمة السورية، وأعلن عن تزويده بعض (المعارضات) بأسلحة متطورة لإرضاء حكام السعودية وقطر، وطبعاً إسرائيل مرتاحة من استمرار الأزمة السورية.. وكان المستفيد الأكبر من هذه السياسة هي داعش، سواء كان هولاند يدري أم لا يدري، ولكن المتعاملين معه يدركون ذلك.

فرنسا رغم توقيعها على صفقات خليجية بمليارات الدولارات، إلا أنها فقدت مصداقيتها وخسرت سياسياً وبشرياً ومعنوياً، أكثر من أرباح صفقاتها (التجارية).

إن تنسيق فرنسا عسكرياً مع روسيا وانضوائها تحت عباءة بوتين، وزيارة هولاند المرتقبة إلى موسكو، وإعلانه الولاء والطاعة لحفظ ماء الوجه، هو تراجع خطوتين إلى الوراء، لكنه تقدم باتجاه الواقعية السياسية، فروسيا ليست بحاج إلى مساعدة عسكرية من فرنسا، ولكنها قد تكون بحاجة إلى إنهاء الازدواجية الغربية، لأننا لم نشهد تحركاً للإعلام الغربي عندما ضربت بيروت أو عندما أسقطت الطائرة الروسية.

هل سنشهد ضغطاً على تركيا والسعودية وقطر؟ هل سنشهد تراجعاً في الإعلام الغربي عن تضخيم داعش؟ هل ستختلط الأوراق؟ وكيف سيكون رد الفعل الأمريكي المربَك؟ لننتظر! لكن جميع المؤشرات ترجح تراجع الحلف المعادي لسورية عن تعنته وإصراره على دعم الإرهابيين، خصوصاً بعد أن طالوا بمجازرهم أكثر من دولة أوربية.

الشعب السوري صمد وتحمّل خمس سنوات، واستوعب الهجمة العنفية اللاأخلاقية، وإرادة الصمود، وبسالة جيشه تزدادان يوماً بعد آخر، ولديه الثقة المطلقة بالانتصار، قرب الزمن أو بعد.. ولن يساوم على وحدة سورية وسلامة شعبها.

العدد 1105 - 01/5/2024