التعليم ومناهجه مسؤولية إنسانية وحضارية

 يُقاس تطور الدول والمجتمعات بدرجة تطور التعليم فيها وشموليته لكل أبنائها، ليأتي انخفاض نسب الأميّة (الأبجدية والمعرفية)، وازدياد أو استمرار اهتمام الحكومات بتطوير مناهج وأدوات التعليم، مؤشّراً ودليلاً على ذلك، لذا يُعتبر التعليم الأداة الأساسية والمُثلى للارتقاء بالأجيال ومعارفها وأخلاقها.

وبغض النظر عن الضجّة الإعلامية والمجتمعية الأخيرة التي رافقت ظهور المناهج الحديثة، فإن أيّ تغيير أو تعديل يطول هذه المناهج يُعتبر مسؤولية مجتمعية ورسمية، بمعنى عدم تفرّد جهة بذاتها أثناء القيام بهذه المهمة الحسّاسة، على اعتبار أن التعليم عملية تشاركية، ما بين البيت والمدرسة والجهات الحكومية المعنية بالأمر.

كما أن هذا التغيير يتطلب وجود اختصاصيين بمجالات هامة، تربوية ونفسية تعمل على تقييم ما تمّ تعديله، ومدى تأثيره، والقدرة على مسايرته لدرجة تطور الوعي الفردي والمجتمعي، في ظلّ الانفتاح التقني- المعلوماتي عبر وسائل التواصل والانترنت بشكل عام.

وكانت النقطة الأهم باعتقادي بعد أن تمّ الإعلان عن أن التعديل الأخير كلّف الدولة مليارات الليرات، كان الأهم هو الالتفات إلى إعادة ترميم أو بناء المدارس المهدمة، والتوسّع بها بكل ما تحتاجه من بنية تحتية لاشكّ تكلفتها باهظة، وذلك من أجل استيعاب كل الأبناء، لاسيما أولئك الذين هجروا المدارس لأسباب مختلفة، وبذلك يكون السعي الحميد باتجاه تقليص نسب الأميّة التي ارتفعت بين الأطفال واليافعين.

وبعد كل ما مرّت به البلاد من حرب، ما زالت آثارها قائمة ومتجددة، لا بدّ من أخذ أسباب هذه الحرب وتداعياتها بعين الاعتبار من كل النواحي الاجتماعية والأخلاقية، والتفكير بإعادة تأهيل الجيل الذي واكب الحرب وعايش قسوتها، بأقل العقد النفسية والتشوّهات التي فرضتها سبع سنوات من الخوف والموت والدمار والنزوح…  الخ، وأيضاً تقليص الفجوة والهوّة والشرخ الذي أصاب مختلف فئات المجتمع وشرائحه ومكوناته، سعياً لاندماجها مجدداً في مناخ من المحبة والتسامح، والاعتراف بالآخر شريكاً، من خلال تعزيز وتدعيم مفهوم الوطن والمواطنة.

العدد 1105 - 01/5/2024