صيرورة المستقبل تتكئ على العزيمة الصادقة

 صيرورة المستقبل تتكئ على تغيير الواقع، وحالة ما نريد أن يكون عليه مستقبلنا، بعد ما عانيناه في الحرب الدائرة، إنما يقع على أكتاف المجتمع والدولة ككل، ومالا يؤخذ بالحسبان مسبقاً سيعصف بتماسك الدولة ويُصدّع بنائها، ويتسبب بالكثير من الفوضى، من الدم والخراب.

إن أول إشارة نتلقاها في مطلع أي بحث عن مسببات الحرب، تشير إلى حالة من الجهل والتجاهل في طرق التعاطي مع أزمات، وغياب شبه تام للعقل والوعي عند نسبة ليست قليلة من أفراد المجتمع، علق بها الفكر التكفيري وصبّ الزيت فوق النار، باستخدام جميع أدوات الإجرام، ما ظهر منها وما بطن.

وفي المقلب الآخر ستتضح إشارة تدل على تقصير من جانب الدولة، من حيث ضعف الرقابة على المؤسسات الحكومية والاجتماعية، مما أمعن في ترسيخ ظاهرة الفساد، والانحلال الأخلاقي، والتهتّك الفكري، وكل هذه الأمور ساهمت مباشرة بتدني مستوى الوعي لدى باقي المستويات المعيشية، التي كانت جميعها دون الحد الطبيعي بكثير، ممّا هيأ بيئة خصبة، وخصبة جداً لتفشي فكر التطرف والإجرام والقتل وشيطنة الآخر، واستجداء الأجنبي ضد أبناء الوطن.

نستخلص مما أنف ذكره أننا كُنّا نوعاً ما في حالة متردية من المرض والوهن، وجدير بنا اليوم الأسف والندم، والاتعاظ من التجربة، تجربة السقوط المدوي التي كلفتنا الكثير..

إذاً، علينا أن نبدأ بإصلاح ما دُمّر وعلى مختلف الاتجاهات والمستويات، ضمن أولويات تحقيق النهوض، بدءاً من الأكثر أهمية ثم الأهم، ابتداءً من الإنسان بفكره ووعيه وثقافته، انتهاء بكل ما ابتكر ليكون لخدمة الإنسان والإسهاب في ترقيته عبر مختلف أنواع الخدمات والتعليم، وتحسين الوضع المعيشي، وذلك عبر مكافحة الفساد ورموزه مهما كانت سطوتهم، وتشديد الرقابة وسدّ ثغور الفتنة، وتصحير الأرضية التي تنشأ عليها تماماً، وفي قانون الإصلاح الإداري والمؤسساتي الكثير من هذا القبيل.

وبعد انتهاء الحرب وتحقيق النصر الكامل، سنجد سورية أكثر قوة ومتانة، وأكثر عصياناً على العصف ورياح التدمير والفوضى التي ما انفكت تتربص بأمتنا.

نأمل السلام لسورية ولشعبها العظيم في كل وقت وحين.

العدد 1105 - 01/5/2024