ولها دورٌ يشوبهُ التحدي بنظرة حزن!

 تطرقاً للفئات الأكثر فعالية على مستوى عالمي وهنّ النساء بوجه عام والريفيات منهن بوجه خاص، واستناداً إلى إحصائيات دقيقة، تُشكّل النساء الريفيات أكثر من ربع سكان العالم، ويمثلنّ نحو 43% من القوى العاملة الزراعية.

فهذه الفئة يقع على عاتقها إنتاج الكثير من المواد الغذائية وتحضيرها، ممّا يمنحها دوراً مسؤولاً تجاه الحاجة الأساسية للإنسان وهي الأمن الغذائي.

وإذا ما توجهنا إلى المجتمعات العربية والإسلامية بالتحديد، التي تتشكل في قعرها الحياة الازدواجية للمرأة، نجد أن الغالبية العظمى منها تتسم بتوزع الأرياف على مستوى مساحي واسع، واستمرار ما قد ساد فيها وما يزال، هناك أسس حياتية وأساليب اجتماعية رغم أنف التقدم التكنولوجي والسباق الزمني في سدّ الثغرات والفراغات بما يتناسب مع قوانين السيادة الإنسانية، بقي هذا الريف شديد التحفّظ على الإقرار بتخلفه وأخطائه، لاسيما فيما يخص المرأة فيه.

فبيئة العمل الريفي التي تشكل المرأة فيها نقطة مركزية ليس بأجواء تتخللها ظروف عمل طبيعية، فحتى الفئة الدنيا باتت أفضل بكثير إذا ما قورنت بواجبات المرأة الريفية، فالمحاصيل والمواسم الزراعية والنمط الغذائي المعتمد على ما تقدمه خيرات الإنتاج البشري، يقع معظمه على كاهل تلك المرأة.

ووفقاً لما تقدم ذكره، حددت الأمم المتحدة يوماً عالمياً للمرأة الريفية في 15/10 من كل عام، لتسليط الضوء على واقعها اليومي ومعاناتها فيه.

إذاً.. توجد معاناة!!

إن واقع المرأة ضمن هذا الحيّز يتصف بأنها امرأة إمّا لا تزال أميّة الحرف بالرغم من التعليم الذي طال أجيالاً سابقة ولاحقة وحالية، أو أميّة الفكر المُنعكف على ذاته، لا، بل الفكر المنعكف على المازوشية الطوعية في بيئة تتخللها السادية الذكورية، فمكانتها لا تزال تتحدد بالقيمة التي يضيفها الرجل عليها كأم وزوجة صالحة أو مطيعة.

وقياساً للدور الذي تؤديه هذه المرأة، وتماشياً مع المسيرة التطورية بقيت حقوق المرأة الريفية والسورية بالتحديد على عتبة الأولويات إعلانياً وإعلامياً فقط، فحالها قبل الحرب وخلالها أخذ طابعاً نمطياً إلى حدّ الاستهجان، سواء بإنكار متطلبات المرحلة من اهتمام يراعي واقعها، أو بتهميش الدور التوعوي لها في تحقيق أقرب ما يمكن إلى العدالة الإنسانية.

أمّا خلال الحرب، فقد أصبحت على هامش النزوح واللجوء، كما أن الدور الإعلامي في تغطية واقع النساء في هذه الحرب لم يكن منصفاً لها، بل جعلها أداة إعلانية ووسيلة استهلاكية تقلل من قيمتها وتمتهن كرامتها. إضافة إلى ظروف الحرب التي جارت عليها وجعلتها تابعة ومُهانة.

وضمن الإطار المجتمعي المُدّعي الانفتاح والتطور لا يزال هناك حالات زواج مُبكّر تزداد تضخماً بالرغم من انعكاساتها السلبية على المرأة أولاً وآخراً، لأنه لا رادع في ذلك إلاّ توعية الطرف المُسبب لحالة الزواج تلك وهو المرأة ذاتها.

فقد ذكر أحد المحامين أن نسب حالات الزواج غير المثبت في المحاكم الشرعية والمتعارف عليه أنه (زواج عرفي) بات القضية التي يقتات عليها أكثر زملاء المهنة نظراً لكثرتها، وأنها لم تنتشر إلاّ لقلة وعي المرأة بأهمية أبسط حقوقها وهو(المهر) الذي لا تلبث أن تتنازل عنه في سبيل الاعتراف ضمنياً بجنينها وتثبيت الزواج في المحكمة.

فقضية شائكة كقضية المرأة، لا تزال تفتقر إلى الإضاءة والتركيز على حقوقها، وتغيّر النموذج الاجتماعي والثقافي والقانوني والديني لتحقيق استقلالها الذاتي

العدد 1107 - 22/5/2024