كي لا ننسى….بدر مرجان

 نشأ بدر مرجان وترعرع في عائلة علوية في حي باب التبانة في مدينة طرابلس الشام، ذات العلاقات الاقتصادية والثقافية والعائلية مع محافظتي اللاذقية وحمص. ويعود أساس عائلة مرجان إلى ريف صافيتا. عمل بدر مرجان في مستهل شبابه مع أخيه بائعاً للبيض في دكان صغير في حي باب التبانة، وبعد أن انتسب إلى الحزب الشيوعي اللبناني عام 1937 تطوع للعمل في أرياف اللاذقية ونشر الفكر الشيوعي والدفاع عن الفلاحين..

إنه المؤسس الحقيقي لمنظمات الحزب الشيوعي في (الجبل العلوي)، وهو الذي هيّأ الأرض لدانيال نعمة ورفاقه للعمل بين الفلاحين. ويبدو ذلك واضحاً مما ذكره دانيال نعمة في مذكراته، وما سمعناه من قدامى الشيوعيين. وفي عام 1949 أصبح بدر مرجان مسؤول منظمة الحزب في طرابلس، وشارك في المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي المنعقد في بيروت أواخر 1943-1944.

كان بدر مرجان يسير بجولة ميدانية من قرية إلى أخرى لنشر الشيوعية مستخدماً التجارة بالبيض وسيلة للتنقل بين القرى والاتصال بالناس وتغطية أهدافه أمام دوريات الدرك والقوى المعادية، وبعد الدراسة والاستفسار تبين أن بدر مرجان هو الجندي الشيوعي المخلص لمبدئه والساعي لنشره بكل ما أوتي من قوة.. فجميع الشيوعيين القدامى في محافظة اللاذقية يعرفون بدر مرجان أو سمعوا عنه.

ساعدت (مهنة) تجارة البيض بدر مرجان على التنقل والتعرف على الناس والحديث معهم في أمر أهم من التجارة، وهو توعية الناس إلى واقعهم الطبقي الاستغلالي وتحريضهم على العمل لتغييره، وهكذا تمكن بدر مرجان في السنوات الأولى من أربعينيات القرن العشرين من بناء عدد من المنظمات الشيوعية في (الجبل العلوي) وخاصة في أرياف صافيتا وطرطوس. بمبادرة من بدر مرجان أصدر الشيوعيون في صافيتا مجلة (صوت القرية) التي كانت تكتب عن أخبار الفلاحين، وتطبع في طرابلس وتوزع في عدد من القرى، وكانت المجلة تصدر بصورة غير دورية حتى لا تطالب السلطات برخصة لها.

يلقي ظهير عبد الصمد أحد قادة الحزب الشيوعي السوري البارزين الضوء على نشاط بدر مرجان في الفقرات التالية:

تعرفت على بدر مرجان في المؤتمر الأول للحزب (1943-1944)، وقد انتخب وقتئذ عضواً مرشحاً إلى اللجنة المركزية على ما أذكر. وبعد ذلك كنت أشاهده في الاجتماعات القيادية الموسعة التي كنت أدعى إليها.. وعندما انتدبت للعمل في طرابلس عام 1949 كان مسؤول المنظمة الرفيق بدر مرجان، وكانت اللجنة المنطقية فيها مؤلفة من الرفاق: مصطفى بدوي، إبراهيم خليل، أحمد المير، جوزيف شاغوري، وقد عشت في بيته (أي بيت بدر مرجان – المؤلف) وبيوت أخواته وأقربائه في حي التبانة واحداً من العائلة.

قبل أن يكون الرفيق بدر مرجان مسؤولاً لمنظمة طرابلس، كان يعمل في دكان صغير في حي باب التبانة، يبيع فيها البيض مع أخيه الأكبر، وقد انتسب إلى الحزب بين عامي 1936 و،1937 على ما أظن، ولما أصبح مسؤولاً لمنظمة طرابلس كلف بقيادة منظمات الحزب في عكار وطرطوس والمشتى وصافيتا والدريكيش وكرتو وغيرها.

لقد جند الرفيق بدر مرجان عائلته كلها للعمل الحزبي، أخواته وأولاد أخته وأقرباءه، ومن عائلته برز عدد من الرفيقات النشيطات، وخلال وجودي في طرابلس استدعي إلى بيروت ونقل للعمل في منظمة دمشق.

وتذكر ليلى خليل أن خالها بدر مرجان اعتقل في دمشق وعذّب كثيراً، حتى أنهم لعبوا تمثيلية له أنه سيعدم إذا لم يعترف بما يعرف عن التنظيم الشيوعي الذي كان يقوده، أوقفوا ثلة من الدرك أمامه مع بنادقهم، ثم عصبوا عينيه كما يجري أثناء الإعدام، فما كان منه إلا أن انتزع العصبة عن عينيه وفتح صدره قائلاً لقائد الدورية: هيا أطلق النار.. وتقول ليلى: لا أعرف بالضبط متى كان ذلك، ولكن كان يومها هاشم الأتاسي رئيساً للوزراء. (أي عام 1952)، وذهبت أخت بدر مع عدد من النساء من طرابلس إلى دمشق للمطالبة بإطلاقه سراحه فوعد هاشم الأتاسي بدراسة قضيته.

وتذكر ليلى أن خالها عندما خرج من السجن أصيب بسبب التعذيب بنوع من الانهيار العصبي. بعض الملاحظات التي كان يغض الطرف عنها سابقاً صار يقولها علناً وبلهجة فيها شيء من العنف، كان يبدي انتقادات على أسلوب خالد بكداش و(تسلطه) مما كان يحول دون تطور الكادر. مع انتقادات على الصعيد الشخصي.. (أنا (والكلام لليلي خليل) صدمت بهذا الموقف من خالي. وكان قادة الحزب بالنسبة لنا وقتئذ نوعاً من الآلهة، ونقلت ما أسمعه منه إلى قيادة الحزب. وأنا وإخوتي وقفنا إلى جانب الحزب ضد خالي).

يقول الشيوعي اللبناني عزيز صليبا: (الرفيق بدر مرجان من الكادرات الحزبية البارزة في طرابلس والشمال، في الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين، وكل من عرفه يذكره بتقدير واحترام. وخفت اسمه مذذاك).

بدر مرجان كان عضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري، وألقى أمام المجلس المنطقي لممثلي منظمات الحزب الشيوعي في محافظة اللاذقية المنعقد في تشرين الثاني سنة 1945 تقريراً نُشر في كراس تحت عنوان (مطالب الشعب في الجبل العلوي)، من منشورات الحزب الشيوعي السوري.

 

العدد 1107 - 22/5/2024