دمنا قربان لمصالحهم

هكذا بتنا أرقاماً في تقويم الوطن السنوي، كل يوم تسقط منه ورقة ويسقط معها أكثر من رقم. مصالح تشابكت واتفاقيات أبرمت وكنا نحن السوريين الأبرياء بدمائنا صك الاتفاق لتجارة مربحة، لم توفر فيها حتى الرضيع، سبع سنوات ضاعت من عمرنا أزهقت أرواح كان همّها الحياة، العائلة، الأمان.

ما ذنب هذه الروح أن تموت بقذيفة عمياء ميتة الغصب، ليفرح القتلة ببيع صفقة سلاح؟ من شمالي سورية إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها ضاع الأبرياء بطلقة نار من يد مدّعي الوطنية، وطلقة أخرى من باحث عن حرية زائفة، لا يختلف قادتها عن قادة خصمهم. فما يحدث اليوم في ساحات الوطن الممتدة من قلب عاصمة الياسمين دمشق إلى بلد الزيتون وغصن السلام عفرين هو خير دليل على أن المصلحة الشخصية لصنّاع الإرهاب أكبر بكثير من ساحات هذا الوطن، نرى أن دم الأبرياء بات نخب نجاح صفقة هؤلاء المرتزقة، ومعها أصبحت الشعارات الرنانة تصدح في كل المناسبات من أفواه السفهاء مدّعي الوطنية التي بات وقعها على سمعنا ثقيلاً، فلا بدّ أن نصم الآذان عن سماع صوتهم المشحون بالأكاذيب، كي نسمع آهات تمزق أرواح الأبرياء، فالساكت عن الحق شيطان أخرس!

 لذا لا بدّ أن نطالب بدماء أصولنا الممزقة بسيوف الغدر، فقد فاضت الأرض بالدماء، وبات القتل رسالة الأجيال تدرس بدل القيم والأخلاق!

 لا بدّ أن نكشف القناع عن وجه تجّار الدم من كل الأطرف، فلا فرق بين طالب للحرية يُشارك في سفك الدماء، وطالبٍ لكرامة الوطن يقوم بتدمير البلاد، كلاهما قتل أرواحنا تحت خفق الرايات، فلا فرق إن كانت خضراء أم حمراء.. المهم أن يد حامليها تخضبت بالدماء!

لذا، من حقنا أن نطلب من العالم المحايد أن يُشرّع أبواب المحاكم الدولية، وأن يكون قضاتها من أصحاب الإنسانية البعيدة عن صفقات السلاح، ليعيدوا تلوين الربيع بلونه الأخضر، وخاصة بعد أن أصبح بنيّ اللون من شدة امتزاجه بدماء السوريين، فلقد فاحت رائحة الحروف من رسائل الشهداء الأبرياء، تنشر في الجو عبق ألمهم لضياع دمهم بيد السفهاء، وتلوين أحلامهم بريشة سوداء صبغت معها ملابس الأهل، ولم تنسَ أن تصبغ النفوس المكسورة على هؤلاء الأبناء، فلم يغب عن أحد اليوم حقيقة بيع الأرض وتجارة السلاح، وخاصة بعد أن بات الوطن ورقة بيد المرتزقة من أصحاب طقطقة الكؤوس فوق طاولة المقامرة على الوطن.  

العدد 1105 - 01/5/2024