اللقاء اليساري العربي السابع

 تحت شعار (البديل اليساري العربي في مواجهة المشاريع الإمبريالية والإرهاب) انعقد (اللقاء اليساري  العربي السابع) في بيروت يومي 9و10كانون الثاني بدعوة من الحزب الشيوعي اللبناني، بحضور 21 حزباً ومنظمة سياسية من 11 بلد عربي. وقد افتتح اللقاء بمداخلتين افتتاحيتين من د. ماري ناصيف – الدبس (منسقة اللقاء ونائبة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني) ود. خالد حدادة (الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني).

وجاء في كلمة الرفيق حدادة: (إن الانتفاضة  البطولية الثالثة للشعب الفلسطيني ، في كل فلسطين ، أعادت الاعتبار بقوة إلى مركز التناقض الرئيس في المنطقة، وهي تصارع ببطولة لإعادة قضية فلسطين إلى قلب الصراع لتشكل جوهر أي مشروع عربي مشترك. وأمام عجز العدو الصهيوني عن إنهاء هذه الانتفاضة، كان لا بد للمشروع الأمريكي الأساس من أن يقوم بهذه المهمة. وطبيعي أن يلجأ الأمريكي في هذا الإطار إلى تلميع الصراع الطائفي والمذهبي، كأساس في مشروعه، ولا يمكن تفسير الإجراء السعودي الأخير إلا في هذا الإطار).

كما جاء في كلمة الرفيق حدادة:(إن التغييرات الأخيرة في خريطة الصراع داخل سورية ، أدت إلى تعزيز وحدة الجيش السوري وموقعه، وإلى تعزيز وحدات الحماية الشعبية الكردية، وإلى تراجع جدي في وجود القوى المعارضة المسلحة التي تحتضنها أمريكا والسعودية وتركيا، وكذلك إلى تراجع القوى الإرهابية. وأدت هذه الوقائع إلى التقدم، ولو جزئياً، على مستوى المفاوضات من أجل حل سياسي للأزمة السورية).

(إن الوقائع السياسية والعسكرية المستجدة، وإن لم تؤدّ إلى حسم للصراع وتجاوز الأزمة ، مهدت لتقدم المفاوضات. وبرز ذلك بشكل رئيس في مؤتمري فيينا، ولاسيما الثاني، وكذلك في قرار مجلس الأمن).

وأضاف الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني: (إن منطقتنا وبلداننا، تمر بمرحلة انتقالية تاريخية. وبقدر ما تشهد من تطورات خطيرة، فإنها قد تساهم في فتح أفق باتجاه عالم عربي جديد ، إذا تمكنت القوى المواجهة للمشروع الإمبريالي الأمريكي ، من فتح كوة باتجاه تكون حركة تحرر عربية مقاومة وجديدة، تقدمية التوجه، وممثله حقيقية لمصالح شعوبها، وبشكل خاص لفقراء المنطقة وللفئات الاجتماعية الأكثر فقراً).

وقد أصدر الحزب الشيوعي اللبناني بتكليف من اللقاء بياناً عنه تضمن عرضاً للقضايا التي جرت مناقشتها، وقد جاء في البيان( أن اللقاء ناقش جدول أعمال من ثلاث نقاط، الأولى تتعلّق بالتطورات السياسية العربية والعالمية خلال الأشهر الماضية، والثانية تتعلّق بتقييم الانتفاضات العربية، والثالثة تتعلّق بنضال اللقاء خلال خمس سنوات ونيّف على تأسيسه وكيفية تطوير عمله وهيئاته.

في التطورات السياسية، توقف اللقاء، بداية، عند مواقع للصراع في العالم العربي الدائر اليوم بين القوى الرجعية المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية وقوى التحرر والتغيير، وأولها القضية الفلسطينية والمشاريع الهادفة إلى تصفيتها كقضية مركزية للشعوب العربية، ودور الانتفاضة الفلسطينية الثالثة في إعادة الاعتبار إلى قضايا التحرر الوطني ومقاومة الاحتلال الصهيوني، إضافة إلى ما يجري في سورية منذ ما بعد مؤتمر فيينا والتغيّرات الأخيرة في خارطة الصراع وتأثيراتها على احتمالات التوجه جدياً باتجاه الحل السياسي، وكذلك تطورات الوضع اليمنيّ، نتيجة الاعتداء السعودي المترافق مع حربٍ أهلية تهدد اليمن بالتفتيت وتخدم مخططات القوى الإرهابية، والقاعدة على وجه الخصوص.

وبعد أن ناقش اللقاء مسألة الإرهاب في عالمنا العربي وأسبابه وتطوره كأحد مكونات المشروع الإمبريالي الأمريكي – الصهيوني، وبدعم من قوى هذا المشروع على كل الأصعدة، توقف ملياً عند الطبيعة الانتقالية للمرحلة الحالية، التي تتجسّد في المواجهات المستمرة بين القوى التي أطلقت ثورتي تونس ومصر، وغيرهما من الانتفاضات، وقوى الثورة المضادة، بهدف منع (مشروع الشرق الأوسط الجديد)، التفتيتي، من التقدم، ليطرح بعد ذلك مسؤولية اليسار العربي في تسريع تشكّل حركة تحرر عربية جديدة، بديلة تستطيع تأطير القوى السياسية والاجتماعية صاحبة المصلحة في الخلاص من النظام الرأسمالي، باتجاه إنجاز مهمة إطلاق مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية وإعادة صياغة قضية فلسطين وكل ما هو متعلق بالصراع العربي – الصهيوني.

على هذه الأسس، اتفق المجتمعون على تفعيل (اللقاء اليساري العربي)، كشكل جامع لأحزاب اليسار وقواه، وعلى تطويره عبر صياغة (بلاتفورم) سياسية تكون، ليس فقط أساساً لانفتاحه على كل قوى اليسار في العالم العربي، بل كذلك مدخلاً للتنسيق والتعاون مع كل التجمعات ذات الطابع الوطني الديمقراطي، وذلك من أجل وضع الأسس لإطلاق الجبهة الوطنية التقدمية كمرحلة أولى على طريق حركة تحرر وطني تقدّمية ديمقراطية مقاومة.

كما اتفقوا على تنظيم مؤتمر عربي – دولي شعاره دعم القضية الفلسطينية، ويضم كل القوى الداعمة لقضية العرب المركزية.

على الصعيد التنظيمي، وانطلاقاً من وجهة تطوير(اللقاء اليساري العربي)، اتفق المجتمعون على تطوير دور (لجنة المتابعة) وتحويلها إلى(لجنة تنسيق) حدّد اللقاء المهام الملقاة على عاتقها.

وقد مثل حزبنا الشيوعي السوري الموحد في اللقاء الرفيق نبيه جلاحج رئيس اللجنة المركزية للحزب، وقد أدلى بمداخلة أكد فيها أن التناقض الرئيس في منطقتنا ما زال بين حركة التحرر الوطني العربية من جهة والإمبريالية الأمريكية والصهيونية والرجعية من جهة أخرى ، وعلى أساس ذلك يمكن لنا أن نحدد من هم الأعداء ومن هم الحلفاء، وأن الأولية اليوم  هي لمحاربة الإرهاب. كما أشار إلى أن التوجه الدولي الآن نحو حل سياسي للأزمة السورية نجم نتيجة الصمود السوري، ودعم الحلفاء، وحجم الكارثة الإنسانية في البلاد، وضغط قضية المهاجرين على الدول الغربية، وكذلك خطر الإرهاب الذي أخذ يهدد حتى تلك الدول التي سبق أن رعته ومولته في عقر دارها، وأكد أخيراً أن الحل في نهاية الأمر لا يمكن أن يكون إلا سورياً – سورياً من أجل إقامة الدولة المدنية الديمقراطية العلمانية، وفق ما قرره مؤخراً المؤتمر الثاني عشر للحزب.

وفي ختام اللقاء جرى عقد ندوة حوارية حول مشروع الوثيقة السياسية المقدمة للمؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي اللبناني.

 

العدد 1107 - 22/5/2024