حماية المستهلك تطلب من المستهلكين «مفاصلة» البائعين

 طلب أمين سر جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها جمال السطل، في تصريحه لـ(النور) من المستهلكين عدم شراء السلع والمواد من بائع واحد، وأن يبحث المستهلك عن السلعة نفسها في أكثر من مكان، لوجود الفارق الكبير بسعر السلعة بين بائع وآخر ومحل وآخر.

هذه الوصية التي وجهها أمين سر جمعية حماية المستهلك جاءت على خلفية الارتفاع الكبير لأسعار معظم السلع والمواد الغذائية وغيرها في الأسواق مؤخراً، والتي بلغت نسبتها أكثر من 20%.

كما طلب السطل من المستهلك أن (يفاصل) البائع قبل شراء أية مادة أو سلعة، والتوجه بالشكوى للجهات الرقابية في حال شعوره بالغبن من حيث السعر أو الجودة، مشيراً إلى أن المستهلك (ملّ) الشكوى من كثرة الأمور المخالفة التي يراها يومياً.

ولفت السطل إلى أن بعض البائعين يعلنون عن الأسعار ويضعون لصاقات توضح سعر المادة أو السلعة، مضيفاً (ولكن في حقيقة الأمر فإن هذا الإعلان يعتبر وهمياً وهو موجه للجهات الرقابية فقط لكيلا يحاسبوه على عدم الإعلان عن الأسعار، ذلك أن البائع لا يلتزم بهذا الإعلان ويبيع المستهلك وفقاً للأسعار الرائجة).

وأكد أن كثرة الضبوط التموينية لا تعتبر معياراً في ضبط الأسواق، ولن تحدّ من ارتفاع الأسعار، إذ تقوم الجهات الرقابية بتنظيم الضبوط والتدقيق على تداول الفواتير وجميع النقاط الأخرى، ولكن الأسعار لا تزال على حالها مرتفعة في الأسواق، مؤكداً أن ما تعانيه أسواقنا هي أزمة (أخلاق) بالدرجة الأولى أكثر من أزمة (أسعار)، وذلك لوجود الكثير من تجار الأزمات والمستغلين في أسواقنا.

المستهلك مصدوم بالأسعار.. ويكتفي بالإعجاب دون الشراء!

 باتت معظم السلع في أسواقنا غير مناسبة للمستهلك.. لا من حيث المذاق أو الشكل فقط، بل أيضاً من حيث الدخل.. ولا شك أيضاً أن معظم السلع الغذائية باتت تقشفية بالدرجة الأولى، فمعظم المستهلكين انخفضت قدرتهم الشرائية بأكثر من النصف، وباتت دائرة الاستهلاك لمعظم المواد تضيق شيئاً فشيئاً، حتى بات المستهلك يشعر بالاختناق من غلاء الأسعار وفحشها.

وبدأ المستهلك لمواجهة هذا الواقع الصعب يضع خططاً حتى يستطيع أن (ينفد بريش راتبه المتآكل) أو دخله حتى نهاية الشهر، لكيلا يعرّض نفسه لـ(ذلّ الدين) بعد أن أنفق ما كان يدخره.

للحديث شجون.. ولكن هل يعقل أن يصبح بائع الخضار كبائع المصاغ الذهبية؟.. نعم، فكل شيء ممكن في أسواقنا.. فعندما تذهب إلى بائع المصاغ، فإنك لن تستطيع إلا شراء بضعة غرامات فقط من الذهب.. وكذلك الأمر أصبح عند بائع الخضار والفواكه التي أصبحت أسعارها تستهلك أكثر من نصف دخل المواطن، فقد شهدت أسعارها ارتفاعاً ملحوظاً، خاصة الفواكه التي أصبحت، وفق كثير من المستهلكين، من المواد صعبة المنال.

(النور) حاولت الوقوف على الأسباب الحقيقية لارتفاع أسعار الخضار والفواكه، وبالطبع تعد الخضار والفواكه سلعاً لا يمكن الاستغناء عنها، لأنها تعتبر مواد أساسية لأية أسرة، فجميع وجبات المواطنين تتعلق بالخضار، أما الفواكه فقد اكتفى المواطن بوضع (لايك) عليها والتعبير عن إعجابه بها ومشاهدتها عن بعد دون أن يتجرأ على شرائها، لأنها تتخطى قدراته المالية.

الخضار نار.. والفواكه للمشاهدة فقط

في رصد لأسعار الخضار في أسواق ريف دمشق على سبيل المثال، بلغ سعر كيلو الخيار البلاستيكي 155 ليرة، وسعر كيلو البطاطا 175 ليرة، وبلغ سعر كيلو الليمون الأخضر 125 ليرة، مع الإشارة إلى أن سورية تعد مصدّرة لهذه المادة، ويوجد فائض كبير منها، وإنتاجها يعتبر قياسياً، ولكن لا نعلم أسباب ارتفاع أسعارها في السوق المحلية.. والبامية 550 ليرة، كما بلغ سعر كيلو البندورة 170 ليرة، والبصل الأحمر (للمونة) 135 ليرة، وبلغ سعر كيلو الزهرة 210 ليرات، وكيلو الكوسا نحو 235 ليرة.

وبحسبة بسيطة يمكن القول بأن أية وجبة غذائية تحتاج إلى خضار تكلف الأسرة ما لا يقل عن ألف ليرة، وأصبح صحن السلطة يكلف الأسرة نحو 300 ليرة ثمناً للخضار فقط دون بقية المواد الغذائية الأخرى.

الحديث عن الفواكه يختلف كثيراً عن الخضار، لأن الفواكه أسعارها محلقة جداً، وأصبحت من الكماليات، فلا يوجد أي نوع من الفواكه سعره أقل من 100 ليرة، بل تبدأ أسعار الفواكه من 200 ليرة للكيلو وما أعلى.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن أسعار الخضار والفواكه تختلف من بائع إلى بائع ومن سوق إلى سوق آخر لأسباب سنأتي على ذكرها.

كشتو: أسعار الخضار مرتفعة جداً مقارنة مع الدخل

رئيس اتحاد غرف الزراعة السورية محمد الكشتو، بيّن في تصريحه لـ(النور) أن أسعار الخضار تعتبر رخيصة في حال مقارنتها بالتضخم، في حين تعتبر مرتفعة كثيراً مقارنة بدخل المستهلك.

ولفت إلى أنه في حال تقسيم سعر كيلو البندورة 150 ليرة على ،7 وهو تضخم سعر الصرف، فإن سعرها سيكون 20 ليرة للكيلو، وهو سعر يعتبر أرخص مقارنة بما قبل الأزمة، أما في حين قياس مبلغ 150 ليرة على دخل المستهلك فإن هذا الرقم يشكل عبئاً مادياً كبيراً عليه.

ولفت الكشتو إلى أن الخضار المحمية مرتفعة الثمن ولا يمكن خفض أسعارها، لأن المنتج سيتعرض للخسارة، في حين أن الخضار الشتوية أسعارها مقبولة مقارنة مع الخضار المحمية، مشيراً إلى أن معظم المزارعين يتعرضون لخسائر كبيرة رغم ارتفاع سعر الخضار، وذلك بسبب التكاليف العالية للإنتاج والنقل وغيرها من الأمور.

ونبه إلى أنه في حال جرى دعم المزارع أو المنتج فإن ذلك سيؤدي بطبيعة الحال إلى دعم بقية الأطراف ومنها المستهلك.

وأكد أن الدخل لم يتحرك بما يوازي التضخم، لذا فإن معظم أسعار المواد الغذائية والخضار تعتبر مرتفعة مقابل الدخل.

وأشار إلى أن مؤسسات التدخل الإيجابي تطرح الخضار بأسعار معينة، ولكن المستهلك لم يلمس الفارق بين سعر مؤسسات التدخل الإيجابي وأسعار السوق، مضيفاً: (وهنا نصل إلى نتيجة هي أن المستهلك والمنتج يقبعان تحت خانة الخسارة)، مؤكداً أن اقتصاد الحرب يفرض التقشف وهذا ما حدث عند المستهلك.

بعد عرض السابق لا بد من القول إن ارتفاع الأسعار لم يقتصر على الخضار والفواكه فقط، بل طال معظم السلع والخدمات، سواء المواد الغذائية الأساسية مثل الزيوت والسمون والأرز والسكر التي ارتفعت أسعارها وسطياً نحو 20%، فهل يعقل أن يصبح ليتر الزيت الأبيض بـ465 ليرة، في حين كان في الفترة نفسها من العام الماضي بنحو 265 ليرة؟

الارتفاعات أيضاً طالت جميع الأدوات والمستلزمات الكهربائية، ولم يستثن الارتفاع أية مادة أو سلعة وذلك طبعاً بذريعة الدولار، ولكن الشيء الغريب في أسواقنا أن الأسعار فيها ترتفع ولكنها لا تعرف الانخفاض، وبات المستهلك حيران كيف يمكن أن يجد سلعة متناسبة مع دخله الهزيل أمام عملقة الأسعار..

العدد 1107 - 22/5/2024