بعد تفاؤل السوريين باستمـرار الهدنة, جنيف.. أهمية الحفاظ على خيارات الشعب السوري

كي لا نحلّق عالياً في أجواء التفاؤل، رغم تفاؤلنا بعد صمود الهدنة، نؤكد صعوبة المباحثات التي انطلقت يوم الاثنين 14/3/2016 في جنيف، بين ممثلي الحكومة السورية والمعارضة التي اختصرت بهيئة الرياض وبعض المعارضين الوطنيين المدعوين رسمياً من قبل ديميستورا.

الحكومة السورية أعلنت سابقاً موافقتها على حضور الاجتماع، لكن المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أضاف إلى موافقة الحكومة حزمة من المواقف التي أحدثت ردوداً متباينة في العواصم العالمية:

الانتخابات النيابية استحقاق دستوري سوري، ولا يمثل عرقلة للجهود السلمية.. مقررات جنيف 1 وفيينا أكدت حق الشعب السوري في اختيار نظامه وقادته ومستقبله. اختيار الرئيس في سورية مسألة تخص السوريين وحدهم، وحكومة الوحدة الوطنية والدستور المعدل أو الجديد، والانتخابات النيابية، مسائل يجري النقاش عليها مستقبلاً، ونرفض أي محاولة للتقسيم، نتطلع إلى إجراء الحوار مع أوسع تمثيل للمعارضات، وخاصة الوطنية.

ورغم أن هذه المواقف لا تمثل مفاجأة لأحد، فهي تُعدّ في صلب الموقف السوري، إلا أن ردود الفعل الأمريكية والأوربية أجمعت على وصفها بـ(عرقلة) لمحادثات جنيف، في مسعى استباقي لتحميل الحكومة السورية مسؤولية فشل هذه المحادثات.. أما وضع الألغام والشروط، والتهديد بعدم الحضور، وابتزاز الأمريكيين والأوربيين من جانب معارضة (الرياض)، التي استبقت تصريحات الوزير المعلم، فإما أنها لم تصل إلى مسامع الأمريكيين والأوربيين، أو أنهم يعدّونها (تسهيلاً) لهذه المحادثات!

نؤكد مجدداً أهمية التوصل إلى نتائج إيجابية في جنيف، تحقق طموح السوريين إلى الخلاص من أزمتهم التي أراقت دماءهم وهدّدت دولتهم، وهذا لن يتحقق إلا إذا وضع الجميع نصب أعينهم ضرورة التوافق على مواجهة الإرهاب، وإعلاء مصلحة الوطن والشعب فوق أي مصلحة ضيقة. ونذكّر هنا معارضي الرياض بضرورة نزع أوهام عشّشت في أدمغتهم.

لن تسلّم سورية إليكم على طبق من ذهب، فالشعب السوري وحده هو صاحب الكلمة العليا، ولن يفوّض أحداً بخياراته.

ونرى اليوم ضرورة الاستمرار في تحقيق المصالحات الوطنية، جنباً إلى جنب مع السعي لإنجاح الجهود الدولية السلمية المبذولة لإنهاء الأزمة، فهي حسب اعتقادنا المدخل الحقيقي لاستمرار التهدئة، وعودة الانسجام والتناغم إلى جميع مكونات شعبنا السياسية والاجتماعية في جميع المناطق، ولجم الإرهاب وتجار الحروب في الخارج والداخل.

أما (إخوتنا) في العروبة، فقد اجتمعت كلمتهم، باستثناء لبنان والعراق، منذ أيام على وصف حزب الله المقاوم للكيان الإسرائيلي، بأنه منظمة إرهابية! أما موافقتهم على الغزو الأوربي لليبيا فقد كان برداً وسلاماً!

الشعب السوري وقد ذاق شيئاً من الهدوء والأمان، ورغم مآسيه المستمرة منذ خمس سنوات، سيبقى صامداً في وجه الإرهاب، عدواً لتقسيم بلاده وأراضيه، مارداً في الدفاع عن حقوقه وخياراته، وحواره الوطني الشامل، ومستقبله الذي لن يرضى إلا أن يكون ديمقراطياً.. علمانياً.. معادياً لكل أشكال الهيمنة.

العدد 1107 - 22/5/2024