هل تستعد الصين فعلاً لتمدد (تنظيم الدولة) إلى أراضيها؟

بعد نحو 48 ساعة من الفيتو السادس للصين مع روسيا حول سورية، وجّه (تنظيم الدولة) (داعش) من غرب العراق تهديداً غير مسبوق إلى الصين، بحسب ما جاء في شريط فيديو، تحت اسم (أولئك هم الصادقون) تناقلته مواقع قريبة للتنظيم أول هذا الشهر. ويُظهر التسجيل بحسب ما ذكر تلفزيون روسيا اليوم مسلحاً من أقلية الأويغور يشهر سكيناً ويذبح رجلاً (في حضور طفل) مدّعياً أنه (مخبر)، ثم يقول: أيها الصينيون الذين لا يفهمون بالكلام، نحن جنود الخلافة وسنأتيكم لنوضح لكم بلغة السلاح ونسفك الدماء لتجري كالأنهار ثأراً للمسلمين.

تبدو الصين تبدو ظاهرياً هدفاً غريباً للتنظيم، خاصة أنها لا تمتلك أي قواعد عسكرية الشرق الأوسط، ولم تنضم إلى التحالف الدولي لضرب داعش بقيادة الولايات المتحدة في سورية والعراق, لكن من المؤكد، منذ نجاح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقبل استلامه الحكم من الرئيس السابق باراك أوباما- ونعتقد أن هذا ليس محض مصادفة- زاد التنظيم من هجومه الإعلامي ومحاولاته توطين نفسه ليس فقط في الصين بل وفي بلدان أخرى تقع غالبيتها جنوب شرقي آسيا، مثل الفلبين وإندونيسيا والهند وماليزيا.

أما عن أسباب محاولة (تنظيم الدولة) الدخول والانتشار داخل هذه البلدان فهي متعددة، منها خسارته المتزايدة للجغرافيا التي كان يحتلها في الشرق الأوسط في كل من سورية والعراق، آخرها ريف البادية السورية وعاصمتها تدمر. كما عُرِفَ عن التنظيم قابليته العالية للتكيف مع الهزائم التي يتعرض لها، والتنقل في الجغرافيات التي تسمح الظروف الموضوعية لوجوده أن يستوطن فيها, وأهمها كما بات معروفاً حضور قاعدة اجتماعية خصبة يمكن أن تؤيد النزعات الفاشية للتنظيم, وللتذكير كانت مجموعة أبو سياف المتطرفة المعروفة في الفلبين من أولى المجموعات التي أعلنت ولاءها لأبو بكر البغدادي زعيم التنظيم. وفي الصين قامت مجموعات متطرفة بتنفيذ عدة عمليات إرهابية في شينجيانغ، وهي مقاطعة تسكنها غالبية أويغورية مسلمة ناطقة باللغة التركية يقدر تعدادها بنحو 20 مليوناً. وقدرت وزارة الداخلية الصينية أن أكثر من 100 من الأويغور توجهوا فقط في عام 2015 إلى تركيا، ومنها إلى سورية أو العراق للانضمام إلى الجماعات المسلحة هناك.

يصور الإعلام الغربي أن القيادات الأمنية في الصين تنظر إلى الأويغور، على أنهم انفصاليون، وتُعاملهم على أنهم إرهابيون، وهذا منافٍ للحقيقة تماماً, مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك فعلاً مجموعة انفصالية تقاتل الصين لإقامة دولة إسلامية مستقلة يطلقون عليها اسم (تركستان الشرقية). وعلى إثر الأحداث الأمنية المتكررة بين الأويغور المتطرف ورد فعل السلطات الأمنية الصينية المعروفة بقسوتها، عملت كل من تركيا والسعودية بكل السبل على اجتذاب هذه العناصر، وإرسالها إلى سورية والعراق, وانضم فعلاً عدد كبير منهم إلى (تنظيم الدولة), وقد قام هذا الأخير بتوفير التدريبات والسلاح لهم, وشارك العديد منهم في تنفيذ عمليات انتحارية, وأصبح لتركيا- نتيجة علاقتها الوثيقة مع كل من الولايات المتحدة والمجموعات الإسلامية المسلحة في الشرق الأوسط- إمكانية إعادة نشرهم في أي منطقة خارج سورية والعراق، وبضمن ذلك الصين.

 

العدد 1105 - 01/5/2024