دموع فقير السويداء بين الصيف والشتاء

أقبل الشتاء وعيون الفقراء في السويداء تدمع على فراق الصيف، فهو الذي يأتي كل عام دون عناء في تكاليفه، وهم يخشون من الشتاء وما يحتاج من مستلزمات التدفئة! نعم، دمعت عيون الفقراء على الصيف، لا حبّاً به، فقد عانى أهالي السويداء كثيراً في الصيف من شحّ المياه، ولربما سبب الدموع هو المعاناة المادية، فالمواطن غير القادر إلا بشقّ الأنفاس على تأمين الخبز لأولاده، أصبح مطلوباً منه تأمين مياه الشرب لهم بما يفوق كثيراً تكاليف الخبز، فسعر كل صهريج مياه سعة خمسة براميل يقابله مبلغ 5 آلاف ليرة، يعني في الشهر الواحد يحتاج إلى عشرين ألف ليرة ثمن مياه فقط، فإذا كان مستأجراً كحالتي فهو يحتاج إلى راتبين فقط لتأمين ثمن المياه وأجرة والسكن، عدا الدموع والهم القادم في الشتاء، إذ يصبح مطلوباً تأمين وقود التدفئة الذي كلما وقعت الحكومة الرشيدة في ضيق راحت تستعرض عضلاتها على المواطنين الفقراء وترفع أسعار المحروقات، فهي لا تستطيع المرجلة إلا على الضعيف المسكين. الوطن في محنة والدولة غير قادرة، وترى سيارات المسؤولين وأولادهم في الفنادق والملاهي اليومية، كأنما هم فقط من يحق لهم العيش الكريم، ويتبعهم في ذلك من تاجروا بقوت أبناء المجتمع ودمائهم، بالخطف والتهريب وسرقة السيارات.. وعلى عينك يا مسؤول!… وحين الإمساك بأحدهم أو الشكوى على الجاني، (الحقّ) يقف حكماً إلى جانب الأقوى فهو مالك المال، وأما غيره فليذهب إلى المحال…

كثيراً ما يستوقفني الناس: أأنت مراسل جريدة (النور)؟؟! والجواب معروف، عندئذٍ يبدأ العتاب قائلين: في كل عام نصرخ ونستصرخ الجهات المعنية أن حافظوا على الثروة الحراجية من التدهور، لأن منشار تجار الأزمات على عينك يا تاجر! لا رادع لهم ولا رقيب لا محاسبة لهم ولا من يجيب لصراخ المجتمع، حتى الأشجار بات صراخها يستنجد بعطف السماء قبل الأرض، فما عساك تفعل؟ أقول لهم: نحن علينا الصراخ بقلمنا وعلى من شاء أو على صاحب القرار طلوع الفجر.

عوامل أخرى تجتاح دموع فقير السويداء وهي ارتفاع الأسعار، إذ لم تستطع الحكومة وضع سياسة سعرية موحدة، ولم تستطع الجهات الرسمية وضع حد للتجار، ولم يستطع المواطن التحمل أكثر، فهل بات المواطن الذي هرب من إرهاب الكفر والتكفيريين والموت المحقق، يتمنى الوصول إليه للخلاص من ظلم التجار، وفساد الإدارات؟! والحبل على الجرار…

والأخطر من ذلك هو انتشار المخدرات بأنواعها الدوائية والرقمية، فكيف يمكن وضع حد لذلك وتشكيل درع واقٍ من دخولها إلى المدارس؟… وكيف نعمل على قمع تلك الظواهر السيئة السلبية، والمرجعيات بمجملها تمنح غطاء لذلك؟.. وهل بتنا تحت حكم القدر التخديري…؟!

(النور) تسأل: إذا كانت الجهات الحكومية ضعيفة الأداء في تحقيق الحماية، والثقافة الوطنية باتت في ترهل عند البعض، أليس الأجدر بالمجتمع المدني والمنظمات الأهلية والاتحادات والنقابات والمرجعيات الاجتماعية أن تقف في مواجهة تلك الأعمال.. وتضع حداً لذلك بالتنسيق بين القانون الوضعي التشريعي والقانون الأخلاقي؟… وهل إفساح المجال لهؤلاء يعني أوقفنا نزيف الدم الأهلي…؟ إن بركان الغضب بات قاب قواسين أو أدنى… واحذروا الحليم إن غضب.. لابد من وضع سياسات تكون رافدة للتنمية مهما بلغ اشتداد الأزمة والمحنة..فإن الفرج- كما عرف من تقاليد العرب- الفرج بوجوه الناس الشرفاء…والعمل على توحيد الطاقة بهدف مشترك…وإلا فنحن نحو الهاوية سائرون…ودموع الفقير ستكون ليس بين الصيف والشتاء بل ستكون في الفصول الأربعة…

العدد 1105 - 01/5/2024