«المعتدلون» يرتكبون المجازر في حلب!

 تقرير«شيلكوت» عرّى الذرائع الأمريكية …. أردوغان يناور.. ويتربـّــص

 لم نتفق مع الروس في تنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب في سورية، لكننا طالبنا معاً باستئناف الحوار في جنيف، هذا ما أعلنه البيت الأبيض بعد الحديث الهاتفي بين بوتين وأوباما، وهذا لم يفاجئ أحداً، فمازال الأمريكيون يرفضون أي مكافحة جدية للإرهاب الذي أدمى السوريين، وتحول إلى خطر إقليمي ودولي يمارس جرائمه حتى في المدن الأمريكية والأوربية والبلدان الداعمة للإرهاب، والسبب واضح لدى جميع السوريين، ولا حاجة لتأكيده، فمازالت الإدارة الأمريكية تأمل بالانهيار (الذاتي) للدولة السورية، بعد استنزاف قدراتها الرادعة وعوامل صمودها الأخرى في مواجهة داعش والنصرة و(معتدليهم).. مازالت الإدارة الأمريكية تأمل بانتصار ما على الأرض تستخدمه في المساومة وفرض الشروط، والتدخل في صلب حقوق السوريين وخياراتهم في التوافق على نظامهم السياسي.

لقد جاء تقرير (شيلكوت) مؤكداً (خلّبية) الذرائع التي استندت إليها بريطانيا في مؤازرتها للأمريكيين في الحرب على العراق، وذكّر التقرير بالمجازر المرتكبة، والخسائر البشرية، والدمار الذي ألحقه الاحتلال الأمريكي المدعوم من قبل بريطانيا في عهد طوني بلير.

براغماتية أوباما لم تسعفه في نقده (الذاتي) للسياسات الأمريكية في العراق بعد صدور تقرير (شيلكوت)، إذ يشهد العالم اليوم تكراراً للتدخل الأمريكي الفظ في أكثر من بؤرة ساخنة في العالم، وما الذرائع التي تعلنها الإدارة الأمريكية لتدخّلها الفظّ في الإقليم المتوسطي وسورية على الأخص، وممانعتها وعرقلتها لجهود التسوية السلمية للأزمة السورية، إلا دليلاً على استمرار الإمبريالية الأمريكية في نهجها المعادي لشعوب المنطقة، ولتوجه أيٍّ منها للخلاص من الهيمنة والاستبداد وبناء مستقبلها الديمقراطي.. العلماني.

كذلك لم تسعف أوباما مبرراته التي ساقها بعد قمة (الناتو) في وارسو لفرض حصار (صاروخي) حول روسي، ونشر الصواريخ العابرة للقارات في بولونيا ودول أخرى، ومن يقرأ حديثه إلى صحيفة (الباييس) الإسبانية يدهشه الاستخفاف الأمريكي بتصعيد قد يؤدي إلى وضع العالم على حافة الهاوية.

الجيش السوري يضيّق الخناق على الإرهابيين في حلب وريفها، رغم الجهود الأمريكية التي تبذل لمنع (الحسم) في حلب، وهذا ما ظهر جلياً في الدعم العسكري واللوجستي الأمريكي والتركي لـ(المعتدلين)، والذي تجسد في الصواريخ الموجهة إلى صدور المدنيين ومنازلهم، والتي أسفرت خلال يومين فقط عن استشهاد نحو 50 مدنياً، وتدمير مئات البيوت، لكن السوريين يبدون تفاؤلهم بأن طرد الإرهابيين من حلب وريفها سيحمل معه بداية الحل للأزمة السورية.

وأردوغان، في محاولته الخروج من مأزقه الداخلي والخارجي، يسعى باتجاه الهروب إلى أمام، وفي التصريحات التركية، بعد تقديم الاعتذار إلى روسيا، ما يؤشر إلى بعض التعديلات في السياسات التركية تجاه المسألة السورية، تصبّ في التوجه الروسي نحو حل سلمي للأزمة، لكنها غير كافية من حيث الجوهر لترسيخ الاعتقاد بوجود سياسة واضحة وصريحة وجدية في مكافحة الإرهاب، ولا لسلوك سياسي سلمي وواقعي تجاه العملية السلمية، ولا إلى الكفّ عن التدخل في الشؤون السورية.

في ظل هذه التطورات، شُكّلت الحكومة السورية الجديدة، وكان أبرز سماتها تغيير الفريق الاقتصادي، لكن الفريق الجديد ليس جديداً، فقد سبق لأعضائه المشاركة في رسم توجهات السياسات الاقتصادية في حكومات سابقة قبل الأزمة وخلالها، لكننا نتطلع اليوم لا إلى الماضي، بل إلى تفهم حكومي لمعاناة الجماهير الشعبية، وإلى سياسات اقتصادية واجتماعية تساهم في صمود شعبنا، وجيشنا الوطني في مواجهة الإرهاب.

إن تلبية مصالح الجماهير الشعبية، وتخفيف معاناتها، وتأمين مستلزمات صمودها، ولجم الفساد، وأثرياء الحرب، والمستفيدين من استمرارها، هي، حسب اعتقادنا، المهمة الوطنية الأساسية أمام الحكومة الجديدة وطاقهما الاقتصادي. ادعموا الجماهير الشعبية، ليقترب النصر النهائي على الغزو الإرهابي.

العدد 1107 - 22/5/2024