بوتين: قلقون من احتمال تقسيم سورية

أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قلقه من احتمال تقسيم سورية، مشدداً على ضرورة أن تصبح مناطق خفض التصعيد نموذجاً للحوار السياسي مستقبلاً للحفاظ على وحدة أراضي سورية.

وجاءت تصريحات الرئيس الروسي هذه أثناء لقائه مع مديري وكالات الأنباء العالمية، على هامش منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي الدولي، يوم الخميس 1/6/2017.

وقال بوتين: (نقيم الآن مناطق خفض التصعيد، وهناك تخوف محدد من احتمال تحول تلك المناطق إلى نماذج لتقسيم البلاد في المستقبل).

وشدد على أن روسيا تأمل ببدء شيء من الحوار أو التفاعل بين تلك المناطق والحكومة المركزية في دمشق، على أن تعيد سورية وحدتها. وتابع: (وأحد الأمثلة على ذلك بعض الجيوب التي تخضع لسيطرة ما تسمى بالمعارضة المسلحة بالقرب من دمشق)، حيث (يذهب الناس للعمل منها إلى دمشق كل يوم ويرجعون إلى منازلهم).

وأعرب عن ثقته بأن الحوار بين السلطات في دمشق والمعارضة المسلحة أمر ممكن كممارسة واقعية في مناطق خفض التصعيد أيضاً.

وأكد بوتين تطابق مواقف روسيا وتركيا في قضايا كثيرة تتعلق بالملف السوري، مبيناً أنه (لولا التفاهم التركي الروسي لما كان يتحقق وقف إطلاق النار واتفاق إنشاء مناطق خفض التصعيد)،
كما أكد بوتين ضرورة الحرص على ألا تتحول مناطق خفض التوتر إلى نموذج لتقسيمها مستقبلاً، بل يجب أن تكون نموذجاً للحوار السياسي حول مستقبل سورية والحفاظ على وحدة أراضيها.

يذكر أن روسيا وتركيا وإيران، وهي الدول الضامنة لاتفاق الهدنة في سورية، اتفقت خلال اجتماعات (أستانا- 4)، في 4 أيار الماضي، على إقامة (مناطق خفض التصعيد)، تُنشر بموجبها وحدات من قوات الدول الثلاث لحفظ الأمن في 4 مناطق بسوريا،
وهي محافظات إدلب، وحلب (شمال غرب)، وحماة (وسط)، وأجزاء من اللاذقية (غرب). وبدأ سريان هذا الاتفاق منتصف ليل 6 أيار الماضي.

من جهة ثانية أكد الرئيس بوتين، أن الاتفاق على إنشاء مناطق وقف التصعيد في سورية، أمر مهم للغاية للمضي قدماً في العملية السياسية في سورية.

وفي معرض رده على سؤال صحفي، خلال مقابلة مع صحيفة (لوفيغارو) الفرنسية، بشأن الحلول الأساسية الممكنة لإخراج سورية من الحرب الدائرة منذ سنوات، قال بوتين: (الاتفاق على إنشاء ما يسمى بمناطق وقف التصعيد كان خطوة مهمة.. الحديث الآن يدور حول أربع مناطق، ونحن نعتقد أن هذا الأمر في غاية الأهمية على طريق السلام.. لأنه من المستحيل الحديث عن العملية السياسية دون وقف إراقة الدماء).

وتابع بوتين: (الآن في نظري، أمامنا جميعاً مهمة أخرى وهي ضرورة استكمال عملية إنشاء هذه المناطق تقنياً أو حتى تكنولوجياً إذا كان هذا ممكناً، علينا أن نتفق على حدود هذه المناطق وعلى كيفية عمل مؤسسات الدولة فيها وكيفية ربط مناطق وقف التصعيد هذه بالعالم الخارجي).

وأضاف الرئيس الروسي: (بالمناسبة، اليوم تطرقنا مع الرئيس (الفرنسي إيمانويل) ماكرون إلى هذا الشأن، عندما تحدث عن القوافل الإنسانية.. بشكل عام، هو محق، على ما أعتقد هذه أيضاً واحدة من نقاط التقاطع، حيث يمكننا مع الزملاء الفرنسيين العمل).

وقال بوتين: (بعد أن يحدث هذا – إضفاء الطابع الرسمي على مناطق وقف التصعيد، يحدوني أمل كبير في أن تبدأ ولو بعض أشكال التفاعل بين الحكومة وأولئك الأشخاص الذين سيراقبون الوضع فيها).

وأكد الرئيس الروسي أنه لا يرغب في أن تنفصل هذه المناطق مستقبلاً بطريقة ما عن سورية، قائلا: (إلى حد كبير لا أريد (ما سأقوله الآن أمر مهم جداً) أن تنفصل هذه المناطق بشكل ما عن سورية، بل على العكس من ذلك، أتطلع إلى أن يحدث تواصل بين الحكومة والجهات التي ستسيطر على هذه المناطق (وقف التصعيد) في حال كان فيها سلام.. وهكذا، من الممكن، ويجب أن يكون التفاعل والتعاون ولو بشكل بدائي).

وأضاف الرئيس الروسي: (الخطوة التالية، يجب أن تكون عملية سياسية بحتة للمصالحة السياسية، إن أمكن، لوضع الحقوق الدستورية والدستور وإجراء الانتخابات).

وثمّن بوتين، نهج تركيا وإيران البناء، الذي سمح بالتعاون مع روسيا، للتوصل إلى وقف إطلاق النار في سورية، مؤكداً في الوقت نفسه، دور المعارضة السورية المسلحة في ذلك، قائلا:
(أولاً وقبل كل شيء أود أن أؤكد أن نهج تركيا وإيران بنّاء، إننا توصلنا جنباً إلى جنب إلى وقف لإطلاق النار، وبطبيعة الحال، أيضاً الحكومة السورية.. وبالتأكيد، لم نكن لنتوصل إلى هذا دون ما يسمى بالمعارضة السورية المسلحة.. وذلك كان أول خطوة مهمة جدا وجادة نحو السلام).

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه ليس من حقه أن يقرر ما إذا كان مستقبل سورية السياسي سيكون مع الأسد أو من دونه، وإنما هذا من حق السوريين فقط.

وتابع بوتين في مقابلته مع صحيفة (لوفيغارو) الفرنسية قائلا: (لا أحد يملك الحق لمنح نفسه صلاحيات، هي فقط من حق الشعب لهذا البلد أو ذاك.. هذا ما أردت الإشارة إليه أولاً).

وأضاف رداً على سؤال حول إمكانية الوصول إلى مستقبل من دون الأسد: (أكرر ما قلته في البداية، إن تقرير المصير من حق الشعب السوري).

وأشار الرئيس الروسي إلى الاتهامات التي وجهت إلى الحكومة السورية باستخدام السلاح الكيميائي، مؤكداً أن (موسكو اقترحت على الجانب الأمريكي والجميع حينذاك، إجراء بحث مكثف على المطار الذي يزعم أن الطائرات التي نفذت الهجوم انطلقت منه).

وشدد بوتين على أنه لو كانت الأسلحة استخدمت من طائرات أقلعت من المطار الذي يقع تحت سيطرة القوات الحكومية، فإنه لا بد أن تبقى هناك آثار لهذه الأسلحة.. المعدات الحديثة كانت ستكشف هذا الأمر).

وأضاف: (لم تكن هناك لا على الطائرات ولا في القاعدة العسكرية أي آثار لمواد كيميائية، لكن الجميع رفض إجراء البحث).

وشدد الرئيس الروسي على أن موسكو طلبت من الجميع إجراء تحقيق في منطقة الحادث، إلا أن الدول الغربية رفضت إجراءه، معللة بأن المنطقة (خطرة).

وقال بوتين: (كيف تكون المنطقة خطرة، إذا كانت الضربة قد وقعت على المدنيين، وعلى عناصر المعارضة المعتدلة؟، بحسب وجهة نظري، الأمر وقع لهدف واحد، وهو تبرير الإجراءات الإضافية على حكومة الأسد التي من ضمنها الخيار العسكري.. هذا كل ما في الأمر).

وأكد الرئيس الروسي أنه لا يوجد دليل واحد على استخدام القوات الحكومية في سورية للسلاح الكيميائي، وقال: (إنها فقط استفزازات، والأسد لم يستخدم هذه الأسلحة).

العدد 1104 - 24/4/2024