جنون أسعار السياحة الداخلية و2000 ليرة جديد «المركزي»

 سجلت أسعار الخدمات المقدمة للمواطن في المنشآت السياحية أرقاماً قياسية لهذا العام، وخصوصاً في المدن الساحلية التي يقصدها أبناء الداخل للسباحة في بحرها الذي باتت شواطئه مستثمرة بشكل كامل سواء للقطاع الخاص أو العام وبأسعار عالية جداً، في حين تعتبر الشواطئ في العالم ملكاً للشعب، وعامّةً للسباحة،
والمنشآت تقبض ثمن خدماتها فقط، مما جعل بعض  السوريين يقصدون لبنان وأرمينيا وغيرها من الدول لقضاء عطلة العيد وغيرها، وذلك بسبب ارتفاع الأسعار بشكل جنوني والخدمات المقدمة لا توازيها أبداً، ويحصلون بأقل من الأسعار الموجودة على خدمات أفضل في بلدان أخرى،
وهذا ينعكس سلباً على القطاع السياحي في سورية، ومثال على ذلك يكفي أن تزور منطقة سياحية كالشاطئ الأزرق في اللاذقية وترى الأوساخ وعدم التنظيم وصهاريج البلدية تلقي بأوساخ المصارف الصحية وسط الشوارع،  ويضاف إليها أسعار المنشآت السياحية المرتفعة جداً. فأين وزارة السياحة من ذلك؟ 

تعتبر السياحة مصدراً من مصادر الدخل الهامة للدول، وتندرج ضمن قطاع الخدمات الذي بات يشهد أهمية متزايدة، نظراً لدورها في تحسين مجمل المؤشرات الاقتصادية،
والمردودية العالية التي تمتاز بها، وكثرة التشابكات التي تحدثها في الاقتصاد، فهي تتصل بكل القطاعات الاقتصادية الأخرى، وتشكل رافعة لها، كما أنها تخلق وتنشط مئات المهن وفرص العمل.

 يساهم القطاع السياحي بما نسبته 3% تقريباً من الناتج المحلي العالمي في سورية، وقد كان القطاع السياحي عام 2010 يحتل ما نسبته 12 إلى 14 % من حجم الاقتصاد السوري، وبالرغم من أهمية هذا الرقم إلا أن نسبة مساهمة السياحة في الاقتصاديات المجاورة هي أعلى من ذلك:
ففي لبنان 22%  والنسبة مقاربة لذلك في الأردن، إلا أن الوضع يمكن أن يكون أفضل بكثير نظراً لما تمتلكه سورية من مقومات سياحية تاريخية وجغرافية وثقافية وبيئية فريدة.

تلقى القطاع السياحي ضربة قاتلة خلال سنوات الحرب الإرهابية التي شنت على سورية، ووصل مستوى التراجع في هذا القطاع إلى ما يزيد على 95% ووصل في بعض الفترات إلى شلل شبه كامل.
ومع بدء انقشاع غيوم تلك الأزمة في بدايات العام المنصرم، بدأت الحياة تدب في هذا القطاع وبدأت السياحة الداخلية تنتعش مترافقة بانتعاش بطيء للسياحة الوافدة من الخارج، ووجدنا أنفسنا في خضم مشكلة اقتصادية تتعلق بارتفاع جنوني في أسعار المنشآت والخدمات السياحية لا يتناسب أبداً مع مستوى دخل المواطن.

 ونستطيع القول من الناحية التقنية إن القطاع السياحي اليوم في عنق الزجاجة. 

ولتفسير هذه الآلية توجهنا بسؤالنا للباحث الاقتصادي محمد رويم فقال:

آلية العرض والطلب التقليدية لا تعمل بالطريقة نفسها في مجال السياحة، فالعرض لن يحفز الطلب إذا لم تتوافر مجموعة من الظروف الأخرى، على رأسها يأتي الوضع المادي ومستوى دخل المواطن، فالسياحة عادة هي في ذيل أولويات معظم الناس، كما أن الطلب، إذا حصل، فإن استجابة العرض ليست مباشرة، بل تستغرق مدة زمنية طويلة قد تؤدي إلى تمييع هذا الطلب وتلاشيه، إذا لم يكن بالكثافة والتواتر المطلوب.

المطلوب برسم الوزارة والحكومة

 المطلوب  لتحسين واقع القطاع السياحي وتنشيط السياحة الداخلية هو تعاون حكومي كامل لإيجاد آليات استمرار إنعاش هذا القطاع، من خلال توفير طيف واسع من الخدمات السياحية التي تناسب مستويات الدخل كافة، و هذا الطيف يشمل الخدمات المقدمة من القطاع العام والهيئات النقابية والاجتماعية والقطاع الخاص وآليات فعالة للرقابة على مستوى الخدمات المقدمة في مجال السياحة وأسعارها،
فإن انخفاض الطلب لن يؤدي إلى انخفاض الأسعار، بل على العكس يمكن أن يؤدي إلى ارتفاعها، وذلك لأن تشغيل المنشأة السياحية ذو كلفة ثابتة تقريباً مهما بلغ عدد متلقّي الخدمة، فالفندق سيوزع هذه الكلفة سواء كانوا كثرة أم قلة وبالتالي كلما قل عدد الزبائن ارتفع السعر.

ورقة نقدية جديدة وآراء في  الشارع السوري

أصدر المصرف المركزي السورية ورقة نقدية جديدة بقيمة 2000 ليرة سورية، في الثاني من الشهر الحالي، وقد لاقى خبر إصدار الورقة النقدية آراء مختلفة تراوحت بين الإيجاب والسلب، فقد اعتبرت فئة من المحللين والمواطنين أن إصدار ورقة بقيمة 2000 ليرة سورية دليل على التضخم الاقتصادي الحاصل وضعف الليرة السورية أمام العملات الصعبة،
وأن هذا سيؤثر سلباً على الأسواق في القادم، وسيزيد من التضخم وسيرتفع الدولار مع ذلك.
وقد سجل يوم 2 تموز ارتفاعاً للدولار 40 ليرة سورية وفق ما تداوله نشطاء اقتصاديون.

أما رأي الفئة الثانية من المحللين الاقتصاديين والمواطنين فقد ذهبت إيجاباً  فرأت أن العملة الجديدة هي نتيجة طبيعية، وأن الوضع الاقتصادي في تحسن، وليس هناك ارتباط للورقة النقدية بالعملات الصعبة. 

رويم: العملة الجديدة  تنعكس إيجاباً

توجهت صحيفة (النور) بسؤالها للباحث الاقتصادي محمد رويم حول الورقة النقدية الجديدة وتأثيرها على الاقتصاد والسوق السورية، فصرح قائلاً:

  تلجأ الدول عادة إلى ما يسمى بعملية إصدار النقد لنوعين من الأسباب: 

أولاً–  أسباب اقتصادية كالتضخم أو الرغبة في زيادة حجم الكتلة النقدية المتداولة خصوصاً في فترات الانتعاش الاقتصادي.

ثانياً–  أسباب عملية تتعلق بالاستبدال أو تحقيق المرونة والسهولة للمستخدم، من خلال توفير أوراق نقدية ملائمة لطبيعة السوق وحركته، وعملية الإصدار تكون على نوعين، إما إصدار مخطط وخلال فترات زمنية معروفة مسبقاً ومدروسة، أو إصدار وقتي تفرضه الظروف. 

إصدار فئات نقدية جديدة في سورية أمر يفرضه كلا السببين:
الأوضاع الاقتصادية التي لا تخفى على أحد، والضرورات العملية المتعلقة بالاستبدال ومرونة التعامل ومراعاة ظروف السوق، وسواء كانت هذه العملية مخططة أم وقتية فهي بلا شك خاضعة للدراسة والتمحيص بشكل دائم على المستوى الحكومي.

 ورأى رويم أنه سيكون لها أثر إيجابي، فمواكبة السياسة النقدية للمؤشرات الاقتصادية هو أمر ضروري ومطلوب في كل وقت، ولا علاقة بينها وبين أسعار العملات الأجنبية أيّاً كان نوعها.

 

 

العدد 1105 - 01/5/2024