معايير الجودة لأغلفة الكتب المدرسة (1)

بدأ العام الدراسي في سورية حاملاً معه جدلاً واسعاً حول المناهج التربوية الجديدة وأغلفتها التي كانت المحور الرئيسي في النقاشات الحادة وآراء الإعلام والمختصين والمواطنين ونقدهم لوزارة التربية التي خرج وزيرها مفسراً للإعلام المحلي خطة الوزارة ورؤيتها حول الأغلفة، ولكن حديث الوزير تمحور حول كتاب التاريخ وغلافه الذي حمل صورة لتمثال ماري المشهور ولم يأت على ذكر الأغلفة الأخرى.

 صحيفة (النور) لن تدخل في التفاصيل وإبداء الرأي والنقد، وسوف نطرح الموضوع وفق علم النفس ومدارسه التي تعتبر الأساس في بناء المناهج المدرسية، ومعايير الصور والأغلفة للكتب المدرسية.

 

 يجب أن يتمتع غلاف الكتاب المدرسي بترجمة صحيحة وصادقة للعوامل القرائية أي سهولة القراءة وفهم النص  مضموناً وإخراجاً، والذي يحث التلميذ والطالب على الرغبة والفضول في قراءته لغةً ومضموناً، وهو يعتبر وسيلة مهمة لتكوين اتجاهاته وقيمه الإنسانية الصحيحة،
لذلك يتطلب تصميماً مميزاً على أساس اختيار أفضل البدائل المكونة لبنيته، وإدخال عناصر أساسية مكونة له ومخططات منظمة رابطة لمحتواه ليأتي في سياق الطموحات والأهداف للعملية التربوية المرجوة منه.

ولتحقيق معايير الجودة في غلاف الكتاب المدرسي يجب التقيد بالشروط والخصائص التي تصنع الكتاب الجيد، وبعدها يمكن الحصول على المؤشرات ومعايير الجودة التي يتم الحكم من خلالها على جودة الغلاف وتوظيفه في تقويم الكتب المدرسية وتطويرها،
وهذه الكتب يجب أن تتوفر فيها مجموعة من المعايير والأسس التي يجب مراعاتها وسوف نتحدث عنها بالتفصيل.

فمن واجب معدّي المناهج المدرسية من التأليف إلى الإخراج والطباعة أن يراعوا قابلية التلاميذ والطلاب للتأثر بالمؤثرات الثقافية التي تصلهم بالكتاب وفق نوعيته ومحتواه العلمي والأدبي.

حتى لا يقع مصمّمو المناهج المدرسية في إشكالات جمالية وأخطاء كارثية بعيدة عن مضمون الكتاب ومحتواه فإن عليهم وضع أهداف عامة وفق النظم التربوية التي تحدد مجالاتها سواء فيما يتعلق بالنمو العقلي والمعرفي أو بالقيم والاتجاهات وكل ما له علاقة بالجانب الشعوري والوجداني،
لأنه عندما يوضع كتاب سيئ وغير مناسب بدءاً من غلافه، يحدث نقطة افتراق بين التلميذ والكتاب، وهنا تكمن الكارثة الحقيقية، فمن الضروري وفق الخبرات الناجحة لعملية التعليم عقد صلة حب وصداقة بين التلميذ وكتابه المدرسي حتى قبل دخوله المدرسة في سنوات رياض الأطفال،
فمن المهم جداً أن يصبح الكتاب الشيء المفضل لدى التلميذ والطالب في الحفاظ عليه والاعتماد على معلوماته في تطوير قدراته المعرفية والذهنية.

فالكتب المدرسية ليست وسيلة للمعرفة فقط بل هي وسيلة للتعلم وترسيخ القيم الإنسانية والأخلاقية للإنسان لذلك يجب أن تحتوي على هذه الميزات الضرورية:

– الشكل الفني للغلاف من حيث هيئته وأسلوب عرضه ونوعية الخط المستخدم فيه.

– جاذبية الغلاف ونوعيته التي يجب أن تتحمل كثرة الاستخدام.

– الشكل النهائي بما يحتويه من صور تعتبر أدوات تشكيلية تحقق الراحة للتلميذ وتضفي لمسة جمالية للكتاب ويمكن أن تكون هذه الصورة لبحث مهم داخل الكتاب مما يجعله شيقاً للطالب والتلميذ.

 

معايير جودة صورة الغلاف

تعتبر صورة الغلاف مهمة جداً فهي النافذة التي يطل منها التلميذ على معالم كتابه المدرسي ومحتواه، فإما أن يثير التحفيز والقبول، أو الابتعاد والنفور. ومن هنا ندرك أهمية الصورة فهي عامل أساسي في جذب التلميذ وحبه للكتاب، ومن المعروف وفق علوم النفس الإنسانية أن الطفل يميل إلى الحركة والألوان والرسوم،
ما يعني أن اللغة البصرية مهمة جداً وتعتبر أول أدوات الإدراك الذي يعتبر مفتاح تكوين المعلومة لدى الطفل. ويرى الباحثون وعلماء النفس أن أهم الشروط في أغلفة الكتب المدرسية احتوائها على رسوم جذابة، كما يجب أن يحتوي داخل الكتاب على صور ترافق الفكرة وتبسطها مما يجعل المنهاج يحقق غايته وأهدافه لكل مرحلة عمرية.
فعلى واضعي المناهج معرفة القدرات والاستعدادات النفسية والعقلية للأطفال خصوصاً التي تؤثر في إدراكهم للأشياء ومدى قراءتهم لمحتواها ومن ثم اختيار التصميم المناسب لذي يوصل المعلومة ويوجه سلوك الطفل ويعمل على جذبه وتربيته وتثقيفه، فمن من المعروف والبديهي أن الطفل يعبر عن نفسه بالرسم والتلوين بعفوية وصدق، فهم يجردون الأشكال بطرق مبسطة بدائية ونوع من الفكاهة والذي يعبر عن خيالهم وربطه بالواقع.

 فالفن هو إنتاج صورة جمالية تعمل على تنمية ذوق وفكر المرحلة العمرية المستهدفة لتحقيق الأهداف المرجوة ولكل فئة تصاميم ورسوم تجذبها، وتخضع لمعايير مهمة جداً سوف نذكر بعضها:

– يجب أن يرتبط اختيار الرسوم بسن التلميذ والطالب وعلى تنمية القدرات العقلية، ويرى الباحثون أنه كلما صغر السن وجب أن تكون الرسوم بسيطة وغير معقدة، فكثرة التفاصيل تؤدي إلى الضياع والتشتت وعدم الفهم.

– تعتبر الألوان أهم مفاتيح الغلاف لما لها من تأثير بصري وإدراكي، ويرى خبراء علم النفس والتربية أن(الأطفال ينجذبون للألوان المشرقة، فاللون يعتبر من أهم عوامل التشويق للرسم، والألوان غير المتناسقة تؤدي إلى عدم الاستمتاع وابتعاد ذهن الطفل عنها).

–  يجب أن يحتوي التصميم على الفكرة التي تعمل على زيادة فاعلية الاتصال بين التلميذ والكتاب الذي يؤدي لتنمية قدراته.

 

العدد 1105 - 01/5/2024