معايير الجودة لأغلفة الكتب المدرسية (2)

 الاستياء والجدل الشعبي حول المناهج التربوية السورية مازال مستمراً حتى اليوم سواء في الشارع، المقهى، البيت، المؤسسات، المدارس وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، لكن لم يشكل هذا الاستياء وصوت المواطن ومطالبهم أي خطوة نحو قرار في البرلمان الذي يمثل صوت الشعب، فلم نرَ من تلك الجلسة حول المناهج سوى تبريرات وزارية دون أي تطرق حتى لمعايير الجودة العالمية للكتب المدرسية.

 كنا قد تناولنا في العدد 783 من صحيفة (النور) جزءاً من معايير الجودة العالمية لأغلفة الكتب المدرسية، وفي هذا المقال سوف نسلط الضوء على معايير جودة الصورة، سواء صورة الغلاف أو الصور الداخلية للكتب المدرسية.

معايير جودة الصورة

 هناك مجموعة معايير يجب التقيد بها أثناء إعداد صور أغلفة الكتب المدرسية والصور المرفقة داخلها من حيث الفكرة والتصميم والألوان التي ترتبط بالمرحلة العمرية للتلميذ والطالب وأهم هذه المعايير:

– يجب أن يتميز الغلاف بالصفة الجمالية والتشويق، فهما من الوسائل الهامة في تحقيق عملية الاتصال، وهي تتحقق من خلال إثارة عملية التنوع للعناصر، وتكمن أهمية هذا التنوع فيما يثيره من حيوية ونشاط بين العناصر على اختلاف أجزائها، ومن جهة ثانية إبعاد الملل الذي ينتج عن الرتابة والتكرار، إذ تشكل هذه العناصر بتنوعها تباين التصميم الكلي، وهنا يجب ترتيبها بشكل متناغم ومنسجم من قبل المصمم الذي يلجأ لاستعمال عمليات متنوعة وكثيرة لإضفاء التنوع المتناغم على العمل التصميمي، وذلك بهدف تحقيق هدفين أساسيين هما: لفت الانتباه، وإحداث الجاذبية للمتلقي.

– بالنسبة للصور الداخلية للكتاب يجب أن يعمل المصمم على تحقيق الوحدة بين العناصر من خلال تماسك التصميم والابتعاد عن التفكيك من خلال العلاقات التصميمية المناسبة التي تصوغها الفكرة، وتركيز الصورة على الهدف المراد إيصاله إلى التلميذ والطالب وعدم ملء الصورة بالمعلومات الثانوية التي لا فائدة منها أبداً، فيجب أن تكون الصورة سهلة التفسير ودقيقة من خلال واقعية الرسم واستخدام الألوان الطبيعية بحيث يفهم المتعلم مضمون الصورة بمجرد النظر إليها.

– الابتعاد عن التراكيب المعقدة لعناصر التصميم بحيث يمكن قراءة الصورة بوضوح، مع مراعاة الذوق الفني والجمال الذي ينتج عن جودة توظيف العناصر في التصميم.

– إذا كانت صورة الغلاف تحتوي على شخصيات عامة أو تاريخية يفضل وضع شخصية رئيسية واحدة وعدم الإكثار من الشخصيات الثانوية كي لا يضيع الطالب بينها.

– يجب اختيار الخطوط المألوفة بصرياً للغلاف وفق الفئة العمرية المستهدفة، كما يجب ربط خط الغلاف بالخط الداخلي للكتاب المدرسي بحيث يكون سهل القراءة، وأن يجذب الانتباه من حيث الحجم واللون.

– الصور يجب أن تكون واضحة ونقية والألوان عالية الجودة.

– الصور الإيضاحية مهما كان نوعها يجب أن تكون واضحة، فمثلاً للتلاميذ بالمستوى الأول التعليمي يجب أن تكون الرسوم كبيرة مع تقليل التفاصيل فيها، فيذكر العنصر الأساسي الذي يثير انتباه الطفل مع مراعاة عدم استخدام خلفيات معقدة.

 مراجعة التصاميم

تعتبر مراجعة التصميم وسيلة مهمة وفعالة للتحقق من جودة التصميم وفق المعايير الصحيحة، ويقوم بها مجموعة من الخبراء المختصين بالتصميم بدقة متناهية للتأكد من مطابقة التصميم للمعايير المطلوبة، ويجب أن تتمتع هذه العملية بالمرونة، ويوجد ثلاثة أنواع لمراجعة التصاميم وهي:

1- المراجعة المبدئية: في هذه المرحلة يتم مراجعة الأفكار الأساسية للتصميم.

2-  المراجعة المتوسطة: وهي مرحلة متوسطة يتم فيها تصحيح الملاحظات قبل القرار النهائي.

3- المراجعة النهائية: في هذه المرحلة يجري الوصول إلى القرار النهائي للتصميم قبل عملية الطباعة.

عوامل ضعف وحدة الشكل في الصورة والغلاف

هناك عوامل تحقق وحدة الرسم، ويقابلها عوامل تقلل من وحدة الشكل، وهي تؤدي إلى إضعاف التصميم المقدم سواء في غلاف الكتاب المدرسي أو في الصور التي يحتويها، ومن هذه العوامل:

– إذا احتوى الغلاف على شكلين الأول واضح ويعبر عن الفكرة التي يحتويها، والثاني غامض وغير واضح عما يحتويه، فيضعف بذلك وحدة الشكل.

– إذا احتوت الصورة على موضوعين أو أكثر يتصارعان بالأهمية فإنهما يجذبان النظر نحوهما بشكل متساوٍ.

– زيادة عدد الأشكال المتجاورة المتباينة الألوان يضعف وحدة الشكل ويشتتها.

ويمكن للمصمم الناجح التغلب على مشاكل التصميم بطرق متعددة فعلى سبيل المثال:

– قد يحتوي التصميم على بعض العناصر غير الواضحة، فهذه العناصر تضعف من شكل التصميم وجودته، فيمكن للمصمم الاستغناء عنهـا لأنها تضعف من قدرة التلميذ على إدراك الفكرة في التصميم وفهمها.

– يمكن أن يحتوي التصميم على عدة عناصر متنوعة، ولكن تفصل فيما بينها فراغات، وهذه الفراغات تؤدي لإضعاف انسجام التصميم، وهنا يمكن للمصمم التقليل منها قدر الإمكان وزيادة تقاربها داخل إطار خطي، لأن وضع خط حول الأجزاء المتنوعة يوحد بينها.

 أغلفة الكتب المدرسية السورية هل تحقق معايير الجودة؟

بالاطلاع على معظم أغلفة المناهج التي طبعت هذا العام والتي لاقت استهجاناً شعبياً ورفضاً لها، لما تحمله من رسوم لا تعبر عن المادة العلمية للكتاب المدرسي ومحتواه، يتضح أنه قد أُخذت لوحات لبعض الفنانين ووضعت أغلفة للمناهج السورية، ولم يتضح وجود لجنة مختصة لعناصر الجودة في تصميم الغلاف المدرسي، فنجد مثلاً منهاج الصف الأول احتوى على رسوم وألوان تجعل الطفل يضطهد الكتاب ويرفضه بشدة بسبب الألوان السيئة، وكذلك الشكل المخيف للطفل، لعدم جاذبيته ولاحتوائه على عناصر المستوى العمري للطفل، مما جعل بعض الأهالي يعملون على تجليد الكتاب بلون مختلف ووضع صور ترغّب الطفل فيه.

فصور الأغلفة تحتاج إلى إعادة تصميم بإشراف لجنة مختصة بالرسوم والتصميم وفق معايير جودة عالمية.

بعض المواطنين يسألون أو يتساءلون، وكثيرون لا يدركون ما هي مراحل إعداد الكتب المدرسية، وهل وزارة التربية والتعليم عملت بخطة متوازنة للوصول إلى المناهج الوطنية التي تحمي أجيال المستقبل السوري وتحمي ثقافة الأجداد؟ 

العدد 1105 - 01/5/2024