حلم امتلاك المنزل

(للبيع منزل في الزاهرة بسعر ٢٠٠ مليون والمساحة 200 متر)… (للبيع منزل في منطقة المزرعة بمساحة 140 وكسوة ممتازة…سوبرديلوكس والسعر ١٥٠ مليون ليرة)… (للبيع منزل في الشيخ محي الدين بمساحة ٣٥ متراً والسعر ١٩ مليوناً).

إعلانات نقرؤها كل يوم على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي وصحف الإعلانات كلها تعرض منازل للبيع بأسعار صادمة ومساحات مختلفة، كل منهم يظهر المنزل وكأنه شقة الأحلام وأن امتلاكه فرصة لن تعوض.

شقق بمليار ليرة، ومنها بنصف مليار أو مئات الملايين، وتلك التي بـ٥٠ مليوناً، وأخرى في منطقة مخالفات بـ٣٠ أو٢٠ مليوناً.. ومن الممكن إن كنت سعيد الحظ أن تجد غرفة يمكن لك أن تطلق عليها اسم منزل بـ ٧ أو ٦ ملايين ليرة وربما أقل.

مبالغ خيالية باتت تُطلَب مقابل منزل الأحلام، وأحلام نصف الشعب سحقت تحت ركام وحطام بيوتهم القديمة التي دفعوا الغالي والرخيص في سبيل امتلاكها، واليوم مع فقدانها وتحولهم إلى مستأجرين أصبح شراء منزل جديد شبه مستحيل، وخصوصاً لفئة الشباب التي كبرت في مرحلة صعبة، جعلت من العسير عليهم تأمين الدخل الذي لا يغطي إلا جزءاً صغيراً من مصروفهم، فكيف سيتمكنون من توفير المال لشراء هذه المنازل التي أصبحت بعشرات أو مئات الملايين. وبسبب هذه الأزمة ارتفعت أسعار المنازل ارتفاعاً غير معقول، يفوق أسعار المنازل في العواصم العالمية..  حيث يتمكن الأغنياء فقط من امتلاك البيوت، ويترك الباقي من متوسطي الدخل ومحدوديه والفقراء عالقين في متاهة البحث عن المأوى.

وتبعاً للطبيعة الاجتماعية في بلادنا يعتبر امتلاك منزل من الأمور الهامة للأسرة السورية، لهذا يبقى الشباب الطامحين بمستقبل أفضل وحياة مستقرة  أمام خيارات قليلة، فإما أن يدخل ضمن دائرة المستأجرين الذين يعانون في كل شهر لتأمين إيجار المنزل وإنفاق ما بقي من مدخراتهم عليه، أو أن يطلب من ذويه بيع بيت العائلة وشراء منزلين صغيرين بثمنه في منطقة أخرى، وهذه طريقة تشبه بشكل من الأشكال أسلوب أهل المدن عند انتقالهم للعيش في ضواحي المدينة، ويبقى حال الشريحة الأكبر ممّن هم وأهلهم لا يملكون القدرة على شراء منزل بعد أن فقدوا منزلهم، إذ  يجبرهم هذا الواقع على الهجرة إلى بلاد فتحت أبوابها لشبابنا وأغرتهم بالمنازل والرفاهية الخادعة، والخيار المنتشر أكثر هو البقاء والانتظار والمحاربة للوصول إلى زمن يتمكن فيه من شراء منزل الأحلام والاستقرار كما يأمل.

في ظروف صعبة كهذه لا يكون للشباب حل سوى تأجيل أحلامهم وأمانيهم، ولكن يبقى السؤال كيف يمكن أن تحل مثل هذه المشكلة من غير تدخل الحكومة، فهي الوحيدة القادرة على إقامة مشاريع داعمة للشباب تماثل أهداف  السكن الشبابي، ولكن بشكل أسرع وأوسع، فشريحة المستفيدين ستكون أكبر والظاهرة تتفاقم في كل عام.

لذا نأمل أن يكون هناك دراسة مجدية لمساعدة الشباب وإقامة هيئات متخصصة بإنشاء مساكن لهؤلاء الشباب، إما للإيجار لإنقاذهم من جشع الملاك أو بهدف التملك بعد دفع أقساط معينة، وبسعر معقول يتناسب مع دخله وحالته المعيشية، وعلى أمل أن تتخذ خطوات تساعد الشباب بإيقاع سريع على امتلاك بيوتهم الخاصة، يعيش الشباب على أحلام ربما تتحقق في يوم من الأيام.

العدد 1105 - 01/5/2024