من يصنع الشهرة هذه الأيام؟!

بين الجد والمزاح، فتحت السيرة نفسها، تلك التي تتعلق بالشهرة والأضواء في عالم يسمونه الآن القرية الكونية. وفي قلبه يتوهج هذا العالم،عالم الأضواء والنجوم، وقد أفرغه العصر من محتواه.. فمن هو الرجل الشهير، ومن يصنع شهرته؟ وهل صحيح أن الشهرة تحتاج إلى صناعة، وهل يمكن للإعلام أن يقوم بهذا الدور؟

بالطبع تتوالد الأجوبة الكثيرة من حولنا، فمرة تأتي الشهرة من الصحافة، ومرة من السينما، ومرة من التلفزيون، وأحياناً من الإذاعة، وتغيب حالات كثيرة عن التداول، كالاختراع والكتابة والعلم والتعليم والسياسة. وكأن العصر من حولنا بُني على الفن وأدوات الاتصال الكبرى، وكأنه لايوجد في الكون مشاهير إلا النجوم!

وفي تعريف المشهور يقال: إن المشهور هو من يعرفه الجمهور ويتقربون منه لمصافحته، لاختراعه أو فنه أو إبداعه، وفي بعض الأحيان هو ذاك الذي يلفت النظر إليه بملابسه أو جماله أو سلوكه. فهل تنطبق المعايير على كل العصور التي نتحدث عنها في سياق حديثنا عن الشهرة؟

 في المسألة أمر آخر لابد من التعرف إليه، هو أن لكل عصر وزمان ملامح خاصة للشهرة. فالشهرة في عصر البخار والآلة هي غير الشهرة في العصر الذي قدم لنا السينما، والشهرة في عصر الاتصالات العظيمة هي غير الشهرة في عصر النهضة في أوربا رغم أن لكل منهما سمة إيجابية يمكن من خلالها التعرف على علاقتها بالإنسان واحترام الناس لإنجازاته!

في عصرنا مثلاً الشهرة هي للفن والرياضة، ثم تالياً: السياسة.. ولكن لاحظوا جيداً ترابط كل هذه العناصر بالمنعطف الكبير أو القفزة الكبرى التي تقدم صاحبها إلى الشهرة، فالفنان يحتاج إلى عمل فني، والرياضي يحتاج إلى إنجاز، والمخترع إلى اختراع.

وفي ترابط السلسلة فإن العمل الفني يحتاج إلى من يصنعه بمهارة، والمهارة تحتاج إلى أدوات، والأدوات تحتاج إلى مخترعين، وهكذا تدور الدائرة، ويقطفها شخص واحد، وتتراجع أسماء الآخرين إلى الظل!

بقيت نقطة واحدة، هي الحق في الشهرة، فمن هو الأحق في الشهرة؟ هل هو كل هؤلاء الذين تحدثنا عنهم، أم أنه المنتج الأساسي الذي يتميز عن أقرانه البشر. أنا أعتقد أن هذا هو جواب العصر: نعم، الإنسان المنتج الذي يعطي بلا حساب ويتميز عن أقرانه البشر في عطائه ونوعية إنتاجه هو صاحب الحق في الشهرة، وعلينا جميعاً أن نبحث عنه وأن نقدمه إلى الصفوف الأولى!

العدد 1104 - 24/4/2024