ولادة وسيلة إعلام!

من اللحظات الهامة والحساسة في حياة كل إنسان هي اللحظات التي يكون هذا الإنسان مشاركاً فيها بمشروع ما، أو منعطف ما، فإذا نجح هذا المشروع، أو المنعطف كان فخوراً بأنه كان فيه، وإذا فشل، فلتكفه الخيبة عقاباً، كما يقول شيلّي!

وبالنسبة إلينا نحن الذين نعمل في الكتابة والإعلام، فإن نجاح المشروع يعني نجاحاً مهنياً وشخصياً معاً، لأن ذلك يعني الشهرة والمصداقية بين الناس، وليس أجمل من هاتين الميزتين.

أما بالنسبة لي فلا أستطيع تقييم ما أقوم به، لأن ذلك يعود للناس، إلا إذا سئلت، وقد أهلتني المهنة للمشاركة في عدة مشاريع دفعة واحدة: أولها عندما كنت فتى في مقتبل العمر، فقد دخلت الجامعة، وساهمت في إصدار مجلة علمية متخصصة هي (المجلة الجيولوجية السورية)، وكان دوري يتعلق بمتابعة الطباعة والإخراج مع فريق عمل تحمّست للعمل معه، بعيداً عن الكتابة، لأن الكتابة فيها كانت بحثاً علمياً لا أجيده، رغم أنني كنت أدرس العلوم الجيولوجية في السنة الأولى، ولا أشعر بهضم هذه المادة ولا تستطيع هي هضمي!

عندما صدر العدد الثاني من هذه المجلة، كانت سمعتها قد تجاوزت الوسط العلمي وقتئذ (عام 1977)، فتابعت صدورها بينما رحت أنا أبحث عن طريقي في الصحافة داخل عاصمة الصحافة العربية بيروت.

لم يكن لي مساهمات من هذا النوع إلا عندما وصلتني رسالة تطلب رأيي في إعادة إصدار صحيفة محلية لها سمعة وطنية هي صحيفة (النور)، وقد سارعت للكتابة فيها.

فيما بعد، وحين بدأت العمل مع الدكتور فؤاد شربجي لإطلاق تلفزيون (الدنيا)، كان المشروع صعباً يهدف إلى إنجاز أول محاولة تلفزيونية لإعلام خاص مستقل يفتح الأبواب لإعلام سوري جديد، ولن أتحدث عن هذه التجربة، لأن ذلك أصبح من حق الناس!

مرة أخرى شاركت في فريق عمل إطلاق القناة (الإخبارية السورية)، وبعد شهور تركت العمل لأنني لا أستطيع إضافة شيء لما يقوم به الآخرون. ثم هأنذا أعمل في إطلاق قناة جديدة هي قناة (تلاق) مع فريق عمل متحمس نشيط وجاد، وننتظر خطوة تحمل اسمها، وأتمنى لها النجاح!

اليوم تولد محطة إخبارية إذاعية اسمها (سوريانا)، وأنا أقف باحترام أستمع لنغمات شاراتها وفواصلها، أشعر أن طريق الإعلام لابد أن يشق طريقه مهما صادفه من عقبات.

نعم لابد أن يشق الإعلام طريقه بقوة وتصميم، هو تصميم الإعلامي نفسه!

العدد 1104 - 24/4/2024