الرئيس الأسد لقناة (فينيكس) الصينية: أي قوات أجنبية تدخل سورية دون دعوتنا أو إذننا هي قوات غازية

أكد السيد الرئيس بشار الأسد، في مقابلة مع قناة (فينيكس) الصينية أن حل الأزمة في سورية ينبغي أن يكون عبر مسارين متوازيين، يتمثل الأول في محاربة الإرهابيين، وهذا واجبنا كحكومة أن ندافع عن السوريين ونستخدم كل وسيلة ممكنة لدحر الإرهابيين الذين يقتلون ويدمرون في سورية. وأكد الرئيس الأسد أن أي قوات أجنبية تدخل سورية دون دعوتنا أو إذننا أو التشاور معنا تعتبر قوات غازية سواء كانت أمريكية أو تركية أو أي قوات أخرى.

وفيما يلي فقرات من إجابات السيد الرئيس في هذه المقابلة:

لم نتوقع أن ينتج جنيف شيئاً، لكنه خطوة على طريق ستكون طويلة، وقد تكون هناك جولات أخرى سواء في جنيف أو في أستانا.

كلما كان هناك تأخير ازدادت الأضرار والدمار والقتل وإراقة الدماء في سورية، لهذا نحن حريصون جداً على التوصل إلى حل، لكن كيف وبأي طريقة ؟ ينبغي أن يكون هناك مساران متوازيان، يتمثل الأول في محاربة الإرهابيين، وهذا واجبنا كحكومة، أن ندافع عن السوريين ونستخدم كل وسيلة ممكنة من أجل دحر الإرهابيين الذين يقتلون ويدمرون في سورية.

والمسار الثاني يتمثل في إجراء الحوار، ولهذا الحوار العديد من الأوجه المختلفة، هناك الجانب السياسي الذي يرتبط بمستقبل سورية وطبيعة ونوع النظام السياسي الذي نحتاجه بصرف النظر عن شكل هذا النظام، فذلك يعتمد على ما يقرره السوريون عبر الاستفتاء حول ما يريدونه، الجانب الثاني يتمثل في محاولة دفع أكبر عدد ممكن من الأشخاص الذين كانوا مرتبطين بالإرهابيين أو الذين ارتكبوا أفعالاً إرهابية للعودة إلى حياتهم الطبيعية والتخلي عن أسلحتهم مقابل العفو الذي قدمته الحكومة، ونحن نتحرك في هذا الاتجاه منذ ثلاث سنوات وقد نجح بشكل جيد جداً، في الواقع إذا أردت أن تتحدث عن الحل السياسي الحقيقي منذ بداية الأزمة ومنذ بداية الحرب على سورية، حتى هذه اللحظة، فإن الحل الوحيد تمثل في تلك المصالحات بين الحكومة ومختلف المسلحين في سورية الذين انضم العديد منهم إلى الحكومة وهم يقاتلون معها الآن، والبعض الآخر سلم أسلحته وعاد إلى حياته الطبيعية.

فيما يتعلق بالجزء الأول مما ذكرته حول آمالهم، عندما تعلق آمالك على بلد أجنبي بصرف النظر عن أي بلد هو فإن هذا يعني أنك لست وطنياً، وهذا مثبت لأنهم ينبغي أن يعتمدوا على دعم الشعب السوري وليس على أي حكومة أو إدارة أخرى، فيما يتعلق بإدارة ترامب خلال حملته وحتى بعد الحملة فإن الخطاب الرئيسي للإدارة وللرئيس نفسه كان حول أولوية إلحاق الهزيمة بـ (داعش)، وقد قلت منذ البداية، إن هذه مقاربة واعدة حيال ما يحدث في سورية والعراق باعتبارنا نعيش في المنطقة ذاتها ونواجه العدو ذاته، لم نر شيئاً ملموساً بعد فيما يتعلق بهذا الخطاب لأننا نرى الآن أنواعاً مختلفة من الهجمات، هجمات وغارات عسكرية ضد  (داعش)، لكنها تقتصر على مناطق صغيرة، لا يمكن محاربة الإرهاب بشكل مجزأ بل ينبغي أن يكون ذلك شاملاً، ولا يمكن أن يكون جزئياً أو مؤقتاً،

لا يمكن أن يقتصر الأمر على الغارات الجوية بل يجب أن يكون بالتعاون مع القوات على الأرض، لهذا السبب نجح الروس مذ بدؤوا دعمهم للجيش السوري في جعل (داعش) يتقلص ولا يتمدد كما كان يفعل من قبل، وبالتالي فإننا نأمل في أن تقوم هذه الإدارة الأمريكية بتنفيذ ما سمعناه مع الأخذ بعين الاعتبار أن الحديث عن الإرهاب ككل لا يقتصر على (داعش)، فـ (داعش) هو أحد منتجات الإرهاب، و (النصرة) منتج آخر، وهناك العديد من الجماعات في سورية، ليست (داعش) لكنها من  (القاعدة)، ولديها الخلفية الأيديولوجية الوهابية المتطرفة نفسها.

إن أي قوات أجنبية تدخل سورية دون دعوتنا أو إذننا أو التشاور معنا تعتبر قوات غازية، سواء كانت أمريكية أو تركية أو أي قوات أخرى، ولا نعتقد أن هذا سيكون مفيداً، ما الذي سيفعلونه ؟ هل سيحاربون ” داعش ” ؟ لقد خسر الأمريكيون تقريباً في كل حرب، خسروا في العراق وأجبروا على الانسحاب في النهاية، حتى في الصومال خسروا، ناهيك عن فيتنام في الماضي وأفغانستان البلد المجاور لكم، لم ينجحوا في أي مكان أرسلوا إليه قواتهم، إنهم يخلقون الفوضى وحسب، إنهم جيدون جداً في خلق المشاكل وإحداث الدمار، لكنهم سيئون جداً في إيجاد الحلول.

الصين عضو في مجلس الأمن وهي ملتزمة بميثاق الأمم المتحدة، وباستخدامها ذلك الفيتو فإن الصين كانت تدافع أولا وقبل كل شيء عن الميثاق، لأن الأمم المتحدة أنشئت من أجل استعادة الاستقرار في سائر أنحاء العالم، في الواقع فإن الدول الغربية وخصوصاً تلك التي تتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن تحاول استخدام الأمم المتحدة ومجلس الأمن كأداة لتغيير الأنظمة أو الحكومات ولتنفيذ أجندتها وليس لاستعادة الاستقرار، بل إنها تستخدمها في الواقع لإحداث مزيد من عدم الاستقرار حول العالم، الجانب الثاني هو أن الصين أعادت التوازن إلى العالم من خلال إقامة نوع من التوازن السياسي داخل الأمم المتحدة بالتعاون مع روسيا، وهو أمر في غاية الأهمية للعالم بأسره، بالطبع فإن سورية كانت العنوان الرئيسي وهذا جيد بالنسبة لسورية، لكن مرة أخرى فإن ذلك جيد لباقي أنحاء العالم،

ثالثاً، الدول التي أرادت استخدام ميثاق الأمم المتحدة لمصالحها الذاتية هي تلك الدول نفسها التي تدخلت أو حاولت التدخل في بلدكم في أواخر التسعينيات، واستخدمت عناوين مختلفة مثل حقوق الإنسان وما إلى ذلك، وأنتم تعرفون ذلك، ولو أتيحت لهم الفرصة لكانوا غيروا كل حكومة في العالم سواء كانت حكومة بلد كبير أو صغير، فقط عندما تحاول تلك الحكومة أن تكون مستقلة قليلاً، وبالتالي فإن الصين كانت تحمي المصالح الصينية والمصالح السورية ومصالح العالم وخصوصاً البلدان الصغيرة أو الضعيفة.

في الواقع إذا تحدثت عما كان الإرهابيون يفعلونه على مدى السنوات الست الماضية فإنهم كانوا يدمرون كل شيء يتعلق بالبنية التحتية، رغم ذلك فإن الحكومة السورية لا تزال فعالة على الأقل عبر تقديم الحد الأدنى من الاحتياجات للشعب السوري، لكنهم كانوا يدمرون كل شيء في كل قطاع دون استثناء، إضافة إلى ذلك فإن الحصار الغربي على سورية منعها حتى من الحصول على الاحتياجات الأساسية لمعيشة أي مواطن في سورية، ولذلك عندما تسأل في أي قطاع ؟ أقول في كل القطاعات، أعني أن بوسع الصين أن تكون في كل القطاعات دون استثناء، لأن الأضرار لحقت بها كلها، لكن إذا تحدثنا عن المرحلة الراهنة قبل أن تبدأ عملية إعادة البناء الشاملة فإن الصين تشارك الآن مباشرة في بناء العديد من المشاريع وخصوصاً المشاريع الصناعية في سورية،

هناك العديد من الخبراء الصينيين الذين يعملون الآن في سورية في مختلف المجالات من أجل وضع الأسس لهذه المشاريع، لكن بالطبع عندما يكون هناك درجة أكبر من الاستقرار فإن الأمر الأكثر أهمية سيكون بناء الضواحي المدمرة، هذا هو الجزء الأكثر أهمية في عملية إعادة الإعمار، الجزء الثاني هو البنية التحتية، نظام الصرف الصحي والكهرباء وحقول النفط وكل شيء دون استثناء، الجزء الثالث سيكون المشاريع الصناعية التي يمكن أن تكون في القطاع الخاص أو القطاع العام في سورية.

لقد بتنا قريبين جداً من الرقة الآن .. بالأمس وصلت قواتنا إلى نهر الفرات القريب جداً من مدينة الرقة، والرقة هي معقل ” داعش ” اليوم، وبالتالي فإنها ستكون أولوية بالنسبة لنا، لكن هذا لا يعني أن المدن الأخرى لا تحظى بالأولوية، والعمليات يمكن أن تجري بالتوازي، فتدمر تقع على طريق مدينة دير الزور في الجزء الشرقي من سورية والقريب من الحدود العراقية وتلك المناطق هي التي استخدمها ” داعش ” كممرات ومعابر للدعم اللوجستي بين العراق وسورية، وبالتالي سواء هاجمنا المعقل أو هذا المعبر الذي يستخدمه ” داعش ” فإن للهجوم النتيجة نفسها.

 

العدد 1105 - 01/5/2024