لقاء الرئيس الأسد مع صحيفة(فيسرنجي لست)

الرئيس الأسد لصحيفة (فيسرنجي لست) الكرواتية:

هناك تقدم في محوري مكافحة الإرهاب والمصالحات والأمل اليوم بإنهاء الحرب على سورية أكبر من الأمل في السنوات الماضية

أكد السيد الرئيس بشار الأسد أنه يمكن تحويل الأمل بإنهاء الحرب على سورية إلى واقع من خلال محورين عمليين، الأول هو مكافحة الإرهاب، والثاني بإجراء المصالحات مع كل من يريد إلقاء السلاح والعودة إلى حضن الوطن مضيفاً.. إن هذين المحورين يشهدان تقدماً.. سواء محاربة الإرهاب أو محور المصالحات لذلك أقول بأن الأمل اليوم أكبر من الأمل في السنوات الماضية.

وأشار الرئيس الأسد في مقابلة مع صحيفة (فيسرنجي لست) الكرواتية إلى أن أغلبية السوريين لا يقبلون موضوع الفيدرالية لأنها مقدمة للتقسيم.

وفيما يلي مقاطع من إجابات السيد الرئيس في المقابلة:

لو لم يكن هناك أمل لما كانت هناك إرادة.. لكن كيف يمكن تحويل هذا الأمل إلى واقع؟ يمكن ذلك من خلال محورين عمليين حتى هذه اللحظة، الأول.. هو مكافحة الإرهاب، بغض النظر عن التسميات وبغض النظر عن العناوين. الثاني.. هو إجراء المصالحات مع كل من يريد إلقاء السلاح والعودة إلى الحياة الطبيعية والعودة إلى حضن الوطن.. وهذان المحوران يشهدان تقدماً سواء محاربة الإرهاب أو محور المصالحات.. لذلك أقول بأن الأمل اليوم أكبر من الأمل في السنوات الماضية.

على لسان المسؤولين الغربيين.. وفي مقدمتهم الرئيس السابق أوباما قال بأن المعارضة المعتدلة هي عبارة عن خيال أو وهم.. هذا باعترافهم.. وهم من دعموا تلك المعارضة وهم من أعطوها غطاء الاعتدال غير الحقيقي.. فإذاً هذه المعارضة المعتدلة غير موجودة.. الموجودة معارضة جهادية بالمعنى المنحرف للجهاد طبعاً.. العقائدية أيضاً بالمعنى المنحرف التي لا تقبل حواراً ولا حلاً إلا بطريقة الإرهاب.. فلذلك عملياً مع هذا الجزء من المعارضة لا يمكن أن نصل إلى أي نتيجة فعلية.. والدليل أنه خلال مفاوضات أستانا بدؤوا بالهجوم على مدينة دمشق وعلى حماة ومناطق أخرى من سورية وأعادوا دولاب الإرهاب وقتل الأبرياء.. فإذاً لا يمكن لهؤلاء الإرهابيين أن يكونوا معارضة ولا يمكن لهم أن يساعدوا في الوصول إلى حل. عدا ذلك.. هذه المجموعات الإرهابية نفسها مرتبطة بأجندات دول خارجية.. هي ليست مجموعات تنتمي لتيار من الشعب السوري يريد إصلاحاً سياسياً أو يريد حلاً ما.. سواء قبل الحرب أو خلال الحرب.. وهناك مجموعات قد تبدو سياسية لا تحمل السلاح ولكنها تدعم الإرهابيين وجزء آخر يرتبط بالأجندة السعودية والتركية والغربية.

نتفاوض معهم لأن الكثير في البداية لم يكن يصدق أن هذه المجموعات لا ترغب بإلقاء السلاح والذهاب باتجاه العمل السياسي.. وبالتالي ذهبنا لكي نثبت لكل من يشكك بحقيقة هذا الأمر.. بأن هذه المجموعات لا يمكن أن تمارس العمل السياسي.. لأنها مجموعات إرهابية بالعمق حتى النهاية.

الدول الغربية التي أعلنت الحرب على الإرهاب مازالت حتى هذه اللحظة تدعمه.. هم لا يحاربونه.. وما يقولونه هو مجرد عنوان للاستهلاك الداخلي.. وفي حقيقة الأمر إنهم يستخدمون الإرهاب كورقة لأجندات سياسية مختلفة حتى لو كان هذا الإرهاب يرتد عليهم ويؤدي لسقوط ضحايا في دولهم ولكنهم لا يعترفون بهذه الحقيقة. بالنسبة لمن يحارب الإرهاب في سورية بشكل أساسي هو الجيش العربي السوري وهذا ليس ادعاء.. هناك حقائق على الأرض تؤكد هذا الشيء.. طبعاً الجيش العربي السوري تمكن من تحقيق هذه الإنجازات في مواجهة الإرهابيين.. أولاً بفعل الإرادة الموجودة لدى المقاتل السوري.. بفعل الدعم الشعبي.. فلولا الدعم الشعبي لا يمكن تحقيق هذه الانتصارات.. ولكن أيضاً كان هناك دعم قوي جداً من الحلفاء سواء إيران.. أو روسيا.. أو حزب الله من لبنان.

لا يمكن لجيش يمثل جزءاً من الشعب السوري أن ينتصر في حرب على الساحة السورية.. هذا من البديهيات بغض النظر عما يصور في الغرب. سواء ما طرح من مصطلحات من قبل الإرهابيين في بداية الحرب أو ما طرح من قبل الإعلام المعادي لسورية في الغرب وفي منطقتنا.. كان الهدف هو تصوير الحرب على أنها حرب بين طوائف.. هذه الصورة كانت منتشرة في الغرب.. ولو كان هذا الأمر حقيقياً لتقسمت سورية منذ الأشهر الأولى للحرب.. ولما صمدت ست سنوات كشعب موحد..

صحيح أن الإرهابيين يسيطرون على بعض المناطق ولكن المناطق التي تحت سيطرة الدولة تضم كل أطياف الشعب السوري.. والأهم من ذلك أن فيها جزءاً من عائلات الإرهابيين.. وفيها معظم الأشخاص الذين فروا من مناطق سيطرة الإرهابيين إلى المناطق التي تسيطر عليها الدولة. لو لم يكن هذا الجيش السوري.. ومن خلفه الحكومة.. يمثلون كل الشعب السوري لما كان بالإمكان أن نرى هذه الصورة الموحدة للشعب السوري.

إذا كانت أوربا تريد أن تحمي نفسها في هذه المرحلة.. فعليها أولاً أن تتوقف عن دعم الإرهابيين في سورية. حتى لو أردنا فرضاً أن نتعاون معهم أمنياً في مثل هذه الظروف.. فلا يمكن تحقيق أي نتائج.. وطبعاً لن نقوم بذلك.. عندما يقومون بدعم الإرهابيين. عليهم أن يتوقفوا مباشرة عن دعم الإرهابيين بأي شكل من أشكال الدعم.

الشعب الكرواتي هو شعب صديق والعلاقات بيننا تعود لعقود من الزمن.. ونحن نتحدث عن علاقة عمرها أجيال.. ومازالت مستمرة.. لا نحمّل الشعب الكرواتي مسؤولية أخطاء حكومات.

عندما نتحدث عن أعداد الإرهابيين في سورية.. فنحن نتحدث بكل تأكيد عن مئات الآلاف.. يعني بما يتجاوز المئة ألف كحد أدنى. طبعاً يذهب ويأتي ويقتل منهم بفعل المعارك.. ولكن هذا هو تقديرنا التقريبي للأرقام.

الدول الكبرى لديها مصالح حول العالم.. ونحن كدولة لدينا مصالح في منطقتنا.. نحن لسنا دولة عظمى.. ولكن عندما نعمل من خلال المصالح مع تلك الدول يجب أن تكون مصالح مشتركة. هم يريدون منا أن نعمل من أجل مصالحهم ضد مصالحنا.. لذلك كنا دائماً بحالة صراع مع هذه الدول حول مصالحنا. على سبيل المثال نحن نريد عملية السلام.. ولكن هم يريدون استسلاماً وليس سلاماً..

يريدون منا أن نحصل على السلام من دون حقوق.. هذا غير معقول. يريدون منا أن نتنازل عن سيادتنا.. يريدون منا أن نتنازل عن حقوقنا التي أقر بها القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن وتصويت الأمم المتحدة عدة مرات على عودة الأراضي. هذه أمثلة.. مجرد أمثلة.. هناك الكثير من الأمور المشابهة التي بسببها يعتبرون أن سورية هي دولة مستقلة أكثر من اللازم. لذلك رأوا بأن شن الحرب عليها واستبدال الحكومة الحالية بحكومة تابعة لهم يجعل الأمور أسهل وأفضل بالنسبة لمصالحهم الضيقة.

معظم دول الخليج هي دول تابعة لا تجرؤ على أن تقول لا.. البعض منهم يقول لنا نحن معكم ولكن لا نستطيع أن نعبر عن ذلك.. نتمنى لكم الانتصار في حربكم والحفاظ على سورية موحدة وهزيمة الإرهابيين.. ولكن في العلن يقول شيئاً مختلفاً لأنه يخضع للإرادة الغربية..

الفيدرالية موضوع وطني.. إن كان سيحصل أو لا يحصل.. هو مرتبط بالدستور.. والدستور بحاجة لتصويت شعبي.. لذلك لا نستطيع نحن كحكومة أن نقول.. نقبل أو لا نقبل.. الحكومة والسلطة التنفيذية تعبر عن إرادة الشعب.. ولكن أستطيع أن أعطيك الانطباع العام في سورية بأن أغلبية السوريين لا يقبلون موضوع الفيدرالية لأنها مقدمة للتقسيم.. ولا مبرر لوجود الفيدرالية.. السوريون يعيشون مع بعضهم البعض لعقود وقرون.. حتى قبل وجود الدولة السورية كانوا يعيشون بنفس هذه التركيبة حتى خلال الدولة العثمانية وقبل الدولة العثمانية من دون أي مشاكل..

لا حروب تاريخية بين مكونات الشعب السوري لكي يقولوا بأنه لا يمكن لهذه الطوائف أو الشرائع أو القوميات أن تعيش مع بعضها البعض. فإذاً موضوع الفيدرالية هو موضوع مفتعل الهدف منه الوصول لحالة مشابهة لحالة العراق.. حيث يستخدمون هذا الجزء أو ذلك الجزء ضد الدولة التي من المفترض أن تكون دولة قوية.. وبالتالي يكون لديك دولة ضعيفة.. حكومة ضعيفة.. وشعب ضعيف.. ووطن ضعيف.

.. كل تدخل لأي جندي ولو كان فرداً.. شخصاً.. من دون إذن الحكومة السورية هو غزو بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان.. وأي تدخل في الجو أو بغيره هو أيضاً تدخل غير قانوني.. واعتداء على سورية.

بشكل عام السياسة الأمريكية تبنى على خلق فوضى في أماكن مختلفة من العالم.. وصراعات وفتن بين الدول على مدى عقود.. هذا الشيء ليس جديداً.. ولكنه يتكرر بأشكال مختلفة.. فمن خلال هذه الفتن.. توجد لها موطئ قدم (من خلال التناقضات ومن خلال عملاء موجودين أساساً.. ولكنهم تمكنوا من الظهور بسبب الظروف المستجدة) وتدخل في مساومات تحقق مصالحها في تلك المنطقة.. هذه سياسة أمريكية قديمة.

بالنسبة لتقييمنا للإدارة الأمريكية الحالية.. بالرغم أنها ما زالت في بداياتها.. إلا أننا تعلمنا شيئاً مهماً منذ أن أعيدت العلاقات بين سورية والولايات المتحدة عام 1974 عندما زارنا ريتشارد نيكسون.. الرئيس الأمريكي السابق تعلمنا ألا نراهن على إدارة جيدة.. دائما نقول مَن السيئ ومن الأسوأ.. ولكن لا نقول من الجيد ومن الأفضل أو من السيئ والجيد. فحتى الآن ما نراه في أمريكا هو عبارة عن صراعات لا تنتهي.. صراعات داخل الإدارة وصراعات خارج الإدارة مع الإدارة.. لذلك لا نرى سوى شيء وحيد من هذه الإدارة.. بغض النظر عن التصريحات التي تبدو أفضل من تصريحات غيرها من الإدارات.. وهو أنه طالما أرسلوا قوات إلى سورية من دون التنسيق ومن دون طلب من الحكومة السورية الشرعية.. فهذا يعني أن هذه الإدارة.. كغيرها من الإدارات.. لا ترغب بعودة الاستقرار إلى سورية.

(إسرائيل) تسعى جاهدة لدعم هؤلاء الإرهابيين في كل مكان يتقدم فيه الجيش السوري.. يقومون بالاعتداء بشكل أو بآخر من أجل إعطائهم الدعم.. ومن أجل إيقاف زخم الجيش العربي السوري في وجههم.

الأمل لدينا كبير وهو يزداد.. وهذا الأمل مرتبط بالثقة ولولا الثقة لما كان هناك أمل. بكل الأحوال ليس لدينا خيار سوى أن ننتصر.. إن لم ننتصر في هذه الحرب فهذا يعني أن تمحى سورية من الخارطة. لا خيار آخر في مواجهة هذه الحرب.. لذلك نحن واثقون ونحن مستمرون ونحن مصممون.

 

 

العدد 1107 - 22/5/2024