مقابلة الرئيس الأسد مع قناة (تيليسور) الفنزويلية

الرئيس الأسد لـ (تيليسور) الفنزويلية: إيقاف دعم الإرهابيين من الخارج.. والمصالحة بين كل السوريين هو الطريق لإعادة الأمان إلى سورية

أكد السيد الرئيس بشار الأسد، في مقابلة مع قناة (تيليسور) الفنزويلية أن الهدف من كل الادعاءات الأمريكية والغربية بشأن الأسلحة الكيميائية هو دعم الإرهابيين في سورية، مشيراً إلى أنه من مواصفات السياسيين الأمريكيين أن يكذبوا في كل يوم ولا يقولوا أشياء تعكس الواقع والحقائق على الأرض، والروايات الغربية دائما مليئة بالأكاذيب عبر تاريخها.

وفيما يلي فقرات من إجابات السيد الرئيس في المقابلة:

أولاً، الإرهابيون منذ عدة سنوات استخدموا المواد الكيميائية في أكثر من حادثة، في أكثر من منطقة على امتداد الساحة السورية، وطلبنا من منظمة الأسلحة الكيميائية أن ترسل لجاناً مختصة من أجل التحقيق فيما يحصل، وفي كل مرة كانت الولايات المتحدة تقوم بعرقلة هذه التحقيقات أو عرقلة إرسال لجان من أجل التحقيقات، وهذا ما حصل الأسبوع الماضي عندما كنا نطالب بتحقيقات حول الادعاءات باستخدام الأسلحة الكيميائية في مدينة خان شيخون، وأوقفت الولايات المتحدة وحلفاؤها هذا القرار في منظمة الأسلحة الكيميائية، بالنسبة لنا ما زلنا مصرين ونحاول مع حلفائنا الروس والإيرانيين أن تقوم هذه المنظمة بإرسال فريق للتحقيق فيما حصل، لأنه إن لم يحصل هذا الشيء فالولايات المتحدة ستقوم أو ربما تقوم في مرات لاحقة بإعادة نفس التمثيلية أو المسرحية من خلال فبركة استخدام أسلحة كيميائية مزيفة في مكان ما آخر من سورية، من أجل أن تكون لها حجة بالتدخل العسكري، من أجل دعم الإرهابيين، هذا من جانب، من جانب آخر نحن مستمرون في محاربة الإرهابيين لأن الهدف من كل الادعاءات الأمريكية والغربية بشأن الأسلحة الكيميائية هو دعم الإرهابيين في سورية، لذلك نحن سنبقى مستمرين في محاربة هؤلاء الإرهابيين.

في عام 2003 قام كولن باول أمام كل العالم في الأمم المتحدة بإظهار الدليل الذي يثبت أن الرئيس صدام حسين لديه أسلحة كيميائية ونووية وغيرها، ولكن عندما دخلت القوات الأمريكية إلى العراق ثبت أن كل هذا الكلام كان كذباً، واعترف كولن باول بأن المخابرات الأمريكية خدعته بهذه الأدلة المزيفة، هذه الحادثة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، لذلك إذا كنت تريد أن تكون سياسياً في الولايات المتحدة فعليك أن تكون كاذباً متأصلاً، هذه من مواصفات السياسيين الأمريكيين أن يكذبوا في كل يوم ويقولوا شيئاً ويفعلوا شيئاً آخر، لذلك علينا ألا نصدق ما يقوله البنتاغون أو غير البنتاغون، هم يقولون أشياء تخدم سياساتهم ولا يقولون أشياء تعكس الواقع والحقائق على الأرض.

بالأساس نحن في حالة حرب مع  (إسرائيل)، و)إسرائيل) تعتدي على الدول العربية المحيطة منذ إيجادها في عام 1948 ومن الطبيعي أن يكون لدينا مثل هذه المنظومات، طبعاً الإرهابيون قاموا بتعليمات من الإسرائيليين ومن الأمريكيين ومن تركيا وقطر والسعودية بتدمير جزء من هذه المنظومات، ومن الطبيعي أن نتفاوض مع الروس الآن من أجل تعزيز هذه المنظومات سواء لمواجهة أي تهديدات جوية من قبل (إسرائيل) أو لمواجهة التهديدات التي ربما تأتي من أي صواريخ أمريكية، الآن هذا أصبح احتمالاً وارداً بعد الاعتداء الأمريكي الأخير على مطار الشعيرات في سورية.

الشكل الأول (للدور الإسرائيلي) هو الاعتداء المباشر خاصة عبر الطيران أو المدفعية أو الصواريخ على مواقع الجيش السوري، من جانب آخر، هي تقوم بدعم الإرهابيين بطريقتين، الأولى هي الدعم المباشر بالسلاح، الثانية هي تقديم الدعم اللوجستي لهم من خلال السماح لهم بإجراء المناورات عبر مناطق سيطرتها، ومن خلال تقديم المساعدات الطبية لهم في مشافيها، وطبعاً هذه الأشياء ليست ادعاءات أو توقعات وإنما هي حقائق موجودة ومصورة ومنتشرة على الإنترنت تستطيع أن تحصل عليها كأدلة مثبتة للدور الإسرائيلي في دعم الإرهابيين في سورية.

لا توجد سياسات لرئيس أمريكي، توجد سياسات للمؤسسات الأمريكية الحاكمة للنظام الأمريكي، وهي المخابرات والبنتاغون والشركات الكبرى، شركات السلاح وشركات النفط والمؤسسات المالية الكبرى، بالإضافة لبعض اللوبيات الأخرى التي تؤثر في القرار الأمريكي، الرئيس الأمريكي يأتي لينفذ هذه السياسات، والدليل أن ترامب عندما حاول أن يأخذ مساراً مختلفاً خلال الحملة الانتخابية وبعدها لم يتمكن، كان الهجوم عليه قاسياً جداً، وكما نرى في الأسابيع الأخيرة غيّر لغته تماماً وخضع لشروط الدولة الأمريكية العميقة، أو النظام الأمريكي العميق، لذلك فإن تقييمنا للرئيس الأمريكي بالنسبة للسياسة الخارجية هو مضيعة للوقت وغير واقعي فقد يقول شيئاً ويفعل بالمحصلة ما تمليه عليه هذه المؤسسات، هذه هي السياسة الأمريكية المستمرة منذ عقود، وليست سياسة جديدة.

بالنسبة لروسيا والصين هناك تعاون كبير بما يخص العمل السياسي أو الموقف السياسي، هناك تشابه في وجهات النظر، وهناك تعاون في مجلس الأمن، كما تعلمون الولايات المتحدة حاولت عدة مرات هي وحلفاؤها أن يستخدموا مجلس الأمن من أجل شرعنة دور الإرهابيين في سورية ومن أجل شرعنة دورهم في التدخل في سورية، التدخل غير القانوني والعدواني إذا صح التعبير، لذلك هنا الصين وروسيا وقفتا معاً، وكان دور الصين أساسياً مع روسيا في هذه النقطة، ومن جانب آخر، هناك جزء من الإرهابيين من الجنسية الصينية، وهو أتى إلى سورية عبر تركيا ويشكل تهديداً بالنسبة لنا في سورية، ولكنه يشكل أيضاً تهديداً بالنسبة للصينيين، وهناك وعي صيني حول أن الإرهاب في أي مكان ينتقل لأي مكان آخر، فهذا الإرهاب سواء أكان من أبناء الجنسية الصينية أم من أي جنسيات أخرى ربما يعود إلى الصين ويضرب كما ضرب الآن في أوربا، كما ضرب في روسيا، وكما يضرب في سورية، وهناك الآن تعاون بيننا وبين الصين حول القضايا الأمنية.

الحياة طبعاً قاسية أثرت على كل مواطن سوري، الإرهابيون دمروا البنية التحتية، الكهرباء تأتي في بعض المناطق ربما ساعة أو ساعتين، وفي مناطق أخرى لم يكن هناك كهرباء على الإطلاق، هناك مناطق لم تصلها الكهرباء لأكثر من سنتين أو ثلاث سنوات، لا يعرفون التلفاز، والأطفال لا يذهبون إلى المدرسة، لا توجد عيادات طبية أو مشاف، لا أحد يعالج المرضى،يعيشون قبل الحضارة البشرية بفعل الإرهابيين، وهناك مناطق قطعت عنها المياه أيضاً لسنوات كما حصل في مدينة حلب، لسنوات طويلة لم يكن هناك مياه في مدينة حلب، يأخذون أحياناً المياه الملوثة لاستخدامها في الغسيل والشرب وغير ذلك، فالحياة كانت قاسية جداً.

نحن قلنا هناك محوران، المحور الأول، هو مكافحة الإرهابيين، وهذا ليس قابلاً للنقاش، ولا يوجد لدينا خيار في التعامل مع الإرهابيين سوى مكافحتهم، الجانب الآخر هو الجانب السياسي، وفيه نقطتان، الأولى هي الحوار مع مختلف القوى السياسية حول مستقبل سورية، الثانية، هي المصالحات المحلية، بمعنى نحن نتفاوض مع الإرهابيين في قرية أو في مدينة حسب كل حالة بشكل منفصل، هدف هذه المصالحة أن يلقوا السلاح وأن يحصلوا من الدولة على العفو، وبالتالي يعودون إلى حياتهم الطبيعية، هذا المحور، هذه النقطة تم تطبيقها خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية وحققت نجاحات جيدة وهي مستمرة الآن، هذه هي المحاور التي نستطيع أن نعمل عليها من أجل حل الأزمة السورية.

الرئيس تشافيز كان شخصية متميزة على مستوى العالم، فعندما نتحدث عن أمريكا اللاتينية نتذكر بشكل فوري الرئيس تشافيز والراحل القائد فيديل كاسترو أيضاً، قائد الثورة الكوبية، هما شخصيتان متميزتان غيّرا وجه أمريكا اللاتينية، لكن طبعاً من أعرفه أنا بشكل شخصي والتقيت به أكثر من مرة وكانت تربطني به علاقة شخصية هو الرئيس تشافيز عندما زارنا في سورية وزرته في فنزويلا، زارنا مرتين ولم تكن مرة واحدة، عندما تلتقي به تستطيع أن تقول إنه ابن الشعب، لا تشعر بأنك تلتقي مع رئيس أو سياسي وإنما مع شخص يعيش معاناة الناس وكل حديثه بكل دقيقة هو حول التفاصيل التي تخص المواطنين في بلده، وعندما يتحدث مع رئيس دولة أخرى أو مع مسؤول في دولة أخرى يفكر دائماً كيف يمكن أن يخلق مصالح مشتركة تنعكس على شعبه، لقد كان قائداً حقيقياً وكان شخصية لها كاريزما قوية جداً، وهو شخص صادق إلى أبعد الحدود.

اليوم لو وضعنا جانباً التدخل الأجنبي في سورية، المشكلة ليست معقدة، أغلبية السوريين تعبوا من الحرب ويريدون الحل ويريدون العودة للأمان والاستقرار، وهناك حوار بيننا كسوريين، وهناك لقاءات والناس تعيش مع بعضها، أي أنه لا يوجد حاجز حقيقي، المشكلة الآن أن العصابات الإرهابية كلما تقدمنا خطوة باتجاه الحل وإعادة الاستقرار أتاها المزيد من الأموال والأسلحة من أجل تخريب الوضع، لذلك أستطيع القول إن الحل يجب أن يكون بإيقاف دعم الإرهابيين من الخارج، هذا أولاً، من ناحيتنا في سورية ستكون المصالحة بين كل السوريين والعفو عما مضى في السابق خلال هذه الحرب هو الطريق لإعادة الأمان إلى سورية، وتأكد أنه عندها ستكون سورية أقوى بكثير من سورية قبل الحرب.

 

العدد 1107 - 22/5/2024