المهارات أمل الشباب في صناعة مستقبل زاهر رغم كل الظروف

د.عبادة دعدوش:

في عالم مليء بالتحديّات والظروف غير المستقرة، يُعتبر الشباب هم البذور التي تُغرس في أرض المستقبل، وهم الأمل الذي ينبض في شرايين الحياة. إن تطوير المهارات الذاتية والعملية يُعدّ من أبرز أدواتهم لضمان مستقبل مشرق، وحماية هويتهم في خضم العواصف. فمع كل صعوبات تمر، يأتي الشباب بفكرٍ مبدع وإرادة قوية، ليصنعوا من الظلام نوراً، ومن الفوضى تنظيماً ينطق بقدرته على التغيير.

مهارات الحياة هي أجنحة للتحليق رغم كل الظروف:

إن تطوير المهارات الذاتية يُمثّل أجنحة الشباب في سماء الحياة. فالتواصل الفعّال، وإدارة الوقت، واستراتيجيات التفكير النقدي، ليست مجرّد مهارات، بل هي أدوات تُساعدهم في التغلّب على عقبات الحياة. ويُعتبر تطوير هذه المهارات عاملاً أساسياً لمواجهة التحديّات اليومية، حيث يُمكّن الشباب من التأقلم مع البيئات المختلفة، والاجتهاد في تحقيق أهدافهم.

ففي الكثير من الأحيان، يُؤدي عدم تطوير هذه المهارات إلى الشعور بالعزلة أو الاستسلام. ولكن، من خلال الالتزام بتعلّم مهارات جديدة، يُمكن للشباب أن يجدوا طرقاً للإبداع والتكيّف في مجالات العمل والدراسة. حيث تُعزّز هذه المهارات الروح المعنوية، وتبث فيهم الثقة بقدرتهم على مواجهة أي عقبة، بما يسهم في بناء مستقبل آمن ومستقر.

ومن المؤكد أن المنافسة العالية وقلّة الفرص عالمياً وتطور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي جعلت من المهارات العملية سبيلاً إلى الفرص. فهي تُمثّل جسراً يربط الشباب بسوق العمل. في عصر التكنولوجيا والابتكار، تتجدّد متطلبات العمل بشكل مستمر، ويُعدّ اكتساب المهارات التقنية الحديثة من أولويات الشباب. فمع امتلاكهم مهارات في مجالات كالتكنولوجيا، والتسويق، والإدارة، يُمكنهم الاستفادة من الفرص المتاحة في حركة السوق.

إذا كان بإمكانهم الاستفادة من الورش التعليمية والتدريبات المتاحة عبر الإنترنت، فإنهم يصبحون مؤهلين للوظائف المستقبلية، حتى في أوقات الحروب وعدم الاستقرار. إن قدرتهم على التعلّم السريع واستحضار الابتكار في العمل تُعزز من فرصهم في إيجاد وظائف تلبي احتياجاتهم ورغباتهم، وكذلك تساهم في بناء مجتمعات أكثر استقراراً.

كيف يمكن للشباب أن يواجهوا التحديّات؟

من الهشاشة إلى القوة:

يواجه الشباب اليوم تحديّات مُتعدّدة، بدءاً من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وصولاً إلى الضغوط النفسية والأوضاع الاقتصادية المتدهورة. ولكن في خضم هذه الصعوبات، تكمن فرصة التحوّل. فكل تحدٍّ يُعتبر فرصة لتحسين الذات، وكل أزمة تحمل في طياتها إمكانية الابتكار. من خلال التعليم والتدريب، يمتلك الشباب القدرة على تحويل الهشاشة إلى قوة عندما يؤسّسون مهاراتهم الذاتية والعملية، فإنهم لا يُحسِّنون فقط من قدراتهم الفردية، بل يُساهمون أيضاً في تطوير مجتمعاتهم. فكل شاب يمتلك من المهارات ما يمكنه من التأثير الإيجابي، يمكن أن يكون قاطرة للتغيير الاجتماعي، ممّا يسهم في ترسيخ أُسس التقدم والازدهار.

في نهاية المطاف، الإيمان بالمستقبل يكون من خلال تعزيز المهارات الذاتية والعملية. هذا الأمر لا يُعتبر خياراً بل ضرورة قصوى للشباب في ظلِّ الظروف الصعبة. فإذا ما آمنوا بقدرتهم على التغيير، واستثمروا في تطوير أنفسهم، سيكون بإمكانهم بناء مستقبل يُعبّر عن إرادتهم وطموحاتهم. فكل ساعة من التعلّم، وكل مهارة جديدة، تُعتبر حبة تُغرس في بستان المستقبل. وبالتالي، فإن الشباب هم القادة الذين سيظهرون في زمن التحدي، ليُشيّدوا عوالم جديدة من الأمل والطموح في سماءٍ ملؤها النجوم.

العدد 1140 - 22/01/2025