للحروف سحرها.. ومتعتها
محمد إنجيله:
الكتابة واجب يومي ولذيذ وممتع ومرهق وجاذب، ووجع جميل، يوُلد من رحم الألم والشعور والفرح والإحساس. متنوع.. لذيذ.. تشتهي الكلمات.. تستغيث الحروف.
لأنها صديقة المتوجسين في اللحظة الواحدة، الفكرة تتطاير كالشهب، تتناثر كالرماد في الهواء.
أحياناً، المقهورون يغزلون الحروف بحرفة ومهارة كغزل الحرير.
للقلم مداد روحي.. عقلي.. غذاء يومي، إما أن يؤثر، أو يندثر.
الإمساك بالقلم متعةٌ.. الخطوط المستقيمة والملتوية والعرجاء، رسمُها.. خربشة الحروف. إنها حرفة العاطلين النشيطين. هي هكذا دون مواعيد تأتي الافكار بسرعة، ثم تطير.. وربما من بعض الأخطاء.
تهرب للمتعة واللذة أحياناً، فتصحح.. تسوّد، تلغي.. تعيد.. وتحلو الدنيا.
في الخربشات بعض من حياة.. وأمل.
لكن الحياة قاسية.. مريرة.. وجميلة.
بعض الحروف وثيرة تهدئ النفس والعقل. كتابة الحروف هي للإنسان متممة كقوام رشيق.
الكتابة هي لغة الأنقياء.. والأتقياء، لغة الحب والتسامح. من يكتب يجب أن يكره التشدّد.. والنرجسية. فالحرف له ألف معنى ومعنى. به نسمو ونرتقي، أو نهوي ونتقهقر.
الكتابة ورقة دائمة الاخضرار، تحاكي النسمة والهواء العليل، وعندما تجف وتيبس تسقط سماداً للتربة.
وفي اللحظة الواحدة.. للكتابة أجنحة تطير.. تحط على زهر البيلسان.
ثم تمسك اليراع من جديد. وأسامر وأناجي صفحة بيضاء جديدة. فيُسال الحبر.. كلام وكلام ورسائل حب وهيام.. وشجون.
في الكتابة أنسى الأفكار.. وأتزود بأفكار.. وتسقط أوراق، في كل سطر حروف من الأمطار.. والنبع والجدول. لا أدري أهي قصيدة.. أو أشعار.. هي نظمٌ.. أو.. أفكار؟ هي وليدة اللحظة.. فنغرف متعة الكتابة وانتشاء الأفكار. يولد الكلام مبعثراً على أوراق بيضاء.. بإحساس المتعب..المرهق.
في الكتابة سطور قليلة.. لا أعرف لمن.. هي لي.. أو لكم. في الكتابة تحتضن الروح وتشهق عطراً… وبلسم رجاء.. وأمل. أنسى نفسي، أغور وحدي في شريط الذكريات، أتوجس قلبي بملمس يدي.. فأهرب بعيداً، ونسرح بالخيال. فالكتابة تقي من الاندثار والضياع.. وتحلق ورقة صافية في السماء.. تعانق الغيوم وتطفو بعيداً عن وثن الأرض.
ليتنا نستطيع سرقة جزء من حياتنا، ندخره لبعض حياة لم نعِشها.