صراخ غير مسموع.. مأساة السوريين والاتجار بالبشر
د.عبادة دعدوش:
في الثلاثين من تموز (يوليو) من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، وهي مناسبة تُذكّرنا بواجبنا في محاربة هذه الجريمة الإنسانية التي تطول ملايين الناس حول العالم. وفي هذا الإطار، يبرز الوضع اليومي للاجئين السوريين الذين تعرضوا لمآسي مُتعدّدة سواء في بلدهم الحبيب أو في الخارج.
تُعدُّ سورية اليوم واحدة من أكثر الدول تأثّراً بالنزاعات المسلحة، فقد تفاقمت الأوضاع الإنسانية بعد الحرب التي فرضت على سورية ومحاولات تقسيمها، وقد أدّت هذه الظروف المأساوية إلى نزوح الملايين من السوريين داخلياً وخارجياً، ممّا جعلهم عرضة بشكل مباشر لعمليات الاتجار بالبشر. فالكثير من النساء والأطفال يجدون أنفسهم في وضع هشّ، فيجري استغلالهم من قبل عصابات الاتجار التي تخادعهم بوعود كاذبة للعمل أو التعليم أو للحصول على المال للعيش.
تزداد المخاطر المحيطة بالفئات الضعيفة كالأطفال في مخيمات النازحين، فهم الأفراد الأكثر عرضة لأخطار متنوعة ومُتعدّدة، إذ يُجبر العديد منهم على العمل القسري أو يجري اختطافهم لأغراض استغلالية. تشير التقارير إلى أن هناك ازدياداً ملحوظاً في حالات الاستغلال الجنسي للأطفال، ممّا يفاقم أزمة حقوق الإنسان. كما يواجه اللاجئون السوريون، خاصة النساء، مخاطر كبيرة أثناء تنقلهم عبر البلدان. فقد تكون عائلاتهم عرضة للابتزاز أو الاستغلال من قبل أهلية العمل، وغالباً ما يُحرم هؤلاء اللاجئون من الخدمات الأساسية وحقوقهم الإنسانية.
وإضافة إلى ذلك، تساهم العوامل الاقتصادية والاجتماعية مثل الفقر والبطالة، في زيادة انغماس اللاجئين في دوائر الاتجار بالبشر، فهم يأملون في تحسين أوضاعهم، لكنهم في النهاية يقعوا ضحيةً لممارسات لا إنسانية. وكثيراً ما يُكرر هؤلاء اللاجئون أنهم لا يمتلكون الكثير من الخيارات، ممّا يجعلهم عرضة لعمليات الاستغلال.
لكن، على الرغم من كل هذه المآسي، يبقى الأمل موجوداً، فهناك منظمات إنسانية محلية ودولية تبذل جهوداً كبيرة لمكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر وتقديم الدعم للضحايا. وإن زيادة الوعي حول هذه القضية المهمة وتعزيز التعليم وتوفير فرص العمل هي من بين الخطوات الأساسية التي يمكن أن تساهم في الحدِّ من هذه الظاهرة.
وفي اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، يجب أن نتذكّر أنه على الرغم من الصعوبات التي ذُكر بعضها، يوجد أشخاص يتّخذون خطوات حقيقة وعملية لمنع هذه الجريمة والمساهمة في إعادة بناء المجتمعات.
نحن بحاجة إلى تضامن عالمي حقيقي لمكافحة هذه الظاهرة والعمل على تحقيق العدالة للضحايا، مع التركيز بشكل خاص على السوريين الذين اكتووا بنار النزاع والمعاناة.
فلنتّحد جميعاً لنقف مع هؤلاء الذين يحتاجون إلى دعمنا وجهودنا، ولنجعل من هذه المناسبة نقطة انطلاق لنشر الوعي والعمل على إنهاء مآسي الاتجار بالبشر.