سفاح القربى والاغتصاب
كثيرة هي الالتباسات التي تقع بين الناس في مفهوم الاغتصاب وسفاح القربى. ما الفرق بينهما، وماذا يعني اغتصاب قاصر من قبل وليه أو الوصي عليه، وبين سفاح القربى بين الوصي أو الولي، ومن هو تحت ولايته أو وصايته؟ وهل استوفى قانون العقوبات ما يجب فعله؟
من هنا نبدأ أولاً بالتفريق بين السفاح والاغتصاب، فهما مفهومان يثيران اللغط أحياناً. فالسفاح هو علاقة بين الأصول والفروع، بينهم صلة رحم لا يجوز أن يكون بينهم علاقة جنسية لكنها تتم بالرضا، وتتكرر أكثر من مرّة. وقد تكون بين الولي أو الوصي ومن هو في عهدته (أو هي طبعاً). أما الاغتصاب بين الأصول والفروع فهي علاقة تعدِّ بالقوّة، ونتكلم خاصة هنا عن الوصي أو الولي الذي يغتصب من هو تحت رعايته. وهي جريمة منصوص عليها في القانون أيضاً. في جريمة السفاح يعاقب كلا الشخصين اللذين ارتكبا الفعل. أما في الاغتصاب فبالطبع يعاقب المغتصِب، ويسمى الآخر ضحية.
ويلاحق مرتكب السفاح بناء على شكوى من قريب حتى الدرجة الرابعة، أو إذا كان الأمر مفضوحاً من قبل الناس فلا تحتاج إلى شكوى..أما في الاغتصاب فالادعاء يكون شخصياً.
تقول المادة 476 من قانون العقوبات السوري:
1 – السفاح بين الأصول والفروع، شرعيين كانوا أم غير شرعيين، أو بين الأشقاء والشقيقات والإخوة والأخوات لأب أو لأم، أو من هم بمنزلة هؤلاء جميعاً من الأصهرة، يعاقب عليه بالحبس (من سنة إلى ثلاث سنوات).
2 ـ- إذا كان لأحد المجرمَيْن على الآخر سلطة قانونية أو فعلية (فلا تنقص العقوبة عن سنتين).
3 ـ- يمنع المجرم من حق الولاية.
وبالنسبة إلى الملاحقة القضائية تقول المادة 477:
1 ـ- يلاحق السفاح الموصوف في المادة السابقة بناء على شكوى قريب أو صهر أحد المجرمين حتى الدرجة الرابعة.
2 ـ- وتباشر الملاحقة بلا شكوى إذا أدى الأمر إلى الفضيحة.
أما بالنسبة للاغتصاب فتقول المادة 492:
1 – إذا جامع قاصراً، متمّاً الخامسة عشرة وغير متم الثامنة عشرة من عمره، أحدُ أصوله شرعياً كان أو كان غير شرعي، أو أحد أصهاره لجهة الأصول، وكل شخص مارس عليه سلطة شرعية أو فعلية، أو أحد خدم أولئك الأشخاص، عوقب بالأشغال الشاقة تسع سنوات.
2 – ويقضى بالعقوبة نفسها إذا كان المجرم موظفاً أو رجل دين، أو كان مدير مكتب استخدام أو عاملاً فيه، فارتكب الفعل مسيئاً استعمال السلطة أو التسهيلات التي يستمدها من وظيفته.
هنا نود التنبيه إلى أن القانون كان مجانباً للعدالة في العقوبة، فقد عدَّ الشريك القاصر في السفاح فاعلاً أيضاً يمكن معاقبته، دون النظر إلى أن الولي قد أخلّ بولايته (أب، أخ، عم، جد….) ولو كان الفعل يتم برضا الطرفين. أي أنه كان يفترض عدم الاعتداد بالرضا، فلا معنى لرضا القاصر. فهنالك أسباب كثيرة، أهمها الخوف والجهل، يؤديان إلى الرضا، ما يعني أنه يجب عدم الأخذ برضا وموافقة الطرف الثاني القاصر بالقيام بالفعل، بل يجب عدّه اغتصاباً، ويجب معاقبة الفاعل معاقبة المغتصب. وليس السفاح ما يتوجب تشديد العقوبة لتتساوى مع عقوبة الاغتصاب.
ويجب أن تتضمن المواد القانونية تربية أخلاقية وتأهيلاً نفسياً لكلا الفاعلَيْن، وخاصة فيما يتعلق بالسفاح، لأنه أشدّ خطورة على المجتمع، فهو سريّ يتم خلف جدران المنازل. والمشكلة الأكبر هي أن القانون يرى الاغتصاب جناية، أما السفاح فهو جنحة.. مع أن لكليهما تأثيراً سلبياً على الإنسان والمجتمع. وكلاهما اعتداء على حقوق الطفل والإنسان.