تعويض الأضرار المادية والشخصية
يصنف الضرر حسب طبيعته إلى ضرر مادي وضرر معنوي أدبي، كما يصنف حسب منشئه إلى ضرر ناتج عن جرم جزائي، وضرر ناتج عن علاقات مدنية تعاقدية أو غير تعاقدية.
فأي صنف من هذه الأضرار يوجب القانون التعويض عنها. وأي الأشخاص يستحق التعويض؟
يوجب القانون التعويض عن الضرر بالنسبة لجميع أصناف الضرر، ويكون التعويض بإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل حدوث الضرر، أو بمنح المضرور مبلغاً من المال يجبر الضرر الوقع عليه، إن لم يكن بالمستطاع إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل حدوث الضرر، وذلك حكماً في المسائل المدنية، كما نصت المادة 52 من القانون المدني: (لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق الملازمة لشخصيته، أن يطلب وقف هذا الاعتداء، مع التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر.)
وكما جاء في المادة 158 الفقرة الأولى من القانون المدني أيضاً: (في العقود الملزمة للجانبين، إذا لم يوفِّ أحد المتعاقدين بالتزامه، جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه، مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتضى).
أما في القضايا الجزائية فيكون التعويض مادياً بما يتناسب مع ما أصاب المضرور من ضرر مادي جسدي أو مالي أو معنوي. كما جاء في المادة 138 الفقرة الأولى من قانون العقوبات التي تنص على أن: (كل جريمة تُلحِق بالغير ضرراً، مادياً كان أو أدبياً، تلزم الفاعل بالتعويض).
وفي جميع الأحوال تكون قيمة التعويض عما أصاب المضرور من ضرر، وما فاته من كسب، نتيجة العمل غير المشروع الذي أصابه.
أما من حيث الأشخاص الواجب التعويض عليهم. فهو شخص المضرور بالذات ولكن بالنسبة للورثة فهناك تفصيل، إذ يختلف الحال بالنسبة للضرر الناتج عن الجرم الجزائي عنه بالنسبة للجرم المدني.
فبالنسبة إلى المسائل المدنية يعدّ الورثة خلفاً عاماً بالنسبة للمورث، ولهم كامل الحق بالتعويض عن الضرر المادي الذي لحق مورثهم الناتج عن الإخلال بالعقود المدنية أو الناتج عن جرم مدني. أما بالنسبة إلى التعويض الناتج عن جرم جزائي فهو شخصي. ولما كان التعويض الموروث هو حق لمن وقع عليه الفعل الضار من الغير بحسبان أن هذا الفعل لابد أن يسبق الموت ولو بلحظة مهما قصرت، كما يسبق كل سبب نتيجته، إذ في هذه اللحظة يكون المجني عليه مازال أهلاً لكسب الحقوق، ومن بينها حقه في التعويض عن الضرر المادي الذي لحقه. وحسبما يتطور إليه هذا الضرر ويتفاقم، ومتى ثبت له هذا الحق قبل وفاته فإن ورثته يتلقون عنه في تركته كل بحسب نصيبه الشرعي في الميراث. ويحق لهم بالتالي مطالبة المسؤول بجبر الضرر المادي الذي أصاب مورثهم، لا من هذه الجروح التي أحدثها فحسب، إنما أيضاً من الموت الذي أدت إليه هذه الجروح باعتباره من مضاعفاتها. ومن ثم فإذا ما تقرر التعويض المورث وقدر بحكم حاز قوة الأمر المقضي فلا يجوز إعادة النظر فيه مرة أخرى. ويمتنع على الوارث الذي لم يكن ممثلاً في الخصومة التي صدر فيها هذا الحكم معاودة مطالبة المسؤول عن جبر الضرر بهذا التعويض في دعوى لاحقة.