«عم» الفلسطيني و«كشيش» التونسي يتألقان في «كان» السعفة الذهبية تعود للعرب بعد 38 عاماً
مع اختتام الدورة السادسة والستين من مهرجان (كان) السينمائي، أحد أكبر التظاهرات السينمائية في العالم، اكتملت قائمة الفائزين في مسابقته الرسمية لهذا العام، على النحو التالي: (السعفة الذهبية) لأفضل فيلم: (حياة أديل) للمخرج التونسي الفرنسي عبد اللطيف كشيش، ومن بطولة أديل إكسارتشوبولوس وليا سيدو.
الجائزة الكبرى: فيلم (داخل ليوين ديفيز) من إخراج الشقيقين جويل وإيثان كوين، الولايات المتحدة. جائزة لجنة التحكيم: فيلم (الإبن سر أبيه) للمخرج هيروكازو كور- إيدا، اليابان. أفضل مخرج: أمات إسكلانت، عن فيلم (هيلي)، المكسيك.
أفضل ممثل: بروس ديرن عن فيلم (نبراسكا)، الولايات المتحدة. أفضل ممثلة: برينيس بيو عن فيلم (الماضي)، فرنسا. أفضل سيناريو: جيا تشانج كه عن فيلم (لمسة خطيئة))، الصين. جائزة الكاميرا الذهبية (أفضل تصوير): أنطوني تشن عن فيلم (إيلو إيلو)، سنغافورة. أفضل فيلم قصير: (آمن) للمخرج مون بيونج – جون، كوريا الجنوبية.
تفويض خاص لمنح ثلاث (سعف)..
بفضل فيلم (حياة أديل) للمخرج التونسي الأصل الفرنسي الهوية عبد اللطيف كشيش وفوزه بـ (السعفة الذهبية)، التي منحته إياها لجنة تحكيم ترأسها المخرج الأمريكي ستيفن سبيلبيرغ، تترك السينما العربية في هذه الدورة – بإجماع النقاد الغربيين – بصمة مميزة ستبقى ماثلة في ذاكرة المهرجان. وبفوزه هذا يكون كشيش السينمائي العربي الثاني الذي ينال (السعفة الذهبية) في تاريخ المهرجان الأعرق والمُصنّف عالمياً بين المهرجانات (فئة أولى) إلى جانب مهرجانَيْ (برلين) و(البندقية).
لا بل إن (كشيش) سجل سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ المهرجان، إذ فاز شريطه بثلاث سعفات دفعة واحدةً! وهذا أمر غير معتاد في أعراف الدورات السابقة. حين قال رئيس لجنة التحكيم (سبيلبيرغ): إنّ (اللجنة قررت منح ثلاث سعف بالتساوي لفريق فيلم واحد: سعفة للمخرج عبد اللطيف قشيش، وسعفتان أخريان لبطلتي فيلمه (حياة أديل)، ليا سيدو، وأديل إكزارشوبولوس اللتين جسّدتا دور مراهقتين تجمعهما علاقة حب مثليّة عاصفة).
خيار لجنة التحكيم احتاج إلى تفويض خاص من إدارة المهرجان، لأنّه لم يسبق أن نال أي ممثل السعفة التي تكافئ مخرج الفيلم الأكثر تميّزاً في كل دورة.
عربياً كانت المرة الأولى يوم فاز السينمائي الجزائري محمد الخضر حامينا بـ (السعفة الذهبية) عن فيلمه (وقائع سنوات الجمر)، في دورة العام 1975. ومنذ ذلك التاريخ بقي (حامينا) المخرج العربي الوحيد الذي يفوز بـ (السعفة). ذلك أن السينمائي المصري الكبير الراحل يوسف شاهين منح (السعفة الذهبية) في الدورة الخمسين للمهرجان عام 1997م، تكريماً لمجمل أعماله السينمائية، ولا تتعلق بفيلم معين.
يرتكز فيلم (حياة أديل) على قصّة حب بين امرأتين تمتد حكايتهما نحو ثلاث ساعات، وعلى تفاصيل عيشهما معاً، وسط الانقلابات الحياتية المختلفة. (جرأة) الفيلم كامنة، بحسب تعليقات نقدية أوربية رصينة ومختلفة، في أنها منسجمة مع سياق درامي يذهب بالحكاية إلى أقصى انفعالات شخصيتيها النسائيتين، ويضع هاتين الشخصيتين في مواجهة تحدّيات الحياة والجسد والمشاعر والهواجس.
(عمر) العاشق الفلسطيني يخطف الأنظار..
في مسابقة (نظرة ما)، (الفعالية التوءم لسباق (السعفة الذهبية)، فاز فيلم (الصورة الناقصة) للسينمائي الفرنسي الكمبودي ريثي بان، بالجائزة الكبرى، وكانت جائزة الإخراج من نصيب (شخص مجهول في البحيرة) للفرنسي آلان جيرودي.
فيما ذهبت جائزة لجنة التحكيم الخاصة إلى فيلم (عمر)، للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد، بعد منافسة 17 فيلماً من 15 بلداً حول العالم.
إن فيلم (عمر) هو العمل الروائي الطويل الخامس للمخرج أبو أسعد. والأول الذي يصوره بالاستعانة بطاقم أغلبه من الفلسطينيين ومعظمهم جدد على المجال. ويقول أبو أسعد (لقد كانت مخاطرة كبيرة. في بعض الأحيان قلت لنفسي: يا إلهي ماذا أفعل؟ ولكن عندما أرى النتائج أُصبِحُ سعيداً جداً لأنني خاطرت).
ويعمد المخرج الفلسطيني إلى تصوير الواقع الفلسطيني، متناولاً الحب في زمن الاحتلال وعائق جدار الفصل، فضلاً عن مشاعر الشك والثقة التي تتحكم بعلاقات الصداقة والحب في قلب المجتمع الفلسطيني.
ويروي الفيلم قصة خباز شاب يدعى (عمر)، متيم بفتاة فلسطينية على الجانب الآخر من الجدار الفاصل، ويسعى بشكل منتظم لتفادي الرصاصات التي يطلقها جنود حين يتسلق الجدار لرؤية الفتاة. ويتحدث الشاب والفتاة بحماسة عن الزواج، لكن خططهما تنحرف عن مسارها عقب اعتقاله بسبب تورطه في هجوم على جيش الاحتلال قتل فيه جندياً.
يتعرض (عمر) للتعذيب في السجن من أجل الإدلاء بمعلومات، ثم يضغط عليه ليصبح مخبراً. ويبدأ بممارسة لعبة القط والفأر مع الشخص المكلف بتجنيده، في الوقت الذي يحاول إثبات أنه ليس (خائناً) بينما يشاع في الشارع أنه كذلك.
كما سجل الفلسطينيان محمد وأحمد أبو ناصر اللذان دخلا في مسابقة (السعفة الذهبية) للفيلم القصير، بعملهما التجريبي Condom Lead.. صُوِّر الشريط خلال العدوان الصهيوني على غزة في نهاية عام 2008 وأول عام 2009. وفيه يبرز الأخوان أبو ناصر إرادة الحياة والصمود الفلسطينية. ويرى النقاد أن (الروح التجريبية المفعمة بالثقافة الرقمية الشبابية جعلت الفيلم يحظى بشعبية في الأوساط الإعلامية والنقدية، التي رأت في هذا العمل إيذاناً بولادة مخرجين سيكون لهما شأن كبير في الأعوام المقبلة).