بمناسبة الذكرى الثانية والثلاثين لانطلاق جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية إصدار كتاب «مقاومة» لسهى بشارة

سهى بشارة مناضلة شيوعية من الجنوب اللبناني من بلدة (ديرميماس  قضاء مرجعيون). انتسبت إلى الحزب الشيوعي اللبناني عام 1982 عام انطلاقة (جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية). التي كان الحزب الشيوعي أحد أبرز مؤسسيها والفاعلين في صفوفها. وقدم العديد من الشهداء والشهيدات والأسرى.

في عام 1988 ولم تكن قد جاوزت العشرين عاماً حاولت سهى أن تقضي على قائد جيش لبنان الجنوبي، المليشيا الملحقة بإسرائيل والمكلفة بالعمل على حماية وجود الاحتلال في جنوب لبنان. وقد لاقت هذه العملية الشجاعة أصداء واسعة لبنانية وعربية ودولية.

سهى بشارة مناضلة شيوعية من الجنوب اللبناني من بلدة (ديرميماس  قضاء مرجعيون). انتسبت إلى الحزب الشيوعي اللبناني عام 1982 عام انطلاقة (جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية). التي كان الحزب الشيوعي أحد أبرز مؤسسيها والفاعلين في صفوفها. وقدم العديد من الشهداء والشهيدات والأسرى.

في عام 1988 ولم تكن قد جاوزت العشرين عاماً حاولت سهى أن تقضي على قائد جيش لبنان الجنوبي، المليشيا الملحقة بإسرائيل والمكلفة بالعمل على حماية وجود الاحتلال في جنوب لبنان. وقد لاقت هذه العملية الشجاعة أصداء واسعة لبنانية وعربية ودولية.

وأكدت قدرة المقاومة على اختراق الأمن الإسرائيلي وزعزعة الحزام الأمني داخل الشريط الحدودي. وحالما اعتقلت سهى ساقتها أجهزة الأمن الإسرائيلي إلى معتقل الخيام، حيث تعرضت لتعذيب قاس وطويل.

وقد أدانت المنظمات الإنسانية باستمرار ودون كلل أعمال التعذيب التي اقترفت في هذا المعتقل ونددت بوجوده. قضت سهى عشر سنوات فيه أمضت ستاً منها في الزنزانة الانفرادية رقم 7. وقد أطلق سراح سهى نتيجة لجهود كبيرة من المنظمات الدولية والمحلية، بعد تقدير وتعاطف جميع الوطنيين والتقدميين الأحرار في البلدان العربية وفي العالم.

اعتمدت سهى في الكتاب خيطاً روائياً واضحاً في نقل الآلام التي عاشتها في المعتقل، في فصول (العملية). وفصل التوقيف. ومن ثم معتقل الخيام الذي قضت فيه معظم فترة السجن التي عاشتها وخاصة في الزنزانة رقم 7.

طالبة شيوعية

(لما كنت طالبة شيوعية، ومتحدرة من عائلة مسيحية أرثوذكسية لبنانية بالصميم، ألفيتني منخرطة في الحرب منذ مراهقتي المبكرة ضد كل ما يجسد هذا الوجود الغريب في أرضنا، ودفعت من حريتي ثمناً لخوض هذه الحرب. إذ أودعت في الزنزانة بلا محاكمة، من دون أن يتسنى لي معرفة العقوبة المفروضة علي).

وتضيف سهى في كتابها: (إن من يقدم على عمل مقاوم ضد الاحتلال مقتنع بأن مصيره إما الاعتقال أو الاستشهاد. وهذان المصيران وضعتهما أمامي منذ أن انطلقت لتنفيذ مهمتي التي حددتها جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية.

وضعت في ذهني إمكان مواجهة الحد الأقصى وهو الإعدام، ولا أعتقد أن أمراً يفوقه خطورة، وهيأت نفسي لمواجهة الموقف المحتمل).

وحول تعرضها وزملائها في المعتقلات الإسرائيلية للتعذيب تقول:

(أخجل أن أتحدث عن صدمات كهربائية ومعاملة وحشية أمام جرائم كبيرة ارتكبتها إسرائيل بحقنا. أخجل من الحديث عما تعرضت له مقابل ما عاناه أبناء شعبنا في قانا.

أكثر ما كان يعذبني في المعتقل عندما أسمع طفلاً رضيعاً يجهش بالبكاء وهو يُنتزع بقوة من صدر أمه. وأم تفقد الوعي نتيجة الضرب المبرح وتقع أرضاً في المعتقل. وصراخ شباب وشابات يتعرضن لمختلف أنواع التعذيب وبكل الوسائل، فجروحي لا توازي جرح الاحتلال للوطن).

وتتحدث سهى في كتابها عن ذكرياتها في المقاومة، ومعركتها مع أنطوان لحد، وأحداث الحرب الأهلية، ويوميات المعتقل، فتقول: (إن ذلك كله لم يكن ليتم لولا (مخدة الذكريات التي هربتها إحدى السجينات من معتقل الخيام. وفيها قصاصات الورق المكتوبة على (كرتون) والتي كانت تنظمها سهى سراً في المعتقل بعيداً عن أعين الحارسات).

تجربة مثيرة

إن الدخول في عالم سهى وما خطته في كتابها سيكشف تجربة مثيرة وتفاصيل مدهشة عن العلاقات الإنسانية، كما سيكشف نصوصاً جديدة ملأى بالإثارة والتحدي ممزوجة بالحزن والمرارة والقلق. ويضعنا كتاب (مقاومة) أمام وثيقة هامة من أدبيات السجن.

تقول: (لقد أدركت تماماً أن لا سبيل لتحرير الوطن من محنته ومن رجس الاحتلال إلا بالمقاومة).

تحدثت في الكتاب عن القناصة، والمهجرين، واللاجئين، وحرب الطوائف. واقتتال الإخوة: (صارت الحرب لنا شأناً يومياً تقيس الأيام بمقياسها وتمحو السنوات التي تشابهت في ذاكرتي حتى ما لا يميزها بعضها عن بعض إطلاقاً، فهي أي الحرب، تخلطها خلطاً برعودها وصرخاتها التي لا تنتهي والتي تجاوزت كل منطق سياسي).

وتضيف: (الحرب الأهلية والاجتياح وكل ما يحيط بنا أحيت في داخلي تلك العاطفة، التي أتلفتها شعارات صراع الإخوة خلال سنوات وسنوات. وتعرفت في النهاية على ماهية الجدال والمثل العليا ومفهوم الالتزام. فدفع بي إلى الانخراط أكثر فأكثر في النضال الشبابي والطلابي.

وإلى قيادة التحركات والتظاهرات وصولاً إلى الانخراط في المقاومة وتنفيذ إحدى أهم عملياتها).

حكاية (مقاومة) تتقاطع صفحاتها مع الحرب والاجتياح وجرح الجنوب اللبناني الذي لم يندمل بعد.

أرادت سهى أن يكون كتابها رسالة صادقة وبسيطة ومباشرة لكل الناس الطيبين الشرفاء، لكل المناضلين المدافعين عن الحرية، كتبت صفحاته المضيئة في عتمة المعتقل قبل أن يرى النور ويظهر للملأ.

وأخيراً تؤكد سهى بكل تواضع ونكران ذات أننا (ما زلنا في حاجة إلى الكثير الكثير لنكون أبطالاً، إن سنوات الاعتقال العشر لا تساوي قطرة دم تنزف من مقاوم يزحف في الليل لمقاومة الاحتلال. إن الشهداء هم الرمز وسيبقون إلى الأبد).

سهى بشارة واحدة من التراث الإنساني الثوري الذي صنعته أرض الجنوب الصامدة، وكتاب (مقاومة). أضاف بعداً جديداً للقضية الوطنية، وهو جدير بالقراءة.

العدد 1140 - 22/01/2025