فيلم «بيزنس الماء»… الرأسمالية «الإنسانية» تدمر الطبيعة والإنسان
بيتر برابيك رجل أعمال نمساوي ورئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي السابق لشركات نستله، وهي الشركة الـ 27 في سلسلة أكبر الشركات العالمية التي تشكل تعبئة المياه من أكبر منتجاتها عالمياً.. يقول بيتر برابيك بأنه: لا ينبغي أن يكون الحصول على ماء الشرب حقاً طبيعياً من حقوق الإنسان، بل بضاعة لها سعر في السوق.
أنت غاضب من هذا الكلام اليس كذلك؟
ولكن تمهل قليلاً وفكر معي في هذا ..
أليس الغذاء والرعاية الصحية والتعليم والسكن أيضاً بضائع لا يحصل عليها الجميع؟
ألا يموت إنسان واحد كل ثلاث ثواني من الجوع؟ فما المانع من أن يموت الناس من العطش إذا لم يكن لديهم القدرة على شراء الماء؟
ألا يموت الملايين من البشر لأنهم لا يحصلون على الدواء والرعاية الطبية؟
ماذا عن حق السكن؟
ألا يعيش مليارا إنسان في صفيح وزوارق وعشوائيات ومقابر، ويقضون حياة يكون الموت فيها نوعاً من الرفاهية لهم؟
ألا تتوقع أن يصبح الهواء ملوثاً إلى درجة أنه سيكون علينا الدفع للحصول على هواء نظيف نتنفسه؟ هذا يجري الآن في المدن الكبرى، في الصين مثلاً، يقوم من لديه المال بتجهيز بيته بأجهزة تنقية الهواء، والبقية يتنفسون الدخان.
ما الذي يغضبك في الأمر اذا وماذا تريد؟
هل تريد أن تحصل على الأشياء مجاناً لأنها حق من حقوقك الطبيعية؟
لا تكن طوباوياً… نحن نعيش في اقتصاد السوق وعليك أن تدفع ثمن البقاء على قيد الحياة على سطح هذا الكوكب، لأنك تسكن في ممتلكات غيرك، وأنت نزيل عند أصحابها ولأنك عندما ولدت كان بعضهم قد اشترى الكوكب مسبقاً.
هذا الرجل مقتنع مثلك تماماً بأن اقتصاد السوق هو سنة الحياة، وأن هنالك قانوناً للانتخاب الطبيعي يحكم الغابة الأسمنتية التي نعيشها. من ليس معه نقود يستطيع ان يذهب ببساطة إلى الجحيم. هذه هي الرأسمالية التي يريدوننا أن نقبل ببعض وحشيتها باعتبارها أمراً مفروغاً منه ونهاية العالم.
الفيلم الوثائقيThe Business of Water يجعلك ترى بعينيك أن شركة نستله لا تعبئ في الحقيقة المياه في عبوات لبيعها، بل إنها تعبئ دماء ملايين البشر في آسيا وأفريقيا وغيرها لتبيعها في قوارير نظيفة لكي يشربها من يملك ثمنها فقط.
إن استخراج ملايين اللترات من الماء يومياً يؤدي إلى انخفاض مناسيب المياه الجوفية في تلك المناطق، وتدمير الأراضي الزراعية، وحرمان السكان من المنابع المائية. شركات نستله التي لا يسمح لها ببناء مشاريع للتعبئة في اوروبا بسبب مقاومة المنظمات المناهضة تلجأ إلى الأنظمة الفاسدة في آسيا وإفريقيا وشرق أوربا وأمريكا اللاتينية، وتدمر حياة الملايين من البشر وتحرمهم من مياه الشرب النظيفة.
الفيلم يتحدث مرض ومعاناة وموت آلاف من الناس وأغلبهم أطفال لأن فضلات شركات استخراج المعادن تلوث ما تلوث من مياه، وما لم يتلوث منه تسرقه شركة نستله، وهذا يجري بمباركة ودعم صندوق النقد الدولي والسلطات المحلية، ويكشف كيف قامت شركة نستله بالتجسس على موظفي حركة (أتاك) العالمية الذين كانوا ينبشون في أعمال فساد قامت به نستله للتشهير بجرائمها، وكان قد قتل في كولومبيا أحد أعضائها في ظروف غامضة. أنكرت نستله تورطها فيه برغم أن المحكمة أثبتت تورطها في التجسس، وغرمتها بخمسة آلاف يورو. نعم 5000 فقط لا أكثر.