حقائق وأرقام عن احتفالية النصر على النازية

تقيم روسيا احتفالاً ضخماً في الميدان الأحمر في العاصمة موسكو يوم الأحد 9 أيار (مايو) الحالي، إحياء للذكرى الـ65 لانتصار روسيا على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. وتحتفل روسيا بعيد النصر على الفاشية الألمانية في عام 1945.

يذكر أنه في منتصف ليل الثامن من أيار (مايو) 1945 وقعت ألمانيا اتفاقية استسلام في كارلشورست، إحدى ضواحى برلين، في مراسم ترأسها المارشال السوفييتي جورجى زوكوف، بحضور ممثلين عن القيادات العليا في الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. وبسبب اختلاف التوقيت، كانت روسيا قد دخلت بالفعل يوم التاسع من (أيار) عندما دخلت اتفاقية الاستسلام الألمانية حيز التنفيذ. وبالتالي يحتفل الاتحاد السوفييتى والدول الأوربية الواقعة شرق ألمانيا بعيد النصر في التاسع من أيار (مايو)، بينما تحتفل دول أوربا الغربية بعيد النصر في الثامن من الشهر نفسه.

وقد قدم الاتحاد السوفييتي تضحيات إنسانية هائلة، إذ قضى 27 مليوناً من مواطنيه ضحية الحرب، وحقق الانتصار الأخير في الحرب الوطنية العظمى على ألمانيا النازية في 1945. وخلال الحرب التى دامت 1418 يوماً، هدم النازيون 1700 مدينة وبلدة، ودمروا بالكامل الكثير من المواقع والآثار التاريخية والثقافية.

وخلال الـ65 عاماً الماضية، تحتفل روسيا بهذا العيد كل عام وتعتبره إجازة وطنية، ويتجمع المواطنون من أنحاء البلاد في هذا اليوم في الميادين للاحتفال بالنصر المستحق، ويضعون أكاليل الزهور على قبر الجندي المجهول.

حرق للكتب والبشر وإعادة للتاريخ

ورغم أن الانتصار على النازية قد حل قبل أكثر من 50 عاماً إلا أنه لا يمكن الاستخفاف به أبداً في وقتنا الحاضر، فقد كان هدف النازية (الهيمنة) على العالم، وإحلال نظام جديد قائم على (العبودية)، مستعملاً أيديولوجية فاشية تعتمد على التفرقة العنصرية، وعليه فلو لم تنهض روسيا السوفيتية لدحر النازية لانهارت البشرية ككل. فقد كان لا بد من دحر روح الاستعلاء التي أتى بها هتلر وخطاب الكراهية الذي طرحه، ذلك  الخطاب الذي كان  يمكن أن يدمر كل ما هو غير ألماني. بدأ الكره الألماني بحرق الكتب وامتد إلى حرق البشر، ففي مساء 10 أيار 1933 تجمع نحو 70 ألف شخص في أحد ميادين برلين، وقامت مجموعة من الطلبة بنقل أكثر من 20 ألف كتاب لتحرق أمام عيون الجميع. ومن بين الكتب التي أحرقت مجموعة من أعمال كتاب ألمان مشهورين أمثال هينريش مان و إريش ماريا ريماركيه ويواخيم رينجلناتس وبرشت .ولكن مهلاً! حرق للكتب وللبشر؟ ألا يجدر بكل هذا أن ينبهنا إلى نازية جديدة تنخر في الوطن العربي؟ داعش التي اقتحمت مكتبة الموصل وأحرقت مئات الآلاف من المخطوطات والوثائق النادرة التي تغطي قروناً من عملية التعلّم الإنساني؟ ألم تبدأ داعش بحرق الكتب وانتقلت إلى حرق البشر؟

 

حكام العالم وقراءة دروس التاريخ

تحتفل البشرية هذه الأيام بانتصار الجيش الأحمر السوفييتي على أبشع عقيدة وجيش وجد على وجه البسيطة، وتلتقي دول عدة للاحتفال بهذه المناسبة لا لمجرّد الالتقاء فقط، وإنما لتذكِّر حكام العالم بدروس الماضي السحيق، فدروس الحرب العالمية الثانية تدعونا إلى التكاتف وتؤكد أن السلام ما زال هشاً. ونحن ملزمون بأن ندرك أن الحروب لا تبدأ وحدها، لأن الشر يقوى إذا ما لمس التراجع أمامه أو جرى تجاهل تغلغله.

ولكن يبدو أن لساسة بعض الدول ذاكرة قصيرة و فهم سطحي لتاريخ الأمم، فتراهم ينزلقون بممارساتهم وسياساتهم نحو الفاشية والأبرتهايد، فإسرائيل قررت مقاطعة المراسم الرسمية لاحتفالات روسيا بعيد النصر على النازية، احتجاجاً على صفقة بيع إيران منظومة الدفاع الجوي أس ،300 والرئيس الكوري ألغى زيارة كانت مقررة لموسكو يوم 9 أيار لحضور الاحتفالات بالانتصار على النازية، متذرعاً بأن ذلك يرتبط بقضايا ذات طابع داخلي.

والمثير للاستغراب أن ألمانيا ذاتها كان موقفها أكثر إيجابية في هذا الصدد، إذ قالت ستيفن شيبرت المتحدثة باسم ميركل في مؤتمر صحافي (من الأهمية بمكان بالنسبة إلى المستشارة أن تجعل من الذكرى المشتركة لنهاية الحرب العالمية الثانية والتحرر من النازية رمزاً). وأضافت معترفة: (لقد كانت ألمانيا مصدر الكثير من القتل والمعاناة في هذا الفصل من التاريخ).

العدد 1140 - 22/01/2025