سبعون عاماً والنضال ضد الفاشية لايتوقف
لماذا يكتسي الاحتفال بالذكرى السبعين للانتصار على الفاشية، الذي يصادف التاسع من أيار، أهمية خاصة الآن؟ هل هي مجرد احتفالية لحدث عابر في التاريخ؟
سبعون عاماً مرّت على رفع الجيش السوفييتي العلم الأحمر فوق الرايخستاغ الألماني، معلناً هزيمة الفاشية والنازية. أكثر من أربع سنوات وقطعان هتلر الفاشية تعيث في أوربا والعالم تدميراً وحرقاً وخراباً، أكثر من أربع سنوات دمرت خلالها مدناً بأكملها وأزهقت أرواح أكثر من خمسين مليون إنسان.. ثلث الضحايا من الاتحاد السوفيتي.. في النهاية انتصر الجيش الأحمر والحلفاء وهزمت الفاشية والنازية، بعد أن سطّرت ملاحم بطولية في ستالينغراد، لينينغراد. بريست وغيرها كتبها الأنصار والمقاومات الشعبية في مختلف البلدان.
بعد انتهاء الحرب شهد العالم بروز قطبيين عالميين، الأمر الذي مكّن الكثير من شعوب آسيا، إفريقيا وأمريكا اللاتينية من الحصول على استقلال بلدانها. مرة أخرى لماذا يكتسي الاحتفال بالذكرى السبعين للانتصار على الفاشية أهمية استثنائية الآن؟
إن ذلك يعود في تقديرنا لجملة من الأسباب أهمها:
أولاً – هناك قوى عالمية، وفي الغرب خصوصاً، تحاول إعادة كتابة التاريخ وفق منظور مصالحها، وذلك عبر تشويه الدور الحاسم للجيش الأحمر وشعوب الاتحاد السوفيتي في تحقيق الانتصار على الفاشية أو طمس هذا الدور.
ثانياً – تتنامى في العديد من البلدان الأوربية القوى اليمينية والفاشية الجديدة والعنصرية، مستغلة الأزمة البنيوية للرأسمالية التي تتجلى بالبطالة، غلاء المعيشة، الانقضاض على المكتسبات التي تحققت للشغيلة بعد الحرب العالمية الثانية في ظل الحرب الباردة، تدفق المهاجرين بسبب الأزمات التي تعصف في بلدانهم.
إلى جانب بروز الجانب الاستغلالي المتوحش للرأسمالية التي تسعى للربح بمختلف الوسائل (حروب، تأجيج النزاعات السيطرة على منابع الطاقة، بيع الأسلحة.. إلخ). ثمة عامل آخر لايقلّ أهمية عن العوامل المذكورة آنفاً، وهو التضييق على الشيوعيين وقوى اليسار عموماً عبر سيطرة وتحكم رأسمال على مختلف وسائل الاتصال.
ثالثاً – ظهور تحالف جديد (معلن أحياناً ومستتر أحياناً أخرى) بين الفاشية الأوربية والفاشية الدينية وهو يتجلى في عدد من البلدان: العراق، سورية، أفغانستان، أوكراينا، ليبيا، اليمن وسواهم. هذا التحالف الذي يلحق أفدح الأضرار بالبشر والحجر ويهدد كيانات بأكملها. ثمّة من يقول إنه تجري الآن حرب عالمية ثالثة غير معلنة.
رابعاً – كما أن من أسباب تنامي القوى الفاشية محاولات قوى الرأسمال والفاشية الدينية تغيير معادلات الصراع في المجتمعات من الصراع الطبقي إلى تعويم صراعات دينية، طائفية، عشائرية أو قومية أو خلقها.
إن الرابح هنا هو المجمعات الصناعية العسكرية وبيوتات المال التي تؤجج مثل هذه الصراعات، ويكون الفقراء من جميع الأديان والطوائف والقوميات وقوداً لها والخاسر الأكبر..
لهذه الأسباب وغيرها يصبح ملحاً الآن أهمية الاحتفال بذكرى الانتصار على الفاشية واستلهام العبر والدروس كي لاتتكرر مآسي الحروب وكي يعيش العالم أفضل.
إن أفضل طريقة للاحتفال بالذكرى السبعين لدحر الفاشية هو العمل من أجل خلق جبهة عريضة تضم: الشيوعيين، اليساريين العلمانيين والديموقراطيين وكل القوى التي لها مصلحة في وقف المد الفاشي دينياً كان أم سياسياً/اقتصادياً.
يشهد العالم الآن إرهاصات ولادة عالم متعدد الأقطاب، ومحاولة حشد وتجميع القوى التي لها مصلحة في صدّ الفاشية. إن استخدام مختلف التقنيات ووسائل الاتصال الحديثة يساهم في تشكيل وعي معرفي لدى الناس بأهمية استمرار النضال ضد الفاشية ومخاطر تناميها.
لذلك كله يكتسي الاحتفال بالذكرى السبعين للانتصار على الفاشية والنازية أهمية استثنائية.
المجد لشهداء الجيش الأحمر الذين ضحوا بحياتهم من أجل تحقيق النصر على النازية.. المجد لفصائل الأنصار والمقاومات الشعبية في مختلف البلدان التي ساهمت إلى جانب جيوش الحلفاء في تحقيق النصر. عاش التاسع من أيار عيد الانتصار على الفاشية.