في عملها الروائي الجديد «الأسْوَد يليق بكِ» أحلام مستغانمي تدعو المرأة إلى «الوقوع في حب نفسها»

أطلقت الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي في الدورة ال(31) لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، التي اختتمت فعالياتها مؤخراً ، رواية جديدة عنوانها ( الأسْوَد يليق بكِ) صدرت عن دار (نوفل)، بيروت.

تواصل مستغانمي في روايتها الجديدة (الأسْوَد يليق بكِ)، التي وصفها الزعيم الجزائري أحمد بن بلّة بأنها (شمس جزائرية أضاءت الأدب العربي)، الوقوف إلى جانب المرأة ودعوتها إلى (الوقوع في حب نفسها) وحب الحياة، بمزيج بين الفصحى واللهجة الجزائرية التي تطل من خلال الحوارات الخفيفة الظل. وتطرح كذلك إشكاليّات كثيرة يعيشها المجتمع العربي ويعاني منها: المال، الذكورة، الحرب، الإرهاب… وفي الرواية الكثير من آراء الروائيّة في المرأة، والحب، والمجتمع، مع تدخّل ظاهر منها، ما جعل الشخصيّات تبدو مقيّدة ومأسورة ضمن وجهة نظرها.

وعن الرواية صرحت صاحبة (ذاكرة الجسد): (على مدى عمري كانت عروبتي عقوبتي، وتمنيت أن تكون الاحتفالية بتوقيع روايتي الجديدة في غير هذا الظرف الحساس الذي تعيشه سورية التي طالما كانت أول من يتلقّف كتبي، لاسيما أن كل ما كتبته في أيام المدرسة من قصائد كان نداءً لشهداء الجزائر وفلسطين وسيناء).

وأضافت: (لقد كتبت (الأسْوَد يليق بكِ) في عتمة حواسي. ولعل هذه الرواية بداية لثلاثية جديدة، لا تُخدعوا بالعنوان، إذ إن الأسْوَد ماكر على الدوام، وتدور الرواية حول قصة حب عادية ومثيرة في آن واحد، أتناول فيها الزوايا المعتمة والملتبسة للنفس البشريّة).

ووصفت مستغانمي الرواية بأنها ليست بياناً شعرياً يتطلب إصداره عند كل حدث، بل هي أسئلة وقضية، وأضافت: (وأعدُّ نفسي قائداً لجحافل من القراء لا أدري أين أسير بهم).

الشخصيّة الرئيسة في الرواية، هي (هالة الوافي). فتاة في السابعة والعشرين، من بلدة مروانة، تجمع بين الألم والعمق، عزلاء وعلى قدر كبير من الكبرياء. في مدينتها تلك، الحب ضرب من الإثم.

تقع (هالة) في حب رجل فاحش الثراء (طلال)، يتقن لعبة المسافة بين الحبيبين. حاول دائماً أن يمنعها من الغناء، من خلال إغرائها بالمال، ودفع كل ما تتقاضاه من حفلاتها. وطالما قال لها (الأسْوَد يليق بكِ). الأسْوَد لون الحداد، ورفض الحياة. لكنها، رفضت، غنّت، فنجحت. ربما كان يفضّل لو خانته مع رجل، على أن تخونه مع النجاح. النجاح يجمّلها، يرفعها، بينما اعتقد أنها، حين ألقى بها إلى البحر مربوطة إلى صخرة لامبالاته، ستغرق لا محالة. مَن فكّ رباطها؟ بمن استنجدت لتقطع المسافة بين القاع والسطح؟ آمَنت بنفسها، وفكّت رباطها بيديها، وانطلقت. خلعت سوادها، فخلعت رجلها. ارتدت ثوبها اللازوردي وتألّقت. هي اليوم امرأة حرّة، صوتها الليلة لا يحبّ سواها. أوّل مرّة تقع في حب نفسها.

ونلمح في الكثير من مواقفها روحيّة الصمود والنضال. فكل ما أرادته (هالة) هو أن تشارك في الحفلة التي نظّمها بعض المطربين في الذكرى الأولى لاغتيال أبيها بأدائه لأغانيه. قرّرت أن تؤدّي الأغنية الأحب إلى قلبه، كي تنازل القتلة بالغناء ليس أكثر… إن واجهتهم بالدموع يكونوا قد قتلوها أيضاً.

وتطرح الرواية كذلك إشكاليّة سلطة المال، وسطوته على أصحابه. سلطة المال، كما سلطة الحكم، لا تعرفان الأمان العاطفيّ. وهل أكثر فقراً من ثريّ فاقد الحب؟ وأثرى النساء، ليست التي تنام متوسّدة ممتلكاتها، بل من تتوسّد ذكرياتها.

تقول صاحبة (فوضى الحواس): (سلطة المال، كما سلطة الحكم، لا تعرف الأمان العاطفي. يحتاج صاحبها إلى أن يفلس ليختبر قلوب من حوله. أن تنقلب عليه الأيام، ليستقيم حكمه على الناس).

 

مقتطفات من الرواية…

شهدت الرواية قبل صدورها رواجاً واسعاً عبر موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك)، وعبر صفحة الكاتبة الرسمية، وأخرى استحدثتها دار النشر (نوفل).

وأكدت صاحبة (نيسان.  (com أن مقاطع من هذه الرواية انتشرت ولقيت متابعة كبيرة عبر صفحتها الرسمية في الموقع. الذي تلعب فيه الروائية على حبل صبر قرائها، وتعززها بمقاطع من روايتها، لجس نبض رد فعلهم عبر العالم العربي.

الصفحة التي يضاف إليها ثلاثة آلاف معجب يومياً، أكدت صاحبة (عابر سرير) حولها أن الأمر مرعب وجميل بالنسبة إليها، (فقد صار بإمكاننا اليوم ككُتاب معرفة ردّ فعل جمهور القراء مباشرة بعد ضغط زر (أوكي) لتنهال التعليقات على المقاطع).

ومما نقرأ على جدار الصفحة الرسمية للكاتبة: (الحداد ليس في ما نرتديه بل في ما نراه. إنّه يكمن في نظرتنا للأشياء. بإمكان عيون قلبنا أن تكون في حداد… ولا أحد يدري بذلك)…، (سيف العشق كسيف الساموراي، من قوانينه اقتسام الضربة القاتلة بين السيّاف والقتيل)…، (كما يأكل القطّ صغاره، وتأكل الثورة أبناءها، يأكل الحب عشاقه. يلتهمهم وهم جالسون إلى مائدته العامرة. فما أولَمَ الحبّ لهم إلا ليفترسهم)…، (الحبّ هو اثنان يضحكان للأشياء نفسها، يحزنان في اللحظة نفسها، يشتعلان وينطفئان معاً بعود كبريت واحد، دون تنسيق أو اتّفاق)…، (لا أحد يُخيّر وردة بين الذبول على غصنها… أو في مزهريّة)…، (العنوسة قضيّة نسبيّة. بإمكان فتاة أن تتزوّج وتنجب وتبقى رغم ذلك في أعماقها عانساً، وردة تتساقط أوراقها في بيت الزوجيّة)…، (الأحلام التي تبقى أحلاماً لا تؤلمنا، نحن لا نحزن على شيء تمنيناه ولم يحدث، الألم العميق هو على ما حدث مرة واحدة وما كنا ندري أنه لن يتكرر)…، (الكلمات لا تنضب، لكنّها الشيء الوحيد الذي لا تقلّل الوفرة من التوق إليه)…، (الأعياد دوّارة… عيد  لك وعيد عليك)…، (إن الذين يحتفلون اليوم بالحب قد يأتي العيد القادم وقد افترقوا، والذين يبكون اليوم لوعة وحدتهم قد يكونون أطفال الحب المدللين في الأعياد القادمة)…، (الكبرياء أن تقول الأشياء في نصف كلمة ، ألاّ تكرّر. ألاّ تصرّ. أن لا يراك الآخر عارياً أبداً. أن تحمي غموضك كما تحمي سرّك)…، (لا أفقر من امرأة لا ذكريات لها. فأثرى النساء ليست التي تنام متوسّدة ممتلكاتها، بل من تتوسّد ذكرياتها)…، (المرأة تضعك في خيار أن تكون بستانياً، أو سارق ورود. أترعاها كنبتة نادرة، أم تسطو على جمالها قبل أن يسبقك إليه غيرك).

 

جزء ثان بعنوان (لا ترتدي حداد الحب)..

أعلنت (مستغانمي) أثناء حفل توقيع الكتاب في ثالث أيام المعرض، عن جزء ثان لروايتها الجديدة سيحمل عنوان (لا ترتدي حداد الحب). وقد صدرت الرواية في طبعتين واحدة عادية والثانية فخمة مجلدة ومدعمة بقرص مضغوط، يضم أغاني من التراث الشعبي الجزائري على غرار الراحل عيسى الجرموني.

وذكرت مستغانمي أنه ينتظر أن تتحول الرواية قريباً إلى فيلم سينمائي من إخراج التونسي شوقي الماجري، وبطولة المطربة لطيفة العرفاوي.

وتعدّ الروائية والشاعرة أحلام مستغانمي من أشهر الكتاب الجزائريين والعرب، فكتبها تباع بمئات الآلاف، وقد حققت أحسن المبيعات طوال سنوات في لبنان والأردن وسورية وتونس والإمارات العربية المتحدة. وتعود شهرتها إلى رواية (ذاكرة الجسد) التي نشرتها في بيروت عام 1993 والتي وصلت اليوم إلى طبعتها ال(18). وقد حصلت هذه الرواية على (جائزة نجيب محفوظ) في ،1998 كما ترجمت إلى الإنجليزية والإيطالية والفرنسية والألمانية والإسبانية والصينية. وأدرجت ضمن برامج عدة جامعات دولية ك(السوربون) بباريس، وجامعة (ماريلاند) بالولايات المتحدة.

كما ألفت روايات أخرى على غرار (فوضى الحواس)، و(عابر سرير)، و(نيسان. com)، إضافة إلى دواوين شعرية منها (على مر الأيام)، و(أكاذيب سمكة).

العدد 1140 - 22/01/2025