التصعيد العدواني في ذروته

لم يعد سراً، أن الاشتراك التركي في العدوان الذي استهدف مدينتي إدلب وجسر الشغور، بالتعاون مع قطعان المرتزقة والمتسللين الأجانب، هو جزء من المخطط الذي وضع مؤخراً في غرف العمليات السوداء التي تضم تركيا والسعودية وقطر والأردن، وحتى إسرائيل، من أجل الحسم العسكري للأزمة السورية باتجاه قلب ميزان القوى دفعة واحدة لصالح المجموعات الإرهابية المسلحة، باعتبار أن سلخ هاتين المدينتين عن إطار الدولة السورية بحكم موقعهما الاستراتيجي، سيؤمّن سيطرة شبه كاملة على الشمال السوري من قبل تركيا بأدوات إرهابية، كما سيؤمن فتح الطريق الواصلة بين جسر الشغور واللاذقية، والنفاذ نحو ريف حماة.

إن ضخامة أعداد القوى الغازية في هذه الحملة، والأساليب والتجهيزات الإلكترونية المتقدمة التي زودت بها من قبل الأتراك، تفوق القدرات المتوفرة لدى الإرهابيين بكثير.

في الوقت ذاته، تزداد التحشدات الإرهابية في محيط درعا بمساعدة مكشوفة من الأردن، ويجري الترويج على نطاق واسع لأنباء تقول إن هدف هذه التحشدات هو اختراق محافظة درعا، وتسهيل عملية فتح الطريق نحو دمشق.

هذا عدا النشاط العسكري الذي يجري في ريف القنيطرة بمساعدة إسرائيل، لاستعادة القرى والمواقع التي وضع الجيش العربي السوري يده عليها، لمنع إقامة الشريط الحدودي العازل فيها.

كما يزداد التحرش بمواقع الجيش في محافظة السويداء، لتمكين الإرهابيين من قطع طريق دمشق السويداء وعزل هذه المحافظة عن مدينة دمشق وريفها، كجزء من خطة تطويق دمشق.

وتدل هذه الوقائع على مدى التسارع الكبير في مسار الأحداث، والاستعجال في تطبيق المخطط الموضوع لإسقاط الدولة السورية وتفكيكها إلى دويلات صغيرة متناحرة، على النمط الذي يجري في العراق، الذي قطعت الولايات المتحدة الأمريكية شوطاً كبيراً في تنفيذه، ونعني بذلك تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات.

إذاً، ودون حاجة إلى التشاؤم، يمكن القول إننا على أبواب مرحلة جديدة من التصعيد الدموي الإجرامي الذي يستهدف دولة الشعب السوري وكيانه، مرحلة سيضع فيها الحلف العدواني التركي- الرجعي العربي كل ثقله في المعركة، بدعم وتأييد، يكتسب طابع المناورة أحياناً وطابع الوقاحة أحياناً كثيرة، من قبل أمريكا وبعض حلفائها الأوربيين، لقلب ميزان القوى رأساً على عقب. وستبرز فيها الوحشية وروح الحقد والانتقام بأجلى مظاهرها.

إن الشعب السوري الذي صمد بفضل روحه الوطنية وعزيمة جيشه الباسل أكثر من أربع سنوات، والذي حمل في الوقت نفسه راية الحل السياسي، لن يسمح بنجاح الخطة العدوانية المتصاعدة، وسيدافع عن أرض وطنه الغالي بكل ما أوتي به من قوة.

ومطلوب من كل الوطنيين السوريين في هذه اللحظات، مهما تعددت مواقعهم، أن يتحدوا لحماية الوطن من الإرهاب والمتسترين عليه، وهذا يتطلب أيضاً إعادة النظر بأوضاعنا الداخلية، ومكافحة الفساد والتعديات، وتوسيع قاعدة المشاركة في السلطة السياسية، ورفع كابوس الغلاء عن الجماهير.

العدد 1140 - 22/01/2025