المؤتمر الثاني عشر..استحقاق حزبي أم ضرورة ؟!

 سألنا الكثير من الرفاق والأصدقاء: هل من الضروري عقد المؤتمر في مثل هذه الظروف؟

وبغض النظر عن خلفية السؤال إن كان بريئاً، أو مشككاً، أو مخلصاً، أو خائفاً من عدم نجاح المؤتمر، وربما كان أحد الأسئلة المشكلة أكثر إثارة أن حزب السلطة لم يستطع عقد مؤتمره.. كيف أنتم تستطيعون عقد مؤتمركم؟ وربما يقصد الجانب الأمني والسياسي وعدم وضوح رؤية المستقبل، وربما أجبته بتسرع: وما علاقتنا بالآخرين؟!

كل ذلك يشير إلى أن عقد المؤتمر لا يجري في ظروف طبيعية، وإنما ظرف استثنائي وهذا صحيح.. وشئنا أم أبينا فإن البلاد تمر بظروف أزمة لا مثيل لها.. وشئنا أم أبينا فإن الأزمة ستترك بصماتها على المؤتمر من حيث التحضير والوثائق والقرارات، وربما الحضور من الداخل والخارج.

فكرة عقد المؤتمر نشأت منذ عامين تقريباً، وأشبعت نقاشاً ومشاورات في جميع الهيئات الحزبية، ورُجحت ضرورة عقد مؤتمر للحزب، بغض النظر عن الاستحقاق الحزبي بعقده، واتخذت اللجنة المركزية، أعلى هيئة في الحزب، قراراً بعقد المؤتمر في النصف الثاني من هذا العام.

وفي اجتماعها الثاني منذ عام ونصف أقرت اللجان وكلفت رفاقاً بالعمل لإصدار مشاريع الوثائق من أجل مناقشتها ثم عرضها على المؤتمر، وقد نظّمت العديد من الندوات واللقاءات المكرسة للحوار حول هذه الوثائق.. وقسم كبير منها نشر في صحيفة الحزب (النور)، وهي تنشر ما يردها من ملاحظات الرفاق والأصدقاء.

ونستطيع القول بكل ثقة ومسؤولية إن التحدي الأكبر أنجز بإصدار الوثائق وانتخاب مندوبي المؤتمر في أنحاء الوطن كافة، وبنجاح.

والهدف الأساس من انعقاد المؤتمر أن الحزب نشأ وترعرع في ربوع هذا الوطن منذ أكثر من تسعين عاماً، وثبت أنه حاجة موضوعية، ونال شرف الثقة والمسؤولية من جماهير شعبنا من عمال وفلاحين ومثقفين ثوريين، ومن القوى السياسية والثقافية في الوطن.

ولما كانت الأزمة التي عصفت بالبلاد تركت آثاراً سلبية على مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبرزت مفاهيم جديدة ونشأت قوى جديدة، منها ما يهدد الوطن بوحدته واستقلاله، وضرب الإرهاب والجهل والتجهيل أطنابه في ربوع وطننا، فكان لابد من وقفة مراجعة لهذه الأزمة أسبابها ونتائجها، ولابد من تكريس وحدة الحزب الفكرية والسياسية والتنظيمية، ولابد أيضاً من استنهاض الحزب والتأقلم التنظيمي مع الواقع الجديد، لنكون نموذجاً وطنياً في الصمود والنضال، ولمسنا ذلك أيضاً من قوى سياسية شريفة عبرت بأن عقد مؤتمر حزبكم ونجاحه سيمد الأحزاب الأخرى والقوى الوطنية الشريفة بالثقة والصمود وبالمستقبل، واستمرار الحياة السياسية، من أجل التعددية والديمقراطية والمواطنة والعلمانية والغد الأفضل الذي يحتاجه الشعب السوري.

إننا نرى أن مؤتمرنا ليس استعراضاً إعلامياً لمدة يومين، وإنما نتاج عمل حزبي ووطني، متواصل منذ أكثر من عام ونصف، شارك في مناقشة وثائقه رفاق وقوى وطنية وسياسية مختلفة، وهو ليس كسابقه من المؤتمرات، لا من حيث التحضير ولا من حيث النتائج، وليس في عقده ترف سياسي أو فكري، و لا تهويل ولا استعراض، لأن الوطن مهدد بكيانه الجغرافي والسياسي والثقافي، ولا أعتقد بأنني أجافي الحقيقة إذا قلت إنه (مؤتمر الأزمة السورية).

وكان لابد من تجاوز بعض النصوص في النظام الداخلي ومن إدخال تعديلات غير مسبوقة في اللائحة الانتخابية، لتمثيل كل مناطق الوطن، ونأمل أن يجري الاختيار المسؤول من قبل الرفاق للكوادر التي أثبتت قدرتها على التحدي والصمود، تعزيزاً للثقة بالوطن والحزب.

ثقتنا بشعبنا وحزبنا تترسخ أكثر فأكثر، وقناعتنا بمستقبل سورية الواعد عميقة جداً.

عاش المؤتمر الثاني عشر لحزبنا الشيوعي السوري الموحد!

العدد 1140 - 22/01/2025