هل القطاع الحكومي ما زال أنشودة الأمان؟
يُعتبر القطاع العام/ الحكومي حجر الأساس لبناء اقتصاديات المجتمع والدولة، لاسيما في بلدان العالم الثالث الذي يفتقر رغم هذا إلى السياسات المتوازنة في عملية التنمية الاقتصادية والمجتمعية، مثلما يفتقر إلى التشريعات الصارمة في قضايا العمل وحقوق العمال خاصة في القطاع الخاص أو المشترك، لا بل توجد في العديد من هذه البلدان تشريعات عمل لا تنصف العمال ولا تحمي حقوقهم أمام طغيان وجبروت ربّ العمل الساعي دوماً للربح بأية طريقة حتى لو كان على حساب العمال وأمنهم واستقرارهم وضمان استمرارهم في العمل.
لذا، ما زال العمل في القطاع الحكومي قبلة الوافدين إلى سوق العمل من مختلف الاختصاصات والفئات والشرائح العلمية والاجتماعية، بحكم ما يتمتع به العامل فيه من استقرار وظيفي تضمنه قوانين العمل المعمول بها في هذا القطاع، يُضاف إليها أمان مستقبلي يضمن إلى حدّ بسيط شيخوخة آمنة بنظر غالبية المجتمع على الرغم من ضآلة تلك الضمانات ومردودها الذي بات اليوم لا يكفي للقليل القليل من الاحتياجات المادية الآنية، فكيف مع شيخوخة تحتاج إلى ضمانات اجتماعية وصحية ومادية لا يمكن لمعاش تقاعدي أن يغطيها.
لكن هذه الحكومات لم تتبنَ ثقافة خاصة بالعمل تؤثّر إلى حدّ ما باختيارات الوافدين إلى سوق العمل لتأخذهم باتجاه قطاعات غير حكومية تُسهم في تطوير إمكانات الشباب واستغلال طاقاتهم بما يعود عليهم بالفائدة والمستقبل الآمن، من خلال تشريعات صارمة تُلزم أرباب العمل بتطبيقها من أجل احتواء الشباب والاستفادة من معارفهم العلمية والعملية، رغم أنه في السنوات الأخيرة تمّ توقيع أكثر من اتفاقية، وإقامة أكثر من ورشة عمل ومعارض ومؤتمرات لهذه الغاية ما بين الحكومة وأصحاب العمل بالقطاع الخاص.
لهذا، علينا، حكومات ومجتمعاً وأفراداً، امتلاك تلك الثقافة من خلال تعزيز التشريعات المتكافئة ما بين العام والخاص، لتكون أماناً وضماناً للجميع في مختلف قطاعات العمل.