العمل في قطاع الحكومة ضمان مادي للشيخوخة
الكثير منا بعد أن ينال شهادة التعليم الثانوي يبدأ بالتفكير باختيار فرع جامعي أو بالمعاهد المتوسطة ممن تطلب شهادتهم العلمية بسوق العمل، ويُلاحظ هذا التفكير بالدرجة الأولى عند الأشخاص الذين لا يؤهلهم مجموع علاماتهم لدخول الجامعة أو المعاهد، كما نلاحظ أن الكثير من الفتيات يتجهن نحو التمريض أو المعهد الطبي للقابلات القانونيات، ومنهن من تتجه لمعهد تقويم الأسنان، وذلك لضمان الالتحاق بسوق العمل بعد تخرجهن وخاصة في مؤسسات الدولة، على اعتبار أن فيها ضماناً في المستقبل وتأميناً صحياً وراتباً تقاعدياً يكون قوتاً للشيخوخة القاسية بطلباتها من دواء ومرض وطعام وما شابه، وهذا ما ينطبق أيضاً على الشباب الذكور في توجهات دراسية تمكنهم من العمل في القطاع الحكومي.
مهما كان الجنس أو العمر أو التحصيل العلمي فجميعنا يتجه نحو التطلع لضمان مادي يحمينا من العوز، وخاصة عندما نتقدم في العمر وتبدأ مصاريفنا بالتزايد وهمتنا للعمل تتضاءل بسبب العمر والتعب وأحياناً كثيرة الممل بعد مسيرة شاقة طويلة. لكن علينا ألا نتجاهل الكم الهائل من الخريجين أو غير الخريجين الراغبين بالالتحاق للعمل ضمن قطاعات الدولة، وعدم قدرة هذه القطاعات على استيعاب كل الكوادر الراغبة بالعمل ضمن مؤسساتها، وذلك بسبب الكم الهائل من اليد العاملة داخلها، خاصة أن هناك مشكلة يجب أن تجد لها قطاعات الدولة حلاً، لتستطيع ضخ دم شبابي جديد ضمن مؤسساتها، ألا وهي التمديد لمن بلغ سن التقاعد ليبقى على رأس عمله ويحجز مكانه وعدم الاستفادة منه لوافد جديد بروح شبابية وحيوية جديدة. وهذه المشكلة تعاني منها كل قطاعات الدولة.
بالمقابل هناك من يختصر مشقة التعب والسعي للتعيين في أحد قطاعات الدولة، ويتجه للقطاع الخاص تحت مغريات كثيرة، من الرواتب العالية والحوافز وما شابه، وخاصة إلى شركات القطاع الخاص صاحبة الاسم والشهرة وممّن لديهم بدل مواصلات وتأمينات لا تختلف بشيء عن الدولة ولو أن ساعات العمل أطول.
يبقى الطمع بالمردود العالي والتأمين للمستقبل سواء براتب تقاعد أو تعويض مادي يمكنه من فتح مشروع بعد التقاعد، وطبعاً هذا التفكير يجول برأس الجميع من الجنسين، وبالتالي مهما كان تحصيلنا العملي ومهما بلغنا من العمر يبقى هدفنا الالتحاق بسوق العمل سواء العام أو الخاص وإن كان الخاص لا يحمل ميّزات العام، وذلك بغية المردود المادي لنستطيع أن نواجه متطلبات الحياة دونما الحاجة للآخرين فلا نكون عبئاً عليهم. وهنا يجب على الدولة أن تولي الاهتمام للشباب وأفكارهم الجديدة فتُضخُّ دماء جديدة في القطاع العام، ولا تتجاهل تسليط الضوء على القطاع الخاص.