مؤسسات التدخل الإيجابي تنعكس بأسعارها سلباً على المواطن!
موجات صيفية حارقة تجتاح البلاد بأسعار حكومية لاهبة كجمر نار جهنم الموصوفة في قصص الأساطير الشعبية، وهي لم تستثن حتى مؤسساتنا الاستهلاكية الحكومية التي أطلق عليها مصطلح مؤسسات التدخل الإيجابي فهي تتخلى عن مهمتها إلى كون ملجأ للمواطنين السوريين الذين بات 85% منهم تحت خط الفقر.
صحيفة (النور) في جولة لها بين صالات المؤسسات الاستهلاكية والأسواق للاطلاع على فوارق الأسعار وارتفاعها الشديد الذي تخطى أسعار الشهور الماضية الكثير من المنتجات خصوصاً البقوليات والسكر والزيوت والسمون والشاي والألبان.. الخ يجد المواطن الفارق كبيراً في العرض والسعر بين السوق و صالات التدخل الإيجابي، وكذلك بالنسبة لتاريخ الصلاحية. سألنا بعض المواطنين حول أسعار المؤسسات الاستهلاكية فقالت لنا سوزان.ع: كنت سابقاً اشتري من المؤسسة الاستهلاكية بعض المنتجات، أما اليوم فأسعار السوق أفضل بالنسبة للمنتجات المتوفرة من عدة ماركات وأسعاره أقل أحياناً، إذ لا أجد في صالة المؤسسة ما أريده وخصوصاً في الفترات الأخيرة ارتفعت الأسعار في صالات المؤسسة كثيراً.
أما أحمد.ش فقد قال: ليس لدينا مؤسسات تموين حكومية، فقدناها منذ زمن طويل عندما أصبحت بيد بعض التجار المتحكمين بها وبتسويق منتجاتهم عبرها بالأسعار التي يريدونها، ولن أتكلم عن الأنواع و جودتها.. يمكنكم الحكم عليها بأنفسكم. أما بالنسبة للسوق فهناك ماركات يثق بها المواطن منذ زمن وهي منتجات سورية والأسعار هنا وهناك نفسها تقريباً. وكان للسيدة هناء.خ رأي مختلف إذ قالت: الأسعار ارتفعت في السوق بسبب رفع المؤسسة لأسعار المنتجات، فمثلاً السكر عندما ارتفع من 225 ليرة إلى 300 ليرة أصبح سعره في السوق 450 ليرة وغير متوفر في المؤسسات بشكل مستمر، وما يضحكني هي كلمة مدعوم! هل برأيكم بقي شيء مدعوم؟ الأسعار تختلف حسب الجودة؟ يمكن أن نجد في الأسواق منتجات بأسعار أقل من المؤسسات وبجودة موازية. أما شادية.ح فقالت: نتمنى أن تعود المؤسسات الاستهلاكية كما كانت في الثمانينيات والتسعينيات.
هذا ماعبر به بعض المواطنين عن واقع يعيشونه يومياً، وقد لمسنا ذلك في جولتنا الميدانية في صالات الساحل السوري: منتجات محدودة الماركات وأسماء ليست متداولة في السوق، بأسعار مرتفعة توازي الماركات المعروفة ذات الجودة التي يثق بها المواطن، كذلك منتجات مستوردة كـ(فروستي) التي تغزو صالاتنا بصلاحيات قريبة من مدة انتهائها، والمنتج المحلي ذو الجودة غائب مما يجعلنا في صحيفة (النور) نتساءل عن الأسباب التي تقيد مؤسساتنا الاستهلاكية وتجعلها مستودعات لتصريف سلع يستوردها بعض التجار؟ هل باتت هذه المؤسسات التي لعبت دوراً كبيراً في سنوات مضت مخصصة لبعض التجار المتحكمين بها؟ أين سلطة الحكومة وقوانيها في تحكمها بأسعارها؟ أليس هناك قوانين في قرارات إنشائها؟ أليس الغرض منها خدمة المواطن السوري وتكون إيجابيتها في تقديم أسعار جيدة أقل من أسعار السوق لتخلق تنافسية بينها وبين القطاع الخاص الذي يتحكم به مجموعة من التجار المتنفذين والمستوردين بدلاً من أن تنعكس سلباً على حياة المواطن المحترق بنيران الحرب وجمر الصيف في لهيب الأسعار، فهل من آليات وخطط لتحسين وتطوير هذه المؤسسات سؤال نتركه لأهل الاختصاص.
وفي سؤال وجهته صحيفة (النور) للباحث الاقتصادي الدكتور نضال زكريا الحسن حول رؤيته لمؤسسات التدخل الإيجابي وماهي الآليات لتحسين واقعها وإعادة ثقة المواطن بها من جديد؟ صرح لنا قائلاً:
لا تستطيع مؤسسات التدخل الإيجابي التمايز عن أسواق القطاع الخاص من حيث الأسعار لمصلحة المواطن إلا إذا اعتمدت مجموعة من الإجراءات التي تتيح لها ميزة تنافسية تعود بالفائدة عليها وعلى المواطنين من الشرائح المنخفضة الدخل، ومن هذه الإجراءات:
1- إنشاء شبكة علاقات مباشرة مع المنتجين (سواء زراعيين أو صناعيين) للتخلص من دور الوسيط مثل سوق الهال أو تاجر الجملة.
2- تعزيز المؤسسات بأسطول نقل ضمن سلسلة توريد متكامل تخفض كلفة نقل السلع والمنتجات.
3- اعتماد منهجية تسويق ذكية وتفاعلية تستفيد من نوعية السلع والمنتجات وكميتها وتوفرها في الأسواق الموازية لتحديد وتوقيت ضخ السلع والمنتجات وكمياتها.
4- تقسيم المنتجات على شرائح سعرية متعددة
5- اعتماد سياسة البيع بعروض تشجيعية بكميات أو طرود مثل أسعار الجملة.