نزار إسماعيل موسى محافظ طرطوس: الوضع الخدمي من أوّلياتنا…

إنها طرطوس، المدينة الموغلة في القدم والتي تبسط زراعتها على طول شاطئ جميل يقدر بنحو90كم من الحدود اللبنانية جنوباً إلى نهر السن شمالاً، وهو شاطئ جميل تتناثر عليه (الشاليهات) والفنادق والمطاعم والمقاهي، وتتناثر أمامها عدة جزر أهمها جزيرة أرواد التي تبعد عنها نحو 5 كم، وهي الجزيرة الوحيدة المأهولة إلى جانب جزيرة العباس والنمل وأبو علي. وعلى بعد مئات الأمتار تطالعك الجبال الخضراء التي يتراوح ارتفاعها بين 400 و1300 م، كما هو الحال في جبل النبي متى وجبل النبي صالح.. تلك الجبال الغنية بغاباتها الطبيعية والاصطناعية وبمياهها العذبة.

على الرغم من صغر مساحة طرطوس جغرافياً وسكانياً، إلا أنها تعد من أكثر المدن العربية ارتفاعاً في أعداد الحاصلين على الشهادات الجامعية بالنسبة لعدد السكان. ورغم غياب الإحصاءات الرسمية، فهناك إجماع على حضورها المميز والفعال على الساحة التعليمية في سورية. والجدير ذكره أن طرطوس هي المحافظة الوحيدة في سورية التي لا يزال التعليم فيها مختلطاً- ذكور وإناث – في جميع مراحله، وهي تجربة أثبتت نجاحها في هذه المدينة الهادئة… بدأت الحكومة مؤخراً بتوسيع التعليم العالي ليمتد أفقياً إلى جميع المحافظات، ولكن إلى الآن لم تُنشئ جامعة مستقلة بطرطوس، وإن كان هناك بعض الكليات المفتتحة حديثاً والمرتبطة بجامعة تشرين لتخفيف الضغط عنها، وقد تكون هذه الكليات المستحدثة نواة لجامعة مستقبلية مثلها مثل باقي مدن سورية.

لقد قسمنا الحوار إلى عدة عناوين – إن صحّ التعبير- وكان الوضع التربوي والتعليمي في مقدمة هذه العناوين. فاسمحوا لنا أن نبدأ الحوار من هذه النقطة مع السيد نزار إسماعيل موسى، محافظ طرطوس، الذي لا يسعنا إلاّ أن نشكره جزيل الشكر على المتابعة اللحظية والدقيقة لكل ما من شأنه أن يؤمن للمواطن الطمأنينة والسعادة والأمان ولتلبية طلبنا باللقاء معه، برغم ضيق وقته بسبب كثرة المراجعين والمواعيد.

 

الوضع التعليمي

* مادام المستقبل يتعلق بالأجيال، والأجيال تبنى من خلال العملية التربوية والتعليمية، فأود بداية أن نستعرض واقع العملية التربوية في محافظة طرطوس. واسمح لي أن أسأل سيادتكم عن الإجراءات التي اتخذتموها في هذا المجال بعد أن أرخت الأزمة التي تعصف بسورية بثقلها على العملية التربوية، إذ زاد عدد الطلاب والمدرسين الذين أتوا من المحافظات الأخرى، ممّا أربك التربية وفسح مجالات عديدة لعمليات نقل وتكليف كانت مزاجية أحياناً، وكان يفترض بالمعنيين في التفتيش التربوي تشكيل لجان تحقيق في عدد من القضايا التي أثيرت عبر الصحافة، وكان آخرها ما طرحته جريدة (النور) عن نقل مدرسين بشكل كيفي.

** السيد المحافظ: في بداية الحديث أرحب بجريدة (النور) التي اعتدنا جرأتها وصراحتها، وأود أن ألفت انتباهك إلى أنني منذ أن توليت مهامي في هذه المحافظة، أوليت الجانب الخدمي جل اهتمامي. وضعت يدي على الفساد، ولاحقتهم شخصاً شخصاً، والمستقبل سوف يؤكد ذلك.

أما بالنسبة لسؤالك المتعلق بنقل المدرسين، فنحن منذ البداية اجتمعنا مع مدير التربية والجهات المعنية بالعملية التربوية، وقررنا افتتاح المدارس بوقتها، وأمنّا الكتاب المدرسي قبل كل المحافظات، لأن المطبوعات في دمشق. تحدثت شخصياً مع وزير التربية عدّة مرات، ومن خلال المراسلات استطعنا أن ننقل نحو5000 معلم ومعلمة نقلاً نهائياً، علماً أن الجهاز المركزي في البداية لم يوافق، فاتصلنا مع السيد رئيس الحكومة وتم تأشير قراراتهم وهم يداومون الآن في طرطوس.. وكي أكون دقيقاً في الإجابة فيما يتعلق بالتربية، أتمنى أن تتوجه بالأسئلة المتعلقة بحالات كهذه إلى مدير التربية، لأنني لست على علم بدقائق الأمور كالتي تتحدث عنها.

* استُملك 65 هكتاراً منذ عام 2007 في مدينة طرطوس لصالح إقامة جامعة حكومية، ورغم ضرورة الإسراع في إنجاز البنى التحتية للموقع والمباشرة بتشييد مباني الجامعة وكلياتها مازلنا في بداية المشوار.. ومازالت الكليات السبع المحدثة في مبان مدرسية غير مؤهلة جيداً، وجميع الطلاب والأساتذة ينتظرون بفارغ الصبر إحداث الجامعة وإنجاز المباني المقررة.. هل لكم أن تضعونا في الخطوات التي قطعها هذا المشروع؟

** السيد المحافظ: آخر الأخبار أن هذا الموضوع قيد التخطيط، لأن المساحة كبيرة والمقرر هو بناء مدينة جامعية، إضافة إلى الجامعة ومشفى طلابي صغير أيضاً. الموضوع تمت المراسلة من أجله وإن شاء الله تخصص الاعتمادات اللازمة. المخططات يتم العمل عليها، وعلينا أن ننتظر قليلاً، فمشروع كهذا يحتاج إلى وقت طويل نسبياً. المشروع له مدة زمنية، ومن خلال المخططات سوف تقوم شركة من القطاع العام بتعهده، لأن القطاع العام أسرع من القطاع الخاص. وبرأيي أضمن من العمل مع القطاع الخاص. سيكون الإشراف منّي أنا بالذات شخصياً. الوقت هو العامل المهم بالموضوع، وكما ذكرت لك الموضوع بحاجة إلى وقت وصبر.

* الملاحظ في مديرية التربية إعطاء ساعات لمن لم يتمّوا تعليمهم الجامعي، ولدي العديد من الأسماء في أكثر من مدرسة يمكن تزويدكم بها، في حين أن لهم زملاء تخرجوا منذ سنوات عديدة وينتظرون دورهم لقطف ثمار تعب السنين. هل يحق لموجهي المادة في مديرية التربية القيام بتكليف كهذا؟!

** السيد المحافظ: من البداية تحدثت عن عدم إطلاعي على دقائق أمور التربية، لذلك ما أتمناه منك أن تكتب مذكرة بهذه التفاصيل الصغيرة، وأنا أعدك بمعالجتها معالجة كاملة مع المعنيين في التربية خلال فترة قصيرة جداً.

* من المناظر البشعة والمؤسفة تجمّع عدد كبير من سائقي الدراجات النارية أمام المدارس وفي مرائب الانطلاق بالدريكيش، خصوصاً مع انصراف التلاميذ من المدارس. هل من توجيه إلى المعنيين في منطقة الدريكيش للحد من هذه الظاهرة؟!

** السيد المحافظ: هذا الكلام كما قلت لك يحتاج إلى تقديم مذكرة إلينا، وعليك الانتظار يوماً أو يومين كي ترى أن جميع هذه المشكلات الصغيرة قد حُلّت.

 

في مجال الصحة

* يبدو أن الوضع الصحي، برغم الجهود الكبيرة المبذولة، يعاني بعض الحالات التي تؤثر سلباً على سمعة مديرية الصحة من خلال عدد العقود التي تمت بشكل طغت عليه المحسوبية وأشياء أخرى، خاصة فيما يتعلق بمشفى الشيخ بدر الجديد ومشفى الدريكيش والمستوصف الصحي في الدريكيش أيضاً.. وكما هي الحال بالنسبة للتربية تبدو المزاجية حاضرة في مستوصف الدريكيش، إذ نقلت ممرضة متزوجة إلى قرية تبعد أكثر من 20كم، لأسباب شخصية بحتة. كيف تقيّمون الوضع الصحي في المحافظة؟

** السيد المحافظ: لدينا معلومات عن مشفى الدريكيش ومستوصف الدريكيش أيضاً، وعن تجاوزات، ونحن لن نسمح بها، ولكن يجب أن يكون لدينا معلومات كاملة وثابتة.. فالقاضي يجب أن يسمع من طرفين. تأتينا شكاوى عديدة، فأنت وأمثالك تقدمون لنا معلومة وعلينا نحن الدراسة والتدقيق لاتخاذ القرار. وأنت شخصياً لك تجربة معي في الدريكيش، وأقصد ما حصل مع مدير مؤسسة الأسمنت. الوضع الصحي في طرطوس ريفاً ومدينة جيد جداً، أما عن العقود التي تتحدث عنها أنت فأنا وقعت 253 عقداً مؤقتاً لأبناء الشهداء حصراً. وهذه العقود المؤقتة لذوي الشهداء كي يتمكنوا من تأمين مصروف لعائلاتهم ريثما يحصلون على وثيقة الاستشهاد. نحن من خلال اللقاءات مع المواطنين يوم الثلاثاء (طبعاً مكتبي مفتوح في أي يوم لأي مشكلة) نلتقي مع كل المراجعين، وأسر الشهداء لهم أفضلية لدينا. هناك أكثر من 50 وظيفة دائمة وافقنا عليها حصراً لأسر الشهداء.

* سمعت من العديد ممن راجعوا مديرية الصحة والمحافظة بخصوص التعاقد في المشافي الجديدة، كمشفى الشيخ بدر مثلاً، أنهم ينتظرون مسابقة كنتم قد وعدتم بها.. هل مازال الأمل قائماً بالنسبة للمسابقة، أم أن التعيين كان سرياً وانتهى الأمر؟

** السيد المحافظ: ملاك مشفى الشيخ بدر لم يعلن بعد.. مشفى الشيخ بدر له ملاك عددي كي تتم عملية صرف الرواتب. حالياً متوقف لهذا الغرض، ونحن موعودون من الآن إلى نهاية الشهر الحالي بتصديق الملاك العددي، ثم يمكن أن تجرى مسابقة أو نقوم بفرز عناصر من مشافي طرطوس زائدة عن الحاجة. أتمنى شخصياً أن تجرى مسابقة كي نستوعب أكبر عدد ممكن من العاطلين عن العمل.

 

في مجال تفعيل حماية المستهلك ودوريات التموين

* من القضايا التي أرهقت كاهل المواطن في طرطوس غلاء الأسعار الفاحش وتباينها بين منطقة ومنطقة، أو تاجر وآخر، وعدم قدرة جمعية حماية المستهلك وعناصر التموين على لجم جشع التجار الكبار الذين يتحكمون بالسلعة من خلال عدم إعطاء فاتورة نظامية. هل تحتاج دوريات التموين إلى من يذكرها بواجبها؟! وإذا كان العذر الدائم هو قلّة العناصر، فلماذا لا تتعاقدون مع عناصر جديدة، أم أن لكم رأياً آخر بالموضوع؟!

** السيد المحافظ: قطعاً لا تحتاج إلى ذلك! بالنسبة للوضع التمويني، معظم المواد أسعارها محررة ويملك التاجر الحق في تسعيرها حسب الطلب. إذاً الموضوع يتعلق بالنسبة للمواد المحررة بالعرض والطلب. فمثلاً تاجر يسعّر الخيار ب 50 ليرة وآخر يبيعه ب30 ليرة، لا يمكن للتموين تنظيم مخالفة بحق الذي يبيعه ب50 ليرة. بعض المواد سعّرتها وزارة الاقتصاد، وهذه المواد لا يمكن التلاعب بأسعارها، وتتم مخالفة المتلاعب بسعرها. طبعاً هذا يعود لضمير التاجر. عدد المراقبين بطرطوس 16 مراقباً، ويومياً لنا اتصال مع مدير التموين للاطلاع على حالة الأفران وحالة السوق. هذا الموضوع مهم، وأتمنى من كل مواطن أن يأخذ دوره، وأتمنى أيضاً أن يتم إعلامي في حال تقدم أي مواطن بشكوى ولم يتم تنفيذها أو التدقيق بها. مواطننا يجب أن يتخلص من مصطلح (خليها تطلع من غيري)، يجب أن يمتلك الشجاعة للوقوف في وجه المخالف. أي مخالفة أنا جاهز لقمعها بشكل فوري وحاسم. لقد طالبت مديري التموين بوضع مكيال المعايرة بالنسبة للكازيات تحت تصرفهم، وأن يقوموا بالمعايرة الدورية منعاً للتلاعب بالعدادات.

* مادمنا نتحدث عن قضايا تموينية ومخالفات بالجملة ترهق المواطن، فإنني أرى من الواجب أن أكرر الحديث عن واقع الرغيف في المحافظة، خصوصاً في الأفران الخاصة، إذ لا يتجاوز وزن الربطة 1100- 1000 غرام، بحسب عدد من المقالات في أكثر من جريدة محلية، في مقدمتها جريدة (النور).. لماذا لا نتدرج بالعقوبة بحيث تصل إلى سحب الرخصة من المخالف؟!

** السيد المحافظ: أنا أشد على يدك في ملاحقة هذه الظاهرة، وبالحقيقة هي ملاحظة صحيحة، إذ قمت منذ أيام قليلة في الرابعة صباحاً بجولة على العديد من الأفران الخاصة، وفوجئت بأن وزن الربطة كما تتحدث. تذرعوا في البداية بأنها مجانية لأسر الشهداء، وكنت أعلم أن هذا غير صحيح، وفي اليوم الثاني طلبت مدير التموين والمخابز والمطاحن واجتمعت معهم ووجهتهم إلى ضرورة محاسبة كل من يتلاعب بالرغيف محاسبة صارمة. لدي معلومة كاملة عن تكلفة الرغيف، ولمن يحتج بأنها مكلفة أكثر أن يتوقف عن العمل مادامت خاسرة. لقد تعهدوا جميعاً بالالتزام، وهذا الكلام عمره نحو شهر ونصف، وبعد ذلك لم تأتنا أية شكوى. وزن الربطة 1450 غراماً، وأنا أسمح ب100 غرام. هناك مخالفات لخمسة أفران في طرطوس.. كلامك دقيق ونسعى لملاحقة المتلاعبين بالرغيف.

* أزمة المازوت والتلاعب بالكميات في معظم محطات المحافظة، وخاصة في الدريكيش وعدادات سيارات التوزيع المشكوك فيها من المنغصات التي ترهق المواطن. هل من الممكن أن تتشكل لجان موثوق بها للقيام بالكشف على عدادات المحطات والصهاريج بشكل مفاجئ وسرّي؟! وما هي آخر الأخبار عن توزيع مازوت التدفئة، لأن العديد من القرى الباردة لم تستلم ليتراً واحداً حتى الآن، ونحن على أبواب كانون الثاني؟!

** السيد المحافظ: لا يوجد أزمة مازوت، ولكن يوجد قلّة بالمادة، وإذا قارنا وضعنا مع بقية المحافظات فالوضع جيد جداً.. لدينا في المحافظة سنزيد الكمية ابتداء من الأسبوع القادم، وبدلاً من 34 طلباً أصبحت 60 طلباً.. لذلك ابتداء من الأسبوع القادم سيلاحظ المواطن في هذه المحافظة تحسناً ملحوظاً في هذا الخصوص. لقد أعطينا الأفران أوّلية، وآليات الدولة العاملة في المشاريع وآليات المبيت، وقد أُجّل موضوع التدفئة قليلاً إلاّ في المناطق الباردة. بدءاً من الأحد القادم سنوزع مازوت التدفئة ونغطي كل احتياجات المحافظة.

 

في مجال الشؤون الاجتماعية والعمل

* لا يزال عدد كبير ممن تقدموا بطلبات تشغيل أو توظيف ينتظرون دورهم منذ نحو عشر سنوات، في حين أن بعضهم لم يطل انتظارهم أكثر من سنة واحدة. متى سنرى لجان تحقيق وتفتيش تكشف الفساد الذي رافق عمليات الانتقاء التي حرمت أصحاب الحقوق من الحصول على حقوقهم؟!

** السيد المحافظ: أنا لست على علم بحالات كهذه، لكن أقول بيني وبين نفسي من المستحيل هذا. الترشيح يُرسل إلى دمشق عبر الكمبيوتر، وتتم عملية الانتقاء حسب الدور. من الممكن أن تحدث حالات كالتي حدثت في حمص، وأُعفي مدير الشؤون الاجتماعية إثر ذلك. موضوع الشؤون توقف كما تعرف منذ أكثر من خمس سنوات، وبات التسجيل في الشؤون من أجل علامات معينة بين شخص سجّل في العام 2000 وآخر سجل في العام 2005 مثلاً. كانت خطوة جيدة لو التزمنا بها، لأنها منصفة ولكن!

* هناك خلل في العقود الموسمية، خصوصاً في مديرية الزراعة والصحة، إذ تتكرر الأسماء نفسها كل عام، طبعاً هذا في الزراعة.. أما في الصحة فهناك عقود مؤقتة لكنها دائمة في الوقت نفسه. هل من توجيه لإتاحة الفرصة لكل عاطل عن العمل للاستفادة من راتب عمل بعقد مؤقت لثلاثة أشهر؟!

** السيد المحافظ: العقد لا يكرر، ويعطى لمرة واحدة، وإن تكرر فهذه مخالفة وتعليمات رئيس مجلس الوزراء تؤكد ذلك. أتمنى منك أن تضم هذه الحالة إلى الحالات الأخرى لتقديم مذكرة بها ليتم التدقيق في الأسماء، سواء في الزراعة أم الصحة.

 

في مجال الزراعة ومشكلات التسويق

* من المعروف أن محافظة طرطوس من المحافظات الرائدة بإنتاج زيت الزيتون والحمضيات، ماهي الإجراءات التي اتخذتموها في ضوء الصعوبات والمعوقات السابقة، وتلك التي فرضتها الأزمة التي تحول دون تصدير الفائض من زيت الزيتون الذي يتراكم إنتاجه عاماً بعد عام. هل من أسواق خارجية للتصريف، وهل من إمكانية لإقامة معمل لتعليب الزيت وآخر للعصائر الطبيعية من حمضيات وتفاح وغير ذلك، ثم يطرح للاستثمار؟!

** السيد المحافظ: التقيت منذ شهر تقريباً مع السيد وزير الزراعة أثناء وجودي في دمشق، وجلسنا مطولاً وشرحت له الوضع في طرطوس، وقلت له إن الفلاح خاسر في المحافظة، وتمنيت عليه إحداث مؤسسة في طرطوس تحت اسم (مؤسسة تسويق الزيتون) مثل مؤسسة تسويق الأقطان والشمندر السكري مثلاً. يأتي المواطن ويعصر محصوله ويقوم بتسليمه للمؤسسة ويقبض ثمن ذلك. وتمنيت عليه أيضاً مادام إنتاج طرطوس من الحمضيات أكثر من 240 ألف طن، إقامة معمل توضيب ومعمل عصائر طبيعية.. ووعد السيد الوزير بزيارة طرطوس، حاملاً معه مشروعاً أو مشروعين. نحن بانتظاره، وأنا حريص على هذه المحافظة حرصي على أسرتي، لأنها تستحق.. القرى في طرطوس فقيرة وتحتاج إلى كل دعم، وأنا أعدك بالخير إن شاء الله.

* يهطل فوق الحوض الصباب لمحافظة طرطوس نحو 5,2 -3 مليارات متر مكعب من المياه كل عام، ومعظم هذه الكميات تذهب هدراً إلى البحر، لعدم وجود سدود سوى سد الباسل الذي يخزن 103 ملايين متر مكعب، وسد الصوراني 5 ملايين م،3 وسد خليفة 3ملايين م.3. إضافة إلى سد الدريكيش الذي طال انتظاره والذي سيخزن نحو 5 ملايين م3. هل مازالت الحيرة بين إقامة ستارة أسفلتية أو أسمنتية هي العائق دون إنجاز سد الدريكيش الذي تجاوزت مدة التأخير بإنجازه أكثر من عشر سنوات؟!

** السيد المحافظ: أتمنى منك زيارة سد الدريكيش غداً لتجد آليات شركة الإنشاء والتعمير وقد باشرت العمل في المشروع.. سحبنا الأعمال مع فرع السدود وأرسلناها وصدقناها من وزير الإدارة المحلية، وصدقنا العقد من رئيس الوزارة والمالية، وسلمناه أصولاً إلى شركة الإنشاء والتعمير. وأتمنى منك زيارة الموقع غداً لتجد الآليات والكرفانات والبلدوزرات والعمل في الموقع.

* هناك خمس محافظات تؤمن احتياج الدولة من التبغ، في مقدمتها اللاذقية وطرطوس، وهناك معاناة حقيقية تتعلق بتأمين السماد والمبيدات، إضافة إلى المعاناة مع لجان استلام المحصول وتسعيره. هل من إمكانية لتأمين متطلبات الإنتاج وزيادة السعر قياساً بأسعار علبة التبغ المحلية، مما ينعكس إيجاباً على المزارعين، خصوصاً في منطقة الشيخ بدر؟! ومادمنا نتحدث عن الشيخ بدر فهناك معصرة زيتون تابعة للتنظيم الفلاحي، وهي رائدة على مستوى القطر وتعمل على مدار 24 ساعة، وهم بحاجة إلى خط إنتاج آخر، ولكن على ما يبدو هناك من تتضرر مصالحه بالخط الثاني.. هل يمكن إطلاق خط آخر؟!

** السيد المحافظ: زيادة السعر ليس من صلاحية المحافظ. المحافظ يقوم برفع مذكرة يعرض فيها بالاتفاق مع اتحاد الفلاحين، وقد حاولنا أن تصرف قيمة التبوغ ضمن المناطق.. وفيما يتعلق بالأسعار فمن الممكن أن نرفع مذكرة بعد إجراء دراسة لمتطلبات الفلاح نلحظ فيها التكلفة الفعلية.. مزارع التبغ مظلوم ونسعى لإنصافه.

وحول سؤالك عن إمكان تشغيل خط آخر لمعصرة الرابطة الفلاحية في الشيخ بدر، فأنا على استعداد للموافقة على خط ثان وثالث، شريطة توفر الإمكانية لدى اتحاد الفلاحين. ليس لدي مانع شريطة موافقة مديرية الصناعة، ونحن نعدهم بالحصول على هذه الموافقة.

 

في مجال البيئة والعمران والخدمات والسياحة

* خصص موقع وادي الهدّة منذ سنوات عديدة لإقامة معمل لمعالجة القمامة، وفي عام 2004 صدر قرار جديد بتخصيص نحو 30 هكتاراً إضافياً من أملاك الدولة لصالح هذا المشروع، وقد بوشر بالعمل. وفي عام 2007 وضع السيد الرئيس بشار الأسد حجر الأساس للمشروع على أن يكون – مكباً مركزياً- ل قمامة المحافظة، وأن تُعالج النفايات الصلبة فيه. ورغم الوعود المحلية بإنجاز هذا المشروع بسرعة، إلاّ أنه لم يُنته منه.. هل تتفضلون بالحديث عن معوقات هذا المشروع؟

** السيد المحافظ: وادي الهدة بالمختصر كان من ضمن التحديات التي واجهتنا، وقررت مواجهة هذا التحدي. كان هناك خلاف مالي، وتعهدت أنا بحل هذا الخلاف، وحوّلنا قيمة نصف الآليات الموجودة في الوادي، وتمكنا من الوصول إلى المهندس المسؤول، وهو في مصر.. هناك دفعة أخيرة من المعدات ستصل خلال أيام قليلة، وإن شاء الله بحلول الأسبوع الأول من العام القادم تكون جاهزة لتُدشّن على أبعد تقدير في الثامن من آذار، لتنتهي المعاناة فيما يخص موضوع القمامة على مستوى مناطق المحافظة.

* المواطن في طرطوس ينتظر صدور مرسوم جديد لإعداد المخططات التنظيمية وتصديقها وتعديلها، يكون بديلاً عن القانون 5 لعام 1982 وتعديلاته، فهل سيطول انتظاره؟! وما هو مصير تعديل أسس التخطيط العمراني التي لم تعدّل منذ عام 1965؟!

** أجاب على هذا الاستفسار السيد ياسر ديب، رئيس المجلس، موضحاً أن جميع الدراسات شبه منجزة، وقد وعدت الحكومة بأنها ستكون جاهزة في الأشهر القليلة القادمة..

* منذ أكثر من خمس سنوات كنت في عداد لجنة كلفت بدراسة مناطق إيواء في حالات الكوارث الطبيعية والأعمال الحربية، وبالفعل حدّدت اللجنة أماكن تلك المناطق. لكن لماذا لم يُعمل على إعدادها بدلاً مما شاهدناه أثناء الأزمة الحالية لجهة إشغال المدارس وغيرها لإيواء أهلنا الذين هجّرتهم العصابات المجرمة من بيوتهم؟!

** السيد المحافظ: لقد فاجأتنا الأحداث، ولم نكن نعتقد أن ما جرى في سورية من الممكن أن يجري.. لأن سورية كانت على الدوام بلد الأمن والأمان. وعلى كل حال فقد كان الرأي بالنسبة لمن أجبرتهم العصابات المجرمة على مغادرة منازلهم أن نستضيفهم في بيوتنا في طرطوس.. طرطوس المشهورة بكرم الضيافة وبطيبة أهلها ولنا تجارب في هذا المجال. أحسّ أنه من المعيب أن نجهز أماكن مسبقة للإيواء.. بيوتنا جاهزة لاحتضان أهلنا من المحافظات الأخرى.. أي سقف من البيتون أفضل من أحسن خيمة.. الأكل والتدفئة والأدوية مؤمنة والحمد لله.

* برغم ما تكتنزه طرطوس من مواقع أثرية وجمال في الطبيعة، إلا أن السياحة تسير بخطا وئيدة.. وهناك الكثير من المواقع السياحية التي قد تدر مبالغ طائلة للخزينة، وتنعكس إيجابياً على المواطن. في هذه المحافظة مهملة، كغابة النبي متى في الدريكيش، ومغارة جوعيت في الشيخ بدر، على سبيل المثال.. هل من خطة لتحريك عجلة السياحة في المحافظة؟!

** السيد المحافظ: هذا الكلام صحيح، وقبل مدة قصيرة زارتنا السيدة وزيرة السياحة واطّلعنا على كل المشاريع السياحية، وسوف نقوم بتشكيل لجنة بهذا الخصوص يرأسها المحافظ، إضافة إلى مدير السياحة في المحافظة ومدير الآثار والمتاحف وأحد رجال الاستثمار في مجال السياحة وكل الجهات المعنية، وسوف نقدم كل الدعم لكل من يريد الاستثمار في السياحة.. إلا الذي يحتاج إلى المجلس السياحي الأعلى الذي يرأسه رئيس مجلس الوزراء. هناك تسهيلات سياحية إضافة إلى قروض سياحية.. نحن جادّون في عملنا، وأتمنى أن نوفّق، ولينتظرنا المواطن في طرطوس خلال العام القادم إن شاء الله.

* أثبتت الأزمة أن طرطوس من المحافظات الأكثر أمناً في سورية، لعدة أسباب منها: مستوى التعليم، وارتفاع عدد الحاصلين على شهادات علمية. ألا تستحق هذه المحافظة مشاريع استراتيجية تنهض بالواقع الاجتماعي والاقتصادي بشكل ملحوظ؟!

** السيد المحافظ: هذا الكلام دقيق، وقد تحدثت مع السيد رئيس مجلس الوزراء وتمنيت عليه أن تحظى طرطوس برعاية خاصة، لأنها محافظة فقيرة، ولأنه لم تبق قرية تقريباً إلاّ وقدّمت عدداً كبيراً من الشهداء، وما زال الأهالي يقولون بأنهم على استعداد للتضحية بكل ما يملكون في سبيل سورية.. فعلاً لا يوجد أي مشروع حيوي في المحافظة، وقد وعد السيد رئيس مجلس الوزراء، ونحن بانتظار ذلك. علماً أن الموازنة كانت كفيلة بالنهوض بالواقع، لا بالنسبة إلى طرطوس وحسب، بل على مستوى الوطن، ولكن كما تعلم ويعلم الجميع فإن أعمال التخريب والتفجير التي استهدفت البنى التحتية والمقرات الرسمية والمنشآت والمساكن والممتلكات العامة والخاصة أثّرت سلباً على ذلك.. لنكن أولاداً صالحين لهذا الوطن وننتظر وندعو الله كي نخرج من هذه المحنة.

* المكاتب العقارية المتوزعة في مبنى دائرة المصالح العقارية في الدريكيش هي مصدر ابتزاز وفساد، ولا رادع للمبالغ التي تتقاضاها، وكل ورقة لا تأتي عن طريقها تبقى حبيسة الأدراج لعدة أيام.. ما هي الحاجة إلى مثل هذه المكاتب إذا كانت الدائرة متخمة بالموظفين؟!

** السيد المحافظ: هذا ما نسمعه للمرة الأولى، وأتمنى أن تتضمنه المذكرة التي تحدثنا عنها سابقاً، لتتم معالجته بالسرعة القصوى.

* في أول يوم ماطر قطعت عدة مناطق من المحافظة بعضها عن بعض، وخاصة الدريكيش وجنينة رسلان، بسبب عدم تجهيز مصارف المياه وحفر خنادق لتصريفها، وبسبب الأتربة والحجارة والبحص الناتج عن عمليات التوسع في عدة مشاريع، كالكهرباء والهاتف والمياه. وبدت البلديات عاجزة عن القيام بما يجب أن تقوم به، كما حدث مع بلدية الدريكيش وجنينة رسلان، إذ طلب من الخدمات الفنية بطرطوس إرسال بلدوزر لفتح الطريق.. هل يعقل هذا سيدي المحافظ؟!

** السيد المحافظ: هذا يحدث عادة في أول الشتاء، لاسيما أن نسبة الهطول كانت غزيرة جداً، وقد اصطحبت معي في جولة تفقدية على عدة محاور في المحافظة رئيس مجلس المدينة ومدير الخدمات الفنية. هناك تقصير ولكن زيادة الأمطار حالت دون استيعاب فتحات التصريف للمياه. يوجد في مكتب الخدمات بالدريكيش تركس، وكان بالإمكان الاستفادة منه. أشرفتُ شخصياً على العمل للتخفيف قدر الإمكان من الأضرار، والحمد لله لم يكن هناك أضرار كبيرة تذكر، وكانت الأمور كلها تحت السيطرة.

* واقع المرائب في الدريكيش والشيخ بدر سيئ جداً.. فلا مظلات تقي المسافر حر الصيف أو مطر الشتاء، ولا وجود لدورات مياه، وإن وجدت فهي غير جاهزة، والدخول والخروج منها يحتاجان إلى عملية تعقيم. ألا من مساءلة للمستثمر الذي لا يعرف عن الواقع سوى قبض الكراجية من السيارات؟!

** السيد المحافظ: أتمنى أن تراجع رئيس مجلس المدينة في الدريكيش والشيخ بدر وتضعهم في صورة الواقع، وأنا على استعداد لمنح إعانة بعد أن أعرف الكلفة بالضبط. لا أستطيع أن أقدم شيئاً دون التأكد إن كان هناك اعتماد أو لا.. الظروف الراهنة أثرت سلباً على كل شيء.. علينا أن نتحمل هذه السنة الكبيسة.

ختاماً: أشكركم سيادة المحافظ السيد نزار إسماعيل موسى على رحابة صدركم وعملكم الدؤوب، وأتمنى لكم التوفيق والنجاح للنهوض بواقع المحافظة. واسمحوا لي أن أسألكم أخيراً إن كانت تصلكم جريدة (النور)، وما هو رأيكم بالمواد المنشورة عبر صفحاتها؟!

** السيد المحافظ: نعم تصلنا، والمكتب الصحفي في المحافظة يتابع كل ما تكتبه الصحافة المحلية ونقوم بالرد في حال اقتضى ذلك.. أهلاً بكم وأتمنى أن يبقى صوت الصحفي حراً وصادقاً وشفافاً لما فيه خدمة البلاد والعباد!

العدد 1140 - 22/01/2025